د. أحمد موفق زيدان - عربي21
مع استمرار المجازر والمذابح بحق أهلنا في غزة الحبيبة، ومع تكالب الغرب كله خلف الاحتلال الصهيوني دعما ومساندة في جرائمه ومجازره، يواصل النظام السوري مدعوما من الاحتلال الروسي والإيراني جرائمه ليس بحق الشعب السوري فقط، وإنما ليكثف حملات تهريبه لسموم الكبتاغون وأنواع المخدرات، مدعومة هذه المرة بتهريب الأسلحة إلى الأردن، لتغدو حملات التهريب يومية، مما أدى إلى اشتباك مسلح مع عصابات التهريب المدعومة حكوميا وإقليميا بحسب التصريحات الرسمية، وهي إشارة إلى تورط إيران في التهريب؛ هذه الاشتباكات استمرت لأول مرة لتسع ساعات سقط فيها قتلى وجرحى من الطرفين، مما دفع وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي إلى القول إن شحنات تهريب الأسلحة تضاعفت مع عودة النظام السوري إلى الجامعة العربية.
وقد شنت نخب أردنية هجوما هو الأعنف من نوعه على النظام السوري متهمة إياه بزعزعة الاستقرار فيه، لا سيما وقد ترافق مع إطلاق فصائل شيعية عراقية طائرة مسيرة باتجاه إيلات المحتلة، في الوقت الذي ظلت جبهة النظام السوري مع الصهاينة آمنة مستقرة، على الرغم من القصف الروتيني الذي يطال مطار دمشق وحلب المحتلين من قبل الحرس الثوري الإيراني، ولكن مع هذا لم يسجل موقف واضح لرأس النظام السوري تجاه ما يجري في غزة، فضلا عن فتح جبهته تجاه الاحتلال الصهيوني، الذي هدده منذ اليوم الأول للعدوان على غزة بعواقب وخيمة إن تدخل عسكريا.
لم يعد سرا للعالم كله بعد التحقيقات التي أجرتها كبرى وسائل الإعلام الدولية، من النيويورك تايمز إلى اللوموند وسي إن إن وبي بي سي والفورين بوليسي وغيرها من وسائل الإعلام الدولية، تورط النظام السوري ممثلا بماهر الأسد، قائد الفرقة الرابعة وشقيق رأس النظام السوري، بالإضافة إلى تورط إيران وحزب الله في هذه التجارة، صناعة وتهريبا، وهو الأمر الذي يدرُّ بحسب وسائل إعلام بريطانية 57 مليار دولار.
وقد تم الكشف مؤخرا عن مصنعين لصناعة هذه الآفة الخطيرة في كل من ألمانيا وبريطانيا، مما أكد أن المسألة لم تعد خاصة بالسوريين وبجوارهم، وإنما تتعداه إلى الخطر العالمي، وهو ما دفع الرئيس الأمريكي جو بايدن لتشريع قانون ضد من وُصف بملك الكبتاغون بشار الأسد، ولكن على الرغم من مرور عام على توقيع التشريع إلّا أن التجارة تزداد وتزدهر أكثر من السابق.
الواضح أن الأردن اليوم بالنسبة للنظام السوري ومن خلفه إيران وحزب الله؛ عبارة عن محطة من أجل تصدير المخدرات لدول الخليج، والسعودية تحديدا، وعلى الرغم من تصاعد التصدير إلى السعودية، لكن ظلت الأخيرة تستقبله، ولكن تردي الأوضاع الاقتصادية الداخلية بشكل مريع أخيرا جعلت منه حصانا خاسرا ربما لمن راهن عليه من القوى الدولية الإقليمية بعد أن تدهورت العملة السورية بنسبة مائة في المائة خلال الأشهر الماضية بحيث وصل صرف الدولار إلى 14 ألف ليرة سورية، بينما راتب الموظف أقل من العشرين دولارا في الشهر الواحد، الأمر الذي وضع أكثر من 90 في المائة من الشعب تحت خط الفقر.
ومع انشغال روسيا وإيران بأوضاعهما وحروبهما، فقد تُرك النظام لوحده من حيث التعاطي مع المسألة الاقتصادية والمعيشية، بخلاف الدعم العسكري الذي لا تزالان متعهدتين وملتزمتين به حتى الآن.
في مقابل هذا تعزز إيران تحديدا دورها ونفوذها في المجتمع السوري مع تهجير أكثر من 14 مليون سني من الحواضر السنية الكبرى، هذا التعزيز يشتمل على شراء العقارات، وتمليكها للأشخاص الذين تختارهم، ضمن خطة أكبر من سوريا كشفت عنها صحيفة "تركيا" في تحقيق لافت، وهو ما عُرف بمشروع أطلس شيعي رعاه منذ البداية قاسم سليماني ويجري العمل عليه منذ بداية الثورة الإيرانية 1979، وقد صُرف له حتى الآن بحسب الصحيفة أكثر من 200 مليار دولار. ويشمل المشروع دول الهلال الشيعي الذي استهدفتها إيران: العراق وسوريا ولبنان واليمن، واليوم تضاف إليه تركيا. وأضافت الصحيفة أن من ضمن المشروع الآن شراء 90 ألف شقة في تركيا، من بينها 30 ألف شقة طلب الحرس الثوري الإيراني شراءها في مناطق وأحياء معينة لشخصيات تعمل مع الحكومة الإيرانية.
وفي خطوة إيرانية متقدمة تجاه العبث بالتعليم الجامعي السوري أقامت الملحقية الثقافية الإيرانية بالتنسيق مع كلية اللغة الفارسية في قسم الآداب بجامعة دمشق احتفالا بمناسبة ليلة يلدا، وهي الليلة التي يؤمن بعض الأقوام في إيران بأنها الأطول ليلة في العام، وهي سابقة غير معهودة بمسيرة الجامعة، مما يعكس مدى التغلغل الإيراني في المجتمع السوري.
وسبق أن أقامت الملحقية الثقافية أيضا معرضا مع كلية الفنون الجميلة في الجامعة بعنوان" الخميني في مرآة الفن السوري"، وهو ما لم يحصل خلال خمسين عاما حتى لحافظ ولبشار. وكان الاختراق الإيراني قد تم عبر فتح فروع لجامعات إيرانية في سوريا، بالإضافة إلى تعهد جامعة طهران بفتح فرع لها في دمشق.
وكانت جامعة طهران قد منحت أخيرا الدكتوراه الفخرية لبشار الأسد، وهو ما دفع أستاذ يعمل في جامعة طهران يدعى مرتضى نعمتى، أستاذ الجغرافيا والتطوير الحضري، إلى تمزيق شهادته أمام الكاميرا، حيث رأى أنه لا يشرفه العمل في جامعة تمنح درجة الدكتوراة لديكتاتور مستبد.
الظاهر أن إيران تسعى إلى استغلال دخان معارك غزة من أجل العبث أكثر فأكثر في المجتمع السوري، وحتى الأردني، وغيرهما، مستغلة انشغال العالم العربي والإسلامي بمأساة غزة، وصمت الكثيرين على جرائمها تحت شعار هذا الدعم.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس