ترك برس
ذكرت صحيفة عربي21 الإلكترونية نقلا عن مصادر محلية عراقية أن هناك تحضيرات لتنفيذ أكبر عملية عسكرية تركية في شمال العراق لإنشاء منطقة عازلة من جهة إقليم كردستان.
وقالت الصحيفة في تقرير لها إن الزيارات المكوكية بين مسؤولي العراق وتركيا، تمثل الهدوء ما قبل العاصفة، فإنها وفق مراقبين تحمل معها تحضيرات لعملية عسكرية كبرى، تشمل مناطق حدودية في العراق وسوريا.
وزار أمس الخميس، وفد تركي رفيع ضم كلا من وزير الخارجية هاكان فيدان ووزير الدفاع يشار يولر، ورئيس الاستخبارات إبراهيم كالن، حيث التقى بهم وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين والدفاع، ووكيل وزارة الأمن الوطني، ورئيس هيئة الحشد الشعبي، ونائب مدير وكالة المخابرات، ووزير الداخلية في حكومة إقليم كردستان.
وأضافت الصحيفة: "بحسب مصادر محلية عراقية، فإنه يجري التحضير لأكبر عملية عسكرية تركية في شمال العراق لإنشاء منطقة عازلة من جهة إقليم كردستان".
وذكرت المصادر أن ائتلاف إدارة الدولة، الذي يتكون من ممثلي الأحزاب الشيعية والسنية والكردية، على استعداد لتقديم الدعم السياسي لهذه العملية مقابل صفقات أكبر بملفات مشتركة أخرى مثل المياه والطاقة.
ونقلت الصحيفة عن مصدر رفض الكشف عن اسمه، قوله إن أربيل ستشارك في العملية، وقد تكون قوات "بيشمركة روج"، وهم من أبناء شمال شرق سوريا الفارين من الحرب، تدربهم أربيل منذ سنوات وتمولهم، وقد شاركت في عمليات ضد تنظيم الدولة في أثناء تهديده للإقليم، أحد التشكيلات العسكرية المشاركة في العملية إلى جانب قوات الحشد الشعبي المدعومة من طهران.
وأضاف أن المنطقة المستهدفة تدعى "كاني ماسي" الحدودية في محافظة دهوك شمالي العراق، ويتم في الوقت الحالي إفراغها من الأهالي.
وستشمل العملية الحدود المشتركة البالغ مساحتها 378 كيلومترا، وبعمق يصل إلى 40 كيلومترا داخل العراق من ناحية الشمال، وصولا إلى منطقة غارا التي تعد معقل حزب العمال الكردستاني.
وستمتد العملية لتطال محافظة السليمانية التي ينشط فيها عناصر الحزب، إضافة إلى منطقة سنجار التابعة لمحافظة نينوى، التي يقطنها الطائفة الأيزيدية وقد دخلها حزب العمال الكردستاني بعد حرب داعش، ولم يخرج منها، وشق عناصره طرقا من هناك إلى داخل سوريا.
من جهته، اعتبر المحلل السياسي يوسف أوغلو، أن زيارة الوفد التركي إلى بغداد "ذات أهمية كبيرة"، وهي بمنزلة قمة أمنية مشتركة، وتعد الثانية خلال أقل من 3 أشهر.
وذكر أن "هذا يعكس وجود رغبة حقيقية لمكافحة التهديدات والمليشيات الإرهابية الموجودة في البلدين، حيث تركيا عازمة على إنهاء وجود "بي كا كا" و"وإي بي جي" وقسد وداعش وغيرها".
وأكد أوغلو أن "هناك تحضيرا لعملية عسكرية كبرى، لشن هجوم على هذه المليشيات"، مشيرا إلى أن هذه الزيارة، "هدفها التنسيق الاستخباراتي والأمني والتعاون المشترك بين العراق وتركيا لهذه العملية، لتكون مدعومة من الجهات الرسمية العراقية".
ولفت إلى أن العملية المرتقبة "تعد نقطة فاصلة في الحرب على الإرهاب بعد سنوات من الملاحقة، وستنفذ في شمال العراق وشمال سوريا"، وفق قوله.
وأكد أن "العراق مرحب بهذه الخطوة؛ لأنها ستعزز تثبيت الاستقرار بين الطرفين من أجل استكمال المشاريع التنموية بين البلدين، مثل ميناء البصرة وإعادة تشغيل خط النفط المتوقف من العراق عبر ميناء جيهان التركي، وكذلك ملف المياه وزيادة التبادل التجاري"، مبينا أن هذا التعاون لن يتم "إلا بعد القضاء على الإرهاب".
وأضاف أن "من المتوقع أن تبدأ العملية العسكرية الواسعة في نهاية نيسان / أبريل، بعد انتهاء زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى بغداد".
وأشار إلى أن زيارة أردوغان إلى العراق "ستكون ذات أهمية قصوى في تعزيز ما تم تحضيره منذ أسابيع أو شهور للعملية العسكرية، التي ستشمل البر والجو"، وفق حديث أوغلو لـ "عربي21".
وأكد أوغلو أن العملية المقبلة ستكون استكمالا للعمليات السابقة، مثل "المخلب – القفل" التي انطلق في نيسان / أبريل 2022 شمال العراق، وكذلك "درع الفرات" و"نبع السلام" و"غصن الزيتون" شمال سوريا.
ومطلع آذار / مارس الجاري، حدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الصيف المقبل موعدا لإكمال "الطوق الذي سيؤمن حدودها مع العراق"، مجددا رغبة بلاده في تأمين الحدود الجنوبية مع سوريا لـ 40 كيلو مترا.
وقال في خطاب بعد ترؤسه اجتماعا للحكومة في المجمع الرئاسي بأنقرة: "أوشكنا على إتمام الطوق الذي سيؤمن حدودنا مع العراق، وخلال الصيف القادم سنكون قد قمنا بحل هذه المسألة بشكل دائم".
أردوغان، شدد على أن تركيا "لا تزال مصممة على المضي قدما في إنشاء حزام أمني بعمق 30-40 كم على حدودها مع سوريا".
ويبدو أن الجانب التركي قد حصل على موافقة ضمية من الولايات المتحدة، وذلك خلال وجود وزير الخارجية هاكان فيدان ورئيس الاستخبارات إبراهيم كالن في واشنطن مطلع الشهر الجاري.
وفي بيان مشترك أمس، رحبت تركيا بقرار مجلس الأمن القومي العراقي، بشأن اعتبار "بي كي كي" تنظيما محظورا في العراق.
وتقرر خلال اللقاءات تكثيف العمل لتبني مذكرة تفاهم، من أجل خلق الإطار الهيكلي في مختلف أوجه العلاقات بين البلدين.
كما اتفق الجانبان على إنشاء لجان دائمة مشتركة، تعمل حصرا في مجالات مكافحة الإرهاب والتجارة والزراعة والطاقة والمياه والصحة والنقل.
كما تم تأكيد أهمية وحدة العراق السياسية وسيادته وسلامة أراضيه، وأكدا أن تنظيم "بي كي كي" يمثل تهديدا أمنيا لكل من تركيا والعراق.
في هذا الجانب، تقول تقارير إعلامية؛ إن بغداد بدأت تستشعر بخطر حزب العمال الكردستاني، لذا فإنها توافق على العملية التركية، لكن في مقابل صفقات شاملة للنفط والمياه والتنمية.
وكان رئيس إقليم كردستان العراق قد قال في مقابلة صحفية مؤخرا؛ إن حزب العمال الكردستاني أصبح يشكل صداعا للعراق وإقليم كردستان.
ويعد رجال الأعمال وصناع القرار في العراق مشروع "طريق التنمية"، الذي من المخطط أن يربط الخليج بأوروبا عبر تركيا، فرصة واعدة لتعزيز وتعميق التواصل التاريخي والثقافي المشترك مع تركيا، بالإضافة إلى دعم المصالح المشتركة وتنمية المناطق النائية اقتصاديا.
وقد حظي مشروع "طريق التنمية" باهتمام كبير من وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال زيارته إلى العراق في آب/ أغسطس الماضي، وكذلك خلال المحادثات التي جرت مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، في قمة قادة مجموعة العشرين في نيودلهي.
ويهدف العراق من خلال هذا المشروع، الذي يشمل شبكة من الطرق والسكك الحديدية والموانئ والمدن الجديدة، إلى تقليص زمن السفر بين آسيا وأوروبا عبر تركيا، وتحويل نفسه إلى مركز للعبور من خلال ميناء الفاو، الذي يعد المحطة الأولى في هذا المشروع.
يهدف المشروع المعروف باسم "طريق الحرير العراقي" أيضا، إلى تسهيل الأنشطة التجارية بشكل أسرع وأكثر كفاءة، من خلال إنشاء طريق بديل لقناة السويس المصرية.
ومن المتوقع أن يبلغ طول السكك الحديدية والطرق السريعة التي ستربط ميناء الفاو بالحدود التركية 1200 كيلومتر، بتكلفة تقدر بحوالي 17 مليار دولار، ومن المقرر أن يصبح الميناء المذكور أكبر ميناء في الشرق الأوسط، مع استكمال أعمال البناء في عام 2025.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!