TRT عربي
أعلنت روسيا في 17 يوليو/تموز الماضي انسحابها من اتفاقية تصدير الحبوب عن طريق البحر من أوكرانيا بعد اتفاق توسّطت فيه الأمم المتحدة وتركيا.
ودخل العالم في حالة من القلق إثر أزمة الحبوب التي جاءت بعد انسحاب روسيا من الاتفاق، واستهداف مواني التصدير الرئيسية، واتّسعت دائرة القلق لتشمل الأرز وتخوفات نقص المعروض العالمي وارتفاع سعره، وسط حظر متتالٍ من الدول لتصديره، على رأسها الهند أكبر مصدّر في العالم، ومن بعدها الإمارات التي تعدّ مركزاً لتجارة الترانزيت في المنطقة العربية.
خبراء ومختصون قالوا لـTRT عربي إنّ عدة دول عربية تأثّرت بالأزمة بعد أن أُجبرت على شراء الحبوب بأسعار مرتفعة نتيجة ارتفاع كلف الشحن والتأمين إلى جانب نقص المورّد إليها، الأمر الذي أحدث طوابير من المواطنين أمام المخابز للحصول على الخبز.
وأشاروا إلى أنّ أكثر الدول المتضررة هي مصر ولبنان وتونس والأردن واليمن، إذ عملت دول منها على رفع طاقتها التخزينية وبدأت بالبحث عن البدائل، وزادت مخزونها الاستراتيجي في وقت ضيق من خلال اللجوء إلى المنح والمساعدات.
ويقول الخبير الزراعي والناطق باسم وزارة الزراعة الأردني السابق نمر حدادين إنّ ارتفاع الأسعار في ظل هذه الأزمة وصل إلى مستوى لا يتحمله بعض الدول المستوردة، خصوصاً الفقيرة، وهو ما ينعكس على الأوضاع الاقتصادية للمواطنين.
ويضيف حدادين في حديثه مع TRT عربي أنّ سلاسل التوريد تعطّلت وحدثت بها اختلالات، الأمر الذي زاد كلفة الشحن والتأمين وسبّب أزمات متتالية للدول المستوردة، مشيراً إلى أنّ أمد الأزمة قد طال.
ويطرح حدادين مثالاً على تضرر الدول العربية قائلاً: "مصر وحدها تستهلك سنوياً ملايين الأطنان من القمح، ومع وجود أزمة الحبوب وتوقّف الإمداد بات الحصول على رغيف خبز أمراً ليس سهلاً".
مستويات الجوع زادت عن وقت كورونا
ووفقاً لتقرير صدر عن البنك الدولي نهاية الشهر الماضي فإنّ مؤشّرات أسعار المنتجات الزراعية والحبوب ارتفعت بنسبة 6% و4% و10% على التوالي.
وكانت الزيادة في أسعار الذرة والقمح بنسبة 12% و14% على التوالي بعد تراجعها في النصف الأول من يوليو/تموز سبباً في الزيادة في مؤشر أسعار الحبوب، فيما ظلت أسعار الأرز مستقرة.
ومقارنة بأسعار يناير/كانون الثاني 2021 فقد ارتفعت أسعار الذرة والقمح والأرز بنسبة 8% و11% و3% على التوالي، حسب نفس التقرير.
وسلّط التقرير الضوء على الجوع وانعدام الأمن الغذائي في العالم والتحديات والفرص التي تصاحب التوسع الحضري في سياق أنظمة الأغذية الزراعية، إذ ظل قياس مستويات الجوع على مستوى العالم وفق معدل انتشار سوء التغذية دون تغيير نسبياً في الفترة من 2021 إلى 2022.
لكنّ التقرير يشير إلى أنّ مستويات الجوع على مستوى العالم لا تزال أعلى بصورة كبيرة مقارنة بفترة ما قبل جائحة كورونا.
أزمة مقلقة ومتفاقمة
ويرى الخبير بالأمن الغذائي وائل منصور أنّ وقف اتفاقية الحبوب سوف يعوق بشدة التقدم نحو التخفيف من أزمة الغذاء في الشرق الأوسط، وتحديداً في اليمن ومصر والأردن ولبنان وشمال إفريقيا، موضحاً أنّ استمرار الصراع يعني مزيداً من نقص الغذاء.
وينوّه منصور في حديثه مع TRT عربي بأنّ اليمن يستورد 40% من احتياجاته من القمح من روسيا وأوكرانيا، ومصر تستورد قرابة 60%، وتونس 70%، والأردن نحو 10%، ولبنان 30%.
ويضيف أنّ المؤشرات الاقتصادية الحالية تُظهِر أزمة مقلقة ومتفاقمة في حالة هذه البلدان لأنّ القطاعات الغذائية فيها ضعيفة، مشيراً إلى أنّ عدم الاستقرار الاقتصادي ومحدودية الزراعة المحلية والافتقار إلى احتياطيات من الحبوب ستؤدي إلى تفاقم أزمة الغذاء.
ويشدّد خبير الأمن الغذائي على أهميّة أن تنشئ الدول العربية مراكز غذائية جماعية ومراكز تخزين وتوزيع إقليمية لوجستية توفّر الاحتياجات وتحفظ المخزونات لتلافي أي أزمات في المستقبل، مضيفاً أنّه "لا بدّ من تدعيم السياسات الزراعية في هذه الدول لسدّ جزء من احتياجها، وتسهيل آليات استغلال الأراضي وزراعتها".
ويختم منصور حديثه قائلاً إنّ اتفاقية الحبوب الدولية هي بوصلة الأمن الغذائي العالمي، و"على المجتمع الدولي إعادة تفعليها لضمان استمرار سلاسل التوريد، ومنع وقوع مزيد من المجاعات واتساع رقعة الجوع في العالم".
مصر على رأس القائمة
وتشير الأرقام المنشورة على موقع الأمم المتحدة إلى أنّ مصر تأتي في مقدمة دول الشرق الأوسط التي تعتمد على استيراد الحبوب من روسيا وأوكرانيا، بما يساوي 23 مليار دولار في الفترة بين عامَي 2016 و2020.
وتليها السعودية بمبلغ 17 مليار دولار في الفترة نفسها، ، ثم المغرب بمبلغ 8.7 مليار دولار، والإمارات بـ6.1 مليار دولار، والجزائر بمبلغ 5.5 مليار دولار في الفترة بين عامَي 2016 و2017، ثم تونس والسودان والأردن واليمن وليبيا وفلسطين والكويت وقطر وعمان.
ووفقاً لبيانات الأمم المتحدة، ومنذ توقيع اتفاقية الحبوب في يوليو/تموز 2022 تصدرت مصر قائمة الدول العربية المستوردة للحبوب بنحو 998 ألف طن من الذرة، و418 ألف طن من القمح، و131 ألف طن من حبوب الصويا، بالإضافة إلى 4.6 ألف طن من حبوب وزيت عباد الشمس.
واستورد لبنان 54 ألف طن من الذرة و34 ألف طن من القمح، وليبيا 111 ألف طن من الشعير و391 ألف طن ذرة و53 ألف طن قمح، فيما اشترت المغرب 100 ألف طن وجبة عباد الشمس، و11 ألف طن بذور عباد الشمس، حسب بيانات الأمم المتحدة.
كما حصلت تونس على 384 ألف طن ذرة و222 ألف طن قمح و99 ألف طن شعير، واليمن 259 ألف طن قمح، واستملت السعودية 180 ألف طن من القمح و62 ألف طن من الذرة، والجزائر 212 ألف طن من القمح، ووصل العراق إلى 38 ألف طن من الذرة، والأردن 5 آلاف طن من الشعير.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!