وداد بيلغن – صحيفة وطن – ترجمة وتحرير ترك برس
الآن وقت السحور في تركستان الشرقية، عائلات الأويغور التركية لا تضيء منازلها، هناك يتم إجبار الطلبة على الإفطار، ويتم إطعامهم رغما عنهم، ويُمنعون من دخول المساجد، ويتعرض مطلقو اللحية من الأتراك إلى التعذيب والاضطهاد، وتُزج النساء اللواتي يرتدين الحجاب الملوّن بألوان العلم التركي في السجون.
هذا لا يحدث فقط في تركستان الشرقية، وإنما الأمر مماثل للتركمان في سوريا والعراق، والأمر ممثل للأتراك في القرم، وللأتراك الأذر في الجبل الأسود، وكان الأمر مماثلا في البوسنة والهرسك بالأمس القريب.
الدين والهوية
يعتبر الدين أحد المحددات الأساسية لهوية وثقافة المجتمعات، ولهذا كان الدين دوما يتصدر الأمور التي تسعى قوى الاستعمار إلى طمسها في الشعوب المحتلة، والتي فقدت استقلالها وحريتها، لأن الدين يمثل الهوية القومية لتلك الشعوب.
وهذا ما قامت به قوى الاستعمار الغربية، وكل قوى الاستعمار الأخرى، وهذا ما يقوم به الحزب الاشتراكي الذي يحكم في الصين، حتى يجعل كل المسلمين في تركستان الشرقية تحت الضغط والاضطهاد، وهم بذلك لا يعدمون حقوق الإنسان فحسب، وإنما يدمرون هوية الشعب، حتى يبقى منصهرا مع دولتهم.
وهذا الأمر غير منحصر في تركستان الشرقية، فما يعيشه التركمان في سوريا في رمضان هذا العام، تحوّل إلى كابوس، فأنْ تكون تركمانيا في سوريا، يعني أنّك عدوّ بنظر نظام البعث.
ولم يكن نمو وصعود حزب الاتحاد الديمقراطي بدعم داعش تحت ظل نظام البعث أمرا تصادفيا، فما يحدث في سوريا هو تدمير لكل التركمان والعرب وحتى الأكراد الذين لا ينتمون لحزب العمال الكردستاني وحزب الاتحاد الديمقراطي، وهذا يتم بدعم غربي.
وهذا الاضطهاد يضع أمام المضطهدين خيارين لا ثالث لهما، إما الهجرة وإما الموت، وسبب هذه الجرائم هو سياسة تركيا التي خرجت من طور التحالف الطبيعي مع الغرب الذين اعتادوا على ذلك على مدار سنوات طويلة مضت، وهم يسعون من ذلك إلى إفشال مشروع تركيا التي تسعى من خلاله إلى تحقيق الاستقلال التام عن هيمنة الغرب المستمرة منذ 100 عام، ولذلك لا يريدون لتركيا أنْ تصبح نموذجا يُحتذى به في المنطقة.
أنْ تكون مذنبا
نحن لا نتحدث عن عام 1915، وإنما نتحدث عن القرن الواحد والعشرين، الذي يعيش فيه الأتراك في الجبل الأسود وفي القرم وفي العراق وسوريا وكل شعوب المنطقة تحت هجوم شرس يدمّر الشعوب ومقدرات الدول، ومع ذلك يبقى العالم صامتا لا يتكلم، أليس هذا غريب؟
لو لم تكن تركيا قوية، لما استطاعت تحمل حجم الهجرات التي تدفقت إليها من الأتراك ومن الشعوب الشقيقة التي تربطنا بهم علاقات وثقافة ودين وحضارة مشتركة.
الاستيقاظ للسحور أصبح اليوم ذنبا في تركستان الشرقية، وسيصبح غدا عدم تسمية الأبناء بأسماء صينية ذنبا. اليوم، الذهاب إلى المسجد في القرم ذنب يُحاسبون عليه، وسيصبح غدا اللغة التي يتكلمون فيها ذنبا.
هم بكل تأكيد لم يتراجعوا على الإطلاق لإضعاف الدولة التركية التي تعتبر الوجهة الأساسية لهؤلاء المظلومين المضطهدين، سواء من العناصر الداخلية أو الخارجية، فقد سعوا ويسعون حتى الآن إلى تدمير قوة تركيا ووجودها ونفوذها.
من يريد الفوضى لتركيا، هم المنزعجون من تطورها وتقدمها، ومن يفتح الحرب على تركيا من الإعلام الغربي، يدركون جيدا ماذا يفعلون وماذا يريدون.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس