علي أبو هميلة - الجزيرة مباشر
لم يكن فريد شوقي ممثلا مصريا عاديا؛ فقد عاش لمدة نصف قرن يقدم للسينما والمسرح والتلفزيون أعمالا متميزة، كان بطلا لأغلبها كممثل بدأ حياته في أدوار ثانوية لم تتجاوز مشاهد قليلة، كما في أغلب أفلامه في البدايات، وتحديدا في الفترة من عام 1946، حيث كان أول أفلامه “ملائكة جهنم” وطوال عشر سنوات ظل ينتقل من مشاهد قليلة في الأفلام حتى صار عنوانا للشر في السينما، واستمر شوقي ليتربع على عرش البطولة السينمائية حتى آخر أفلامه “الغاضبون” في عام 1996، وهو العام الذي توفي فيه فريد شوقي عن عمر يناهز 76 عاما.
انتقل فريد شوقي في أدواره ما بين الشرير في البدايات حتى صار “وحش الشاشة” و”ملك الترسو” البطل الذي يحقق أحلام الجماهير الشعبية، وصارت دور السينما في الأحياء الشعبية عنوانا لأفلام الحركة التي يقوم ببطولتها فريد شوقي.
في مرحلة النضج السينمائي التي شكلتها سينما الستينيات والسبعينيات، بدأ يقدم نوعية جديدة من الأفلام بالإضافة إلى أفلام الحركة التي اشتهر بها، ومن الأفلام الشهيرة له (الأسطى حسن) و(الفتوة) مع صلاح أبو سيف الذي قدَّم معه أيضا (السقا مات)، وهي الفترة نفسها التي قدَّم فيها (باب الحديد) مع يوسف شاهين، الذي قدمه في دور من أدوار الشر في فيلم (صراع في الوادي).
تنوع المخرجون الذين تعامل معهم ملك الترسو فريد شوقي، كما تنوعت أدواره التي انتقلت من البدايات إلى نهاياته، كأدوار الأب الحاني الذي لا يتأخر عن نجدة أولاده أو أهل حارته، لكن أكثر الأفلام كانت مع مخرجَي الحركة نيازي مصطفي وحسام الدين مصطفى، اللذين قدَّما أغلب أفلامه. ولفريد شوقي علامات في السينما المصرية، منها (كلمة شرف) (بالوالدين إحسانا) (الموظفون في الأرض) (الفقراء لا يدخلون الجنة) (حب لا يرى الشمس) (حساب السنين) (عفوا أيها القانون)، وغيرها من عشرات الأفلام المتميزة.
كما تنوعت الأفلام والأدوار والمخرجون، فقد تنوعت إبداعاته للسينما والمسرح والتلفزيون، فقدَّم عددًا من الأعمال تلك كمؤلف لها، ووصل عددها إلى 34 عملا، كما أنتج 14 فيلما سينمائيا، وقدَّم شوقي للمسرح 11 عملا، كان آخرها مسرحية (100 مسا)، ومن الأعمال التلفزيونية التي قدمها وحش الشاشة كما أطلق عليه جمهور السينما المصرية (الشاهد الوحيد) (صابر يا عم صابر) (البخيل وأنا) (الباقي من الزمن ساعة) (أهلا يا جدو العزيز) و(عم حمزة)، وبلغ عدد الأعمال التلفزيونية 18 عملا دراميا.
في أعقاب هزيمة يونيو/حزيران 1967، بدأت رحلة هجرة لنجوم السينما المصرية إلى بيروت حيث شهدت العاصمة اللبنانية نشاطا فنيا كبيرا، وبدأت تظهر نوعية من أفلام الكوميديا الشبابية الخفيفة، وأفلام الحركة، بالإضافة إلى الأفلام الرومانسية.
غادر فريد شوقي مع مخرجه المفضل لأفلام الحركة نيازي مصطفي إلى لبنان، وفي لبنان كان المنتج والممثل التركي جوسيل أرصوي يصور الفيلم التركي (الفتى الذهبي) في بيروت، وطلب من صديقه الفنان المصري أن يشاركه في الفيلم ضيف شرف، ووافق الملك على ذلك مجاملة لصديقه الممثل والمنتج التركي، ولم يكن يدرك إن هذه المجاملة ستفتح أمامه أبواب السينما التركية.
بعد هذا الفيلم، وفي عام 1968، قدَّم شوقي فيلمين هما (خمس نساء مثيرات) و(جميلة) هذا الفيلم الذي حصد فيه فريد شوقي عن دوره البرتقالة الذهبية، جائزة أحسن ممثل مساعد، في مهرجان أنطاليا لأول مرة في تاريخ السينما التركية، لتبدأ رحلة فريد شوقي مع السينما التركية فقدَّم 11 فيلما مصاحبا فيها نيازي مصطفى، والمؤلف المصري أيضا عبد الحي أديب.
صار فريد شوقي نجما كبيرا في السينما التركية خلال ثماني سنوات، واشتهر بأدوار الحركة التي ميزته في تلك الفترة، فقدَّم بالإضافة إلى الفيلمين السابقين أفلام (مغامرات في إسطنبول) (عثمان الجبار) (رجل لا يعرف الخوف) الذي شارك فيه الممثل المصري يوسف شعبان (الصعلوك) و(وحش الأناضول).
لقد صنع فريد شوقي مع الثنائي عبد الحي أديب ونيازي مصطفى تعاونا مع السينما التركية، ودخلوا إلى عالمها مبدعين شاركوا المبدعين الأتراك في تقديم عودة ملموسة بعد انقطاع السينما المصرية عن الحضور حتى ولو بالعرض، حيث قررت تركيا في عام 1939 منع عرض الأفلام المصرية في دور العرض التركية.
كان آخر فيلم مصري عُرض في تركيا هو فيلم الموسيقار محمد عبد الوهاب (دموع الحب) الذي حقق نجاحا فريدا، وكان عشرات الآلاف من الأتراك يقفون أمام دور السينما التركية.
بدأت الأسبوع الماضي 15 ولاية تركية عرض الفيلم المصري (بيت الروبي)، ربما يكون هذا بداية لتعاون مصري تركي جديد في مجال الإنتاج الدرامي والثقافي، الذي تحقق فيه تركيا تقدما كبيرا على مستوى الأعمال السينمائية والتلفزيونية.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس