ترك برس
في ظل المخاطر الجسيمة التي تهدد تركيا بالقرب من حدودها الجنوبية وبالتحديد من جهة حدودها مع العراق وسوريا حيث يوجد خطر كردي؛ يتمثل في تأسيس دولة كردية تشجع أكراد تركيا على الانقسام الفعلي والانضمام لهذه الدولة، وخطر داعشي؛ يتمثل في دولة تعترف "بالإرهاب والإجرام" على أنه أمر طبيعي يمكن استخدامه تحت شعار "أحكام الشريعة الإسلامية"؛ هذه هي المقدمة التي يبدأ الباحث في مركز الدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية (سيتا) "مراد يشيل" تقريره التحريري بما يخص حدود تركيا والأوضاع الأمنية المحيطة بها.
يقول يشيل إن "أوضاع أمن الحدود التركية أصبح موضوعًا يهم الشأن القومي والدولي"، ويبين أنّ "هناك تهديدًا داخليًا وخارجيًا لأمن الحدود التركية، أما التهديد الداخلي فيتمثل بتهجم بعض القيادات الكردية على الحكومة والقيادة الكردية واتهامها بدعم داعش لوجستياً وماديًا دون أي إثبات أو دليل، الأمر الذي يشكل ضغطًا دوليًا ظالمًا على تركيا. والمثير في الأمر أنّ أحزاب المعارضة "التركية" أيضاً بدأت تضرب الحكومة التركية وتتهمها بالتعاون مع داعش!".
وعلى صعيد أخر يوضح يشيل التهديد الخارجي بأنه "يتمثل في تهديدين خطرين جداً؛ هما الخطر الكردي والخطر الداعشي، وقد قمنا بشرح خطرهم على تركيا وحدودها في المقدمة، وهذان الخطران هدفهم إحداث تغيير جيوسياسي في في أهدافها التي "تسعى السيطرة على أكبر بقعة جغرافية ممكنة وبكافة الوسائل"، وما يجعل تركيا أمام مأزق كبير هو قيام الغرب بالتواطؤ مع حزب الاتحاد الديمقراطي "بي يي دي" ودعمه في تحقيق هدفه الرامي لتأسيس دولة كردية بمحاذة تركيا، ويزيد الغرب من الطين بلة عندما يقول بأن عدم دعم تركيا للتحالف الدولي يثبت دعمها لداعش ووقوفها بجانبها".
ويؤكد الكاتب بأن "هناك خطرًا جديًا يهدد تركيا وأمنها الحدودي ويجبرها على اتخاذ خطوات عملية وجادة من أجل تأمين حدودها".
وتحت عنوان "أمن الحدود المتغير" يشرح الكاتب مفهوم أمن الحدود والتغيرات التي مر بها؛ وتحت هذا العنوان يوضح الكاتب مفهوم أمن الحدود والتغيرات التي مر بها بهذا الشكل:
"حزب العدالة والتنمية، منذ قدومه وإلى تاريخ الثورة السورية، حاول تغيير مفهوم أمن الحدود "القومي" الكلاسيكي وجعله أكثر انسيابية وأكثر انفتاحًا، وخاصة في ظل مبادئ العدالة والتنمية التي أهم أحد مبائها هو "تصفير المشاكل مع الجيران"؛ عمل حزب العدالة والتنمية على رفع التأشيرات اللازمة للسفر بشكل متبادل بينها وبين الدول الجارة الأمر الذي زاد من انسيابية الحدود وسهولة المرور منها، بعبارة أخرى حزب العدالة والتنمية حول الحدود من مفهوم أمني إلى مفهوم ثقافي ناعم الهدف منه التقارب مع الدول الجارة لتطوير العلاقات السياسية والاقتصادية، هذا المفهوم الجديد للحدود أضعف من مفهوم الدولة القومية وأدخل تركيا إلى مصطلح "الإقليمية" التي تضعف مفهوم الدولة القومية وأمن حدودها المشدد".
ويقول الكاتب بأن "ثورة سوريا، التي حدثت عام 2011، كانت ليس بحسبان وجأت على شكل ضربة قوية لتركيا وأمن حدودها التي تحولت إلى حدود انسيابية ومكشوفة، بعد ضعف وانكشاف الحدود وبعد الثورة السورية وماخلفته من فوضى أصبح هناك الكثير من التهديدات الخطيرة التي تهدد تركيا وأمن حدودها، خاصة بعد قيام تركيا، قبل ثورات الربيع العربي، بتحويل الحدود من حدود "عسكرية" إلى "مدنية" بدلًا من أن يحكمها الجيش أصبح يحكمها شرطة مدنية "تنظيمية" وليس حدودية وأمنية، ولكن بعد الثورة السورية والفوضى العراقية عادت تركية بشكل "مضعضع وضعيف" لإعادة تأهيل أمن حدودها وتقويته ولكن ما زال الوضع الأمني على الحدود غير مطمئن وذلك لتأخر الحكومة والخارجية التركية في اتخاذ قرار نشر القوات العسكرية بشكل قوي على الحدود، واليوم تسعى تركيا بكل أجهزتها السياسية والعسكرية إلى إعادة حماية حدودها".
وكتقييم للوضع الأمني للحدود التركية يشرح الكاتب هذا الوضع ومستقبل الحدود تحت عنوان "مستقبل أمن الحدود التركية"، ويشرع الكاتب في تقييمه بقوله "إنه لمن الصعب جداً القول بأن تركيا استطاعت الآن توفير الوضع اللازم لحماية حدودها وتأمينها".
ويتابع الكاتب قائلاً: "على الرغم من مرونة حزب العدالة والتنمية تجاه الأمن الحدودي في فترة من الفترات إلا أنه يجب ألا نعول بشكل كبير على حزب العدالة والتنمية وذلك لأنه كان من الصعب جداً توقع ما يحدث في سوريا اليوم، خاصة الحالة القوية التي أصبح يتمتع بها حزب الاتحاد الديمقراطي وداعش، لم يكن أحد يخمن في يومٍ من الأيام استمرار الوضع في سوريا بهذا الشكل ولم يتوقع أحد بأن الوضع في سوريا سيولد خطرين قويين بهذا الشكل".
ويضيف الكاتب بأن "الأحداث والتطورات الجارية على الساحة السورية ستدفع تركيا إلى اتخاذ إجراءات خشنة وقوية لتأمين حدودها مع العراق وسوريا، ويمكن للسياسة الخارجية التركية أن تضيف عنصر موازي للخطرين الجثامين على حدودها مع سوريا، هذا العنصر سيوفر الحماية للحدود التركية وسيساعد تركيا في القضاء على الخطرين المداهمين لها، وفي النهاية قرار التدخل العسكري التركي في شمال سوريا والموصل ستوضحه أنقرة في الأيام المقبلة ونتمنى الأمن والسلامة لتركيا وشعبها".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!