ترك برس
أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن التضخم في بلاده سيبدأ بالانخفتاض اعتباراً من النصف الثاني للعام الجاري 2024، تزامناً مع تحسّن مشهد الاقتصاد التركي حول العالم، لا سيما مع النظرة المستقبلية الإيجابية التي حددتها وكالة "فيتش" في تصنيفها الأخير لتركيا، فهل تنجح الحكومة التركية في بلوغ أهدافها حول التضخم.
أردوغان أضاف في كلمة له خلال تجمّع انتخابي، الاثنين، أنهم يعملون بشكل مكثف مع نائب الرئيس جودت يلماز ووزير الخزانة والمالية محمد شيمشك والوزراء والبيروقراطيين الآخرين من أجل "نجاح برنامجنا الاقتصادي".
وأكد أن "المؤشرات الاقتصادية تشير إلى أننا في نسير في الاتجاه الصحيح"، منوهاً إلى أن "أكبر مشكلاتنا هي التضخم، وسنرى جميعاً التراجع السريع بدءاً من النصف الثاني من العام 2024".
وكانت وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني أعلنت مؤخراً، رفع تصنيف تركيا من "B" إلى "+B" وعدلت نظرتها المستقبلية من "مستقر" إلى "إيجابي"، وأوضحت في بيانها أن رفع التصنيف الائتماني للديون طويلة الأجل لتركيا يأتي على خلفية التغيير الذي جرى في السياسة الاقتصادية منذ يونيو 2023.
بمعدل شهري، وصل ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية الذي يغذيه التراجع شبه المتواصل في سعر صرف الليرة التركية، إلى 4.5 بالمئة.
شمل ارتفاع الأسعار خصوصا المنتجات الغذائية (+71,1 بالمئة)، والنقل (+78 بالمئة)، والصحة (+81,25 بالمئة)، والتعليم (+91,8 بالمئة)، وكذلك الفنادق والمطاعم (+94,8 بالمئة)، وفقًا لتقرير معهد الإحصاء التركي.
مستهدفات حكومية
وتتبنى الحكومة التركية مستهدفات طموحة لخفض التضخم خلال عام. ووفقًا لتصريحات سابقة أدلى بها وزير الخزانة والمالية التركي محمد شيمشك، في مقابلة مع إحدى القنوات المحلية، فإن التضخم السنوي سيظل مرتفعا في الأشهر المقبلة بسبب تأثيرات سنة الأساس وعدم ظهور تأثير السياسة النقدية، لكنه سينخفض خلال الاثني عشر شهرا التالية.
وأبان أن البرنامج الاقتصادي للحكومة يعمل بشكل أفضل من المتوقع في بعض القطاعات، إذ يظهر اتجاه الربع الأول أن صافي الصادرات سينعكس بشكل إيجابي على النمو وسينخفض عجز ميزان المعاملات الجارية إلى ما بين 30-35 مليار دولار خلال الفترة فبراير -مارس.
واعتمدت الحكومة برنامجًا تدريجيًا للاقتصاد، يعطي الأولوية لمعالجة التضخم والموازنة وتحقيق استدامة عجز الحساب الجاري.
تداعيات ارتفاع معدلات التضخم
في هذا الصدد، نقل تقرير لـ "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، عن المحلل التركي يوسف كاتب أوغلو قوله إن أرقام معدلات التضخم التي أُعلن عنها تشير إلى ارتفاع طفيف في التضخم، لكنه ارتفاع مؤقت ولحظي، موضحاً أنه يعتبر نوعًا من الثبوت في مستوى التضخم منذ نهاية العام المنصرم مرورًا بالشهر الماضي.
وتوقع استمرار معدلات التضخم عند مستوى 60 بالمئة حتى منتصف العام الجاري، مستدلًا على ذلك بإعلان وزير الخزانة والاقتصاد التركي "أنه تم إيقاف النزيف وثبات التضخم، والهدف هو إنزال التضخم إلى مرتبة الآحاد".
كما أكد أن ما يسعى إليه وزير الاقتصاد لن يتم بشكل سريع، فربما يحدث نهاية عام 2025 ليكون هناك انخفاضًا واضحًا بالتضخم.
أسعار الطاقة
وأرجع أوغلو السبب وراء تراجع الاقتصاد التركي وارتفاع معدلات التضخم إلى ارتفاع أسعار الطاقة بشكل خاص، لا سيما وأن تركيا تعتمد على استيراد 90 بالمئة من احتياجاتها من الطاقة اللازمة، وبالتالي هناك زيادة في الطلب على العملة الأجنبية وارتفاع قيمة الدولار مقابل الليرة التركية، ما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار وبالتالي معدلات التضخم، لافتًا إلى أن هذا الوضع لا يقتصر فقط على تركيا لكن تعاني منه كل الدول التي تستورد الطاقة من الخارج مثل أوروبا والكثير من الدول المستوردة للطاقة.
وأكد أن هناك خطوات كبيرة لمحاولة تحقيق الاكتفاء الذاتي من الطاقة، وهو ما يحتاج إلى وقت لحين تحقيقه، وحتى ذلك الوقت سيكون هناك كثير من التحديات، مع معدلات التضخم وارتفاع بالأسعار وانخفاض قيمة الليرة التركية، مشددًا على أن هذا الوضع مؤقتًا، مرجعًا ذلك للأسباب التالية:
تركيا تخطط خلال العامين المقبلين إلى أن يكون لديها اكتفاء ذاتي من الطاقة، خاصة بعد بدء عدة مشاريع في الطاقة البديلة على رأسها مفاعل أكويو النووي في مرسين التركية، الذي من المنتظر أن يبدأ هذا العام تشغيل المرحلة الأولى منه ليوفر 10 بالمئة من الاحتياج التركي من الطاقة.
وشدد عضو حزب العدالة والتنمية، أن تراجع قيمة العملة التركية من بين انعكاسات زيادة التضخم، والتي لابد من دعمها من خلال تحفيز الاستثمارات الأجنبية المباشرة وأيضا دعم روافد العملة الأجنبية على رأسها السياحة وضخ الصادرات التركية بقوة إلى العالم الخارجي، لتعزيز الاقتصاد التركي والاحتياطي النقدي، وبالتالي يكون هناك ثبات بالأسعار والتحكم بأسعار الطاقة التي تعتبر المؤثر الأساسي في موضوع التضخم في تركيا.
مسارات محتملة لمستويات التضخم
وبشأن الأهداف المرجوة والمسارات المحتملة لمستوى التضخم في العامين المقبلين، توقع المحلل التركي أن تعاود مستويات التضخم إلى الانخفاض والانحسار مع النصف الثاني من العام الجاري، وأن هذا ما يخطط له البنك المركزي وما يخطط له الاقتصاديون في تركيا، مؤكدًا أن التضخم لن يستمر في هذا الارتفاع فكان قد وصل إلى الثمانينات ونزل إلى الستينات، ومن المتوقع أن يبدأ بالانحدار إلى مستوى 40 بالمئة مع نهاية هذا العام، وخلال النصف الأول من العام المقبل قد يصل إلى أقل من 20 بالمئة، بينما في نهاية العام نفسه من المتوقع أن يصل إلى 9 بالمئة.
ورفع البنك المركزي التركي أسعار الفائدة ثماني مرات متتالية منذ مايو 2023، وكان رفع الفائدة الأخير، في 25 يناير الماضي بمقدار 250 نقطة أساس ليصل المعدل إلى 45 بالمئة.
تفاؤل
ومع هذه المعطيات، فإن ثمة تفاؤل بشأن مستقبل الاقتصاد التركي، وهو التفاؤل الذي عكسه تصنيف "فيتش" الأخير، وقد اعتبر وزير الخزانة والمالية التركي، محمد شيمشك، أن: سياسات تركيا "القائمة على القواعد والقابلة للتنبؤ والمتوافقة مع المعايير الدولية" كانت سبباً في هذا التصنيف.
لوزير قال عبر موقع "إكس" يوم السبت الماضي، إن النتائج الملموسة للبرنامج الاقتصادي المطبق تنعكس أيضا على التصنيف الائتماني لتركيا. وكالة التصنيف الائتماني الدولية "فيتش" لم تبق غير مبالية بهذا النجاح ورفعت تصنيف تركيا درجة مع تغيير نظرتها إلى إيجابية.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!