ترك برس
ذكرت تقارير إعلامية أن دوائر إيرانية أظهرت انزعاجا من "طريق التنمية الاستراتيجي" الذي يربط موانئ البصرة على مياه الخليج العربي، أقصى جنوبي العراق بالأراضي التركية عبر طريق بري وسكة حديد وبدعم من دولتي قطر والإمارات العربية المتحدة.
وشهدت زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى بغداد، الاثنين الماضي، توقيع مذكرة تفاهم رباعية للتعاون حول مشروع مشروع التنمية التركي العراقي، الذي يضم خطوط سكك حديدية وطرقا سريعة تربط بين ميناء الفاو الكبير (جنوباً) والحدود العراقية التركية (شمالا)، بطول 1200 كيلومتر، وبتكلفة مالية تقدر بـ17 مليار دولار، ويُتوقع أن يدر نحو 4 مليارات دولار سنوياً ضمن المرحلة الأولى له، عدا عن تشغيل عشرات آلاف الأيدي العاملة.
وبحسب تقرير لصحيفة العربي الجديد، فإن فكرة مشروع التنمية التركي العراقي بما يحوي من طرق سريعة وسكك حديدية، تتركز على اختصار مسافة النقل بين آسيا وأوروبا عن طريق الأراضي التركية، وتبدأ شبكة النقل هذه من ميناء الفاو في مدينة البصرة العراقية (جنوباً) مروراً بمحافظة كربلاء وبغداد، وصولاً إلى محافظة نينوى (شمالاً)، ثم إلى الأراضي التركية وصولاً إلى ميناء مرسين التركي كما يتفرع داخل تركيا باتجاه الدول الأوروبية المجاورة عبر النقل البري.
وأكد التقرير أن المشروع سيُنفذ على ثلاث مراحل، المرحلة الأولى تنتهي مع حلول عام 2028، ما سيتيح لميناء الفاو استقبال السفن، أما المرحلة الثانية فتنتهي عام 2033 باستكمال بناء السكك الحديدية والطرق البرية كافة، الرابطة بين العراق وتركيا.
ونقلت الصحيفة عن نائب في البرلمان العراقي طلب عدم الإفصاح عن اسمه، قوله إن دوائر إيرانية أظهرت انزعاجا من المشروع العراقي التركي، كونه سيقطع الطريق على أن تكون الأراضي الإيرانية بديلاً برياً مماثلاً.
وأضاف النائب في اتصال عبر الهاتف، أن "الطريق من شأنه الإضرار بموانئ عدة في المنطقة حيث سيختصر وقت النقل البحري إلى أوروبا بين 15 و20 يوما من خلال البصرة ثم تركيا برا الى أوروبا، وهذا الأمر طبيعي بالنسبة للتنافس على الاستفادة من الجغرافيا في ظل متغيرات أمنية وسياسية واقتصادية مختلفة".
وكشف عن أن العراق "قد يذهب إلى تسريع بعض الخطوات اللازمة للدخول في مرحلة التنفيذ الميداني قبل نهاية العام الحالي، بعد وصول شركات الاستشارة التي تخطط للطرق إلى مراحل متقدمة من عملها". وفق العربي الجديد.
وقال عضو مجلس النواب العراقي، ثائر مخيف، إن للعراق الحصة الكبرى من الاستفادة من مشروع طريق التنمية، ومساهمة دولتي قطر والإمارات في تمويل هذا المشروع الاستراتيجي ستعمل على تسريع إنجازه ودخوله قيد الخدمة، على الرغم من وجود محاولات لأطراف دولية تعطيل المشروع، دون أن يسمي تلك الأطراف.
وأضاف مخيف، لـ"العربي الجديد": "هناك من يرفض هذا المشروع الاستراتيجي والحيوي والاقتصادي المهم بالنسبة للعراق والدول المساهمة معه، لأن العراق سيكون على سكة الصواب من خلال هذا المشروع الذي سيساهم إلى حد بعيد في تنمية الاقتصاد العراقي وانخفاض نسبة البطالة والفقر.
وأعرب مخيف، عن أسفه من المجاملات التي كانت تقوم بها الحكومات السابقة في العراق تجاه بلدان أخرى على حساب مصالح البلد الاقتصادية والاستراتيجية. وأضاف، إن انزعاج الكويت مثلاً من هذا المشروع هو أمر طبيعي، لأنها خططت ليكون ميناء مبارك النقطة هو المشروع الاستراتيجي الذي يربط الشرق بالغرب بدلاً من ميناء الفاو الكبير.
وشدد مخيف، على أهمية استثمار الموارد الاقتصادية وما يمتلكه العراق من موقع جغرافي حيوي يمكن أن يصنع طفرة نوعية في عمليات التبادل التجاري والسلعي من خلال الطريق البري الذي يربط الشرق بالغرب عبر بوابة الخليج العربي مروراً بالعراق وتركيا.
وقال المتحدث باسم رئيس مجلس الوزراء باسم العوادي، خلال مؤتمر صحافي منذ أيام، إن رئيس مجلس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وقعا 26 مذكرة تعاون. وبيّن العوادي، أن الاتفاقية الاستراتيجية العراقية التركية التي وقعها رئيس مجلس الوزراء فيها مجموعة من النقاط، وسيتم إنشاء صندوق للموارد النفطية التي ستمول المشروع.
وأوضح العوادي، أن العراق منح مخطط طريق التنمية إلى الشركة الإيطالية الاستشارية وأكملت الآن إلى حدود أبعد من بغداد، وبدأت المقطع الأول من البصرة إلى الناصرية وبعدها من الناصرية إلى كربلاء وبعدها إلى بغداد.
وأوضح الخبير الاقتصادي، كريم الحلو، أن المشاكل الدولية والاقليمية وما تشهده المنطقة من حروب عطلت طرق التجارة العالمية بين الشرق والغرب، وآخرها ما يحدث في البحر الأحمر من تعطيل لمسارات السفن التجارية من قبل الحوثيين على خلفية أحداث غزة دفعت الدول للبحث عن طرق بديلة لتسهيل مرور حركة التبادل التجاري.
وقال الحلو، لـ"العربي الجديد"، إن لمشروع خط التنمية أهمية استراتيجية، خاصة وأن وسائل نقل الغاز والنفط وخطوط التجارة الدولية من الخليج العربي ستمر عبر هذا الطريق باتجاه تركيا ثم أوروبا، لاختصار الوقت والتكلفة ومخاطر الطريق البحري.
وأضاف، أن الغاز العراقي المقرر إنتاجه من حقول عكاز بمحافظة الأنبار (غرباً) سيكون طريقه سهلاً إلى أوروبا عبر هذا الطريق بعد اتفاق العراق مع الولايات المتحدة على أثر زيارة السوداني الأخيرة لواشنطن. وفي السياق قال الباحث الاقتصادي، علي العامري، إن إنجاز المشروع سيتم على 3 مراحل، كما سيوفر المشروع نحو 100 ألف فرصة عمل في مراحل الإنشاء، وأكثر من مليون فرصة عند انتهائه بالكامل.
وأكد العامري أن هذا الطريق البري وسكك الحديد سيكونان شريانا وطريقا حيويا، مع وجود مخططات لمناطق صناعية وسكنية تحاط بالطريق، موضحاً أن هذا المشروع سيضع العراق في دورٍ ريادي متكامل في التجارة العالمية، فضلاً عن أهمية محطات الاستراحة والمطاعم ومحطات تعبئة الوقود.
وأضاف العامري لـ"العربي الجديد"، أن طريق التنمية ليس طريقا لنقل البضائع فحسب، إنما سيكون طريقاً للمسافرين وقوافل الحجاج براً من أوروباً وتركيا مروراً بالعراق باتجاه المملكة العربية السعودية.
وأشار إلى أن طريق التنمية سيشهد عبور آلاف الشاحنات القادمة من أكثر من 25 دولة، معتبراً أن هذا المشروع لا يصب في مصلحة العراق فقط، بل لمصلحة العديد من الدول، وسيخدم المنطقة اقتصادياً ويحقق الفائدة لملايين الأشخاص.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!