إسماعيل ياشا - عربي21
أعلن حزب العدالة والتنمية في 7 كانون الثاني/ يناير، أسماء مرشحيه للانتخابات المحلية في بعض المدن، بما فيها مدينة إسطنبول. ورشح الحزب وزير البيئة والتخطيط العمراني السابق، النائب مراد قوروم، ليتنافس مع مرشح حزب الشعب الجمهوري، رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو. وكان قوروم أقوى مرشح لخوض الانتخابات المحلية في إسطنبول باسم حزب العدالة والتنمية، وبالتالي لم يكن ترشيحه مفاجئا، بل إنه حظي بترحيب واسع في صفوف الحزب الحاكم وحلفائه.
إسطنبول تعاني من مشاكل عديدة، على رأسها البيوت القديمة المتهالكة التي يتوقع ألا تصمد أمام الزلازل، ويجب هدم تلك البيوت وبناء عمائر جديدة مكانها في إطار مواجهة خطر الزلزال. وكان إمام أوغلو تعهد خلال حملته الانتخابية بأنه سيبني 100 ألف شقة سكنية جديدة، إلا أنه لم يبن خلال رئاسته لبلدية إسطنبول غير 5 آلاف شقة فقط. وأما المهندس قوروم فعمل لسنين طويلة خبيرا في رئاسة إدارة التنمية السكنية "توكي"، الأمر الذي يسجل لصالحه في إنجاز المشاريع المتعلقة بالتحول العمراني الذي تحتاج إليه إسطنبول. ومن المؤكد أن حزب العدالة والتنمية رشحه لرئاسة بلدية إسطنبول نظرا لخبرته الواسعة في هذا المجال.
قوروم يشدد منذ ترشيحه على أنه سيبذل كافة جهوده فقط من أجل خدمة سكان إسطنبول. ويبدو أن هذا سيكون أهم شعار في حملته الانتخابية، لأنه يذكِّر الناخبين بأن إمام أوغلو أهمل وظائفه في رئاسة بلدية إسطنبول بسبب انشغاله بالانتخابات الرئاسية، كما أنه يسعى الآن إلى تولي رئاسة حزب الشعب الجمهوري، بدلا من التركيز على خدمة المدينة العريقة وحل مشاكلها.
حملة قوروم الانتخابية بدأت مباشرة بعد إعلان ترشيحه لرئاسة بلدية إسطنبول، وهي مبنية على تقديم حلول لمشاكل المدينة، كأزمة المرور وأزمة المياه وغيرهما. وكان قوروم انتخب نائبا عن إسطنبول في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، وقام آنذاك بحملة انتخابية ناجحة. وهو يفضل لقاء الناخبين، والاستماع إليهم، ويتم استقباله بحفاوة في الأماكن التي يزورها.
ترشيح مراد قوروم للانتخابات المحلية في إسطنبول أثار قلقا في صفوف حزب الشعب الجمهوري، وأربك حساباته، وسرعان ما أطلق الحزب حملة في وسائل الإعلام التقليدية ومواقع التواصل الاجتماعي لتشويه سمعة مرشح حزب العدالة والتنمية والتقليل من أهمية ترشيحه. ومن المعلوم أن هذا الأسلوب هو ما يتقنه رئيس بلدية إسطنبول وفريقه.
حملة إمام أوغلو الانتخابية مبنية على الدعاية، وفي هذا الإطار يصرف الرجل ملايين الدولارات للإعلانات وحسابات بمواقع التواصل الاجتماعي، لتقوم بتلك المهمة. إلا أن سكان إسطنبول أنفسهم رأوا خلال خمس سنوات مدى فشله، ما يعني أن شمس هذه الحقيقة لا يمكن أن تغطى بغربال الدعاية.
إمام أوغلو فاز في الانتخابات المحلية السابقة بفارق ضئيل للغاية، وفي جولة الإعادة التي أجريت بعد إلغاء نتائج الانتخابات بسبب ما شابها من شكوك، زادت نسبة التصويت لصالحه. وكان منافسه مرشح تحالف الجمهور بن علي يلدريم، وكان التنافس بين مرشح شاب مبتسم غير معروف وآخر كبير في السن. وأما في هذه الانتخابات فسيكون التنافس بين مرشحين أحدهما "فاشل متكبر" والآخر "ناجح متواضع"، كما أن قوروم شاب يتمتع بالنشاط والحيوية.
مرشح التحالف المعارض، كمال كليتشدار أوغلو، حصل في الانتخابات الرئاسية الأخيرة على 51.78 في المائة من أصوات الناخبين في إسطنبول، فيما حصل مرشح تحالف الجمهور، رئيس الجمهورية التركي رجب طيب أردوغان، على 48.22 في المائة. إلا أن الانتخابات المحلية تختلف عن الانتخابات الرئاسية، كما أن الحزب الجيد برئاسة ميرال أكشينار سيخوض هذه الانتخابات بمرشحه ولن يدعم مرشح حزب الشعب الجمهوري. وإضافة إلى ذلك، فإن إمام أوغلو هو الذي أسقط كليتشدار أوغلو من رئاسة حزب الشعب الجمهوري، ولذلك فقد يمتنع مؤيدو هذا الأخير عن التصويت له في 31 آذار/ مارس القادم.
التصويت في الانتخابات الديمقراطية يفترض أن يكون لاختيار الأصلح الذي يتوقع أنه سيخدم الشعب أكثر، إلا أن الانتماء الأيديولوجي يلعب دورا كبيرا في الانتخابات التركية، ولذلك يفوز بعض المرشحين رغم فشلهم الذريع. ولو أن رئيس بلدية إسطنبول يتم انتخابه بناء على الخبرة والكفاءة لفاز قوروم بفارق كبير.
إسطنبول ستكون محط الأنظار في الانتخابات المحلية المقرر إجراؤها في 31 آذار/ مارس القادم، ويُتوقع أن يفوز قوروم أو إمام أوغلو بفارق قليل، وأما المرشحون الآخرون فلا حظ لهم في هذه الانتخابات.
هناك استطلاعات للرأي تظهر تقدم قوروم على إمام أوغلو، وأخرى تظهر تقدم إمام أوغلو على قوروم، إلا أن كثيرا من شركات استطلاعات الرأي فقدت مصداقيتها في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، لأنها كانت تقول إن كليتشدار أوغلو يتقدم على أردوغان بفارق كبير. ومن المؤكد أن التنافس بين المرشحين سيستمر حتى اللحظة الأخيرة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس