محمد قدو الأفندي - خاص ترك برس
لن أتطرق إلى حيثيات مباراة الناديين التركيين في السعودية بتفاصيلها رغم أن تلك الحادثة أريد لها بكل الأحوال أن تظهر كمادة إعلامية جاهزة لتوجيهها توجيها سياسيا لأغراض مريضة لوضع حواجز لعلاقات البلدين التي أريد لها أن لا تستمر بالتقدم إلى الأمام.
القيادتان السعودية والتركية قد حزما أمرهما لتطوير العلاقات الثنائية بينهما في مختلف المجالات، وفي نفس الوقت قد تم إغلاق كل ملفات الخلافات أو تركينها في الرفوف العالية المنسية لمنع حدوث أي تراجع في مسيرة تطوير تلك العلاقات.
وبالطبع وكما يعلم الجميع فإن هناك خصوصية لكل من البلدين في تقييم أو إظهار علاقاتهما الخارجية فمن المعلوم وكما ذكرت في أكثر من مقالة أن القيادات السعودية السابقة والحالية تتأنى كثيرا في مسألة إقامة العلاقات الخارجية الثنائية مع الدول، وهذه الخاصية للقيادة السعودية مفيدة جدا لكونها مطمئنة للجانب المقابل لأنها تضفي جدية وإخلاصا من الجانب السعودي في تلك العلاقات.
وتركيا من ناحيتها كونها دولة لها أكثر من مؤسسة تشريعية وأخرى تنفيذية فإن تحسن أو إقامة علاقاتها الثنائية مع الدول الأخرى تبدو أيضا غير مقلقة للجانب الآخر أو الدولة الأخرى إضافة إلى أنها دولة براغماتية إيجابية تبحث عن مصلحتها، وعليه فإن التنصل السريع أو التقلب في علاقاتها مع باقي الدول لايدخل في حسبان توجهات الدولة.
والمجتمع التركي والذي خلق كيانا له منذ حرب التحرير وتأسيس الدولة التركية قد اصطبغ وتقمص دور الجندي في معظم فتراته، وزاد من تلك النظرة أن الزعماء الأتراك في الفترات السابقة المرتبطين ارتباطا وثيقا بالمؤسسة العسكرية قد تسلحوا بنظرية وجود أعداء دائمين لتركيا، ورغم أن هذه الأفكار أصبحت بالية إلا أن هناك من يحاول في بعض الأحيان إيقادها من تحت الرماد والتي غالبا ما تكون اعتباطية وغير مجدية خامدة وآنية.
وهناك أمر آخر تختص به المعارضة التركية والتي تتقن منذ فترة في تصدير خلافاتها مع الدولة إلى الخارج حتى لو أدى ذلك إلى الإضرار بالمصلحة التركية الوطنية ولأنها تمتلك مؤسسات إعلامية خاصة بها ومهيمنة لحد ما على الإعلام فإنها تستطيع أحيانا تقديم بعض الملفات المؤذية وحسب أهوائها أو حسب أهواء جهات داخلية أو خارجية للرأي العام التركي.
تركيا وإحاطة لكل هذه الافتراءات ودحضها سواء اكانت إعلامية تبثها جهات خارجية أو جهات إعلامية تختص بها المعارضة في الداخل تحاول من خلال هيئة تأسست مؤخرا لمنع هذا التضليل الإعلامي والمرتبطة بالدولة التركية لوقاية المجتمع التركي من هذه الافتراءات أو لحماية مصالحها القومية وعلاقاتها الثنائية مع مختلف دول العالم وخصوصا الإقليمية.
إن التقارب التركي مع الدول العربية لا زال في نظر بعض الأطراف التركية الحزبية غير مقبول كبديل لتوجه تركيا الجديد لأن هذه الأطراف ترى أن علاقات تركيا الطبيعية ستكون مع الغرب عموما سواء أكانت أوروبية أو مع الولايات المتحدة باعتبار أن تركيا عضو في حلف الناتو الغربي، إضافة إلى وجود أمل حقيقي في التقارب الكبير مع الاتحاد الأوروبي وربما الانضمام للاتحاد.
وعود على بدء فإن المشكلة التي اختلقت بواسطة طرف ما من اتحاد الكرة التركي لم تكن لتمر مرور الكرام وكما خطط لها لولا وجود القيادتين الواعيتين والتي استطاعت بكل جدارة قبر المشكلة تماما.
لكن الأقلام المغرضة وحتى بعض الصحف من خلال كتابها الغير المسؤولين كانت قد ملأت صفحاتها بأنواع الاتهامات والكثير من التهجمات الرخيصة غير الجديرة بقراءتها أو حتى الرد عليها، وكما هو حال الباحثين عن مواد صحفية فإن جهات إعلامية من خارج أبناء الدولتين قد أسهموا في محاولة خلق أزمة بين أبناء البلدين.
ومن طبيعة ماجرى في أزمة الكرة وحرص الدولتين على منع تحول هذه المشكلة إلى أزمة ربما تؤثر على بعض جوانب العلاقات الأخوية الحميمية بين الشعبين المسلمين تحديدا، وإسهاما من الدولتين في مواصلة التقارب وتطوير العلاقات الثنائية بين الدولتين حكومة وشعبا أرى أن المبادرة في تأسيس ملتقى اعلامي أو تأسيس هيئة إعلامية مشتركة بينهما أو تأسيس مركز دراسات سعودية في تركيا ومركز دراسات تركية في السعودية وقيامها بنشاطات ترسخ علاقات الأخوة بين الشعبين، وكذلك فإن إصدار صحيفة تختص بالشأن السعودي والعلاقات السعودية مع تركيا في تركيا من قبل كتاب من البلدين وبالغتين العربية والتركية وكذا في السعودية إصدار مشترك لصحيفة تركية من كتاب سعوديين وأتراك وباللغتين ذاتها، أو بإصدار إلكتروني معا وباللغتين، كما أن ترتيب زيارات للصحفيين والباحثين من الدولتين للسعودية أو لتركيا بصورة دورية والتنسيق بينهما في مختلف المواضيع المتعلقة بعلاقات البلدين لها فوائد وتأثيرات إيجابية عميقة لتأسيس أواصر ثقة متبادلة لمصلحة البلدين حكومة وشعبا.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس