ترك برس

تناول مقال تحليلي للكاتب الصحفي التركي أرسين جليك، العلاقة بين شركة مقاهي أمريكية "ستاربكس" وإسرائيل وسبب تحولها إلى رمز للإبادة الجماعية التي ترتكبها القوات الإسرائيلية في قطاع غزة الفلسطيني.

وقال جليك في مقاله بصحيفة يني شفق إن ستاربكس لم تصدر أي بيان رسمي جديد، ولكن على موقعها الإلكتروني، تحت عنوان "بيانات من ستاربكس"، توجد جميع البيانات والإيضاحات والردود على الأسئلة التي تمّ طرحها منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.

وأوضح أنه عند البحث عن عناوين مثل "مقاطعة ستاربكس" أو عناوين مشابهة على جوجل، تظهر روابط مباشرة لهذه البيانات. وبمجرد النقر عليها، ستجد تصريحات متحيزة وملتوية تُنكر حدوث إبادة جماعية في غزة وتصف الوحشية بـ "العنف" وتتجاهل الأطفال والنساء الذين تمّ قتلهم.

وتابع: إننا نتحدث عن علامة تجارية أصبحت رمزًا للإبادة الجماعية في غزة المستمرة منذ سبعة أشهر، على مستوى العالم. هذه العلامة التجارية لم تكتفِ ببيع القهوة، بل نجحت في بناء مساحات مشتركة للتفاعل الثقافي والاجتماعي ودمج الرأسمالية مع الإمبريالية الثقافية.

وأردف: "السؤال الذي يطرح نفسه هو: لماذا أصبحت ستاربكس، التي تمتلك 653 فرعاً في بلدنا وتتعرض لمقاطعة من قبل شريحة واعية من المجتمع، رمزًا للإبادة الجماعية في غزة؟

هناك معلومتان متاحتان، وفقا للكاتب، وهما؛

1. هيرمان شولتز، الذي اشترى المقهى الذي أسسه ثلاثة أصدقاء أمريكيين عام 1971، وحوله إلى علامة تجارية عالمية عام 1982، هو يهودي. ولكن كون المالك الحالي لستاربكس يهوديًا لا يعني بالضرورة أن العلامة التجارية تدعم إسرائيل. ما يربط ستاربكس بإسرائيل التي ترتكب الإبادة الجماعية هو موقفها المتخاذل، أو بالأحرى عدم اتخاذ موقف واضح من الإبادة الجماعية في غزة.

2. قام اتحاد العمال "ووركرز يونايتد"، الذي يمثل أيضًا موظفي ستاربكس في الولايات المتحدة، بمشاركة منشور على حسابه في "إكس" بعنوان "التضامن مع الفلسطينيين" في 9 أكتوبر. ولم تمضِ على ذلك أربعون دقيقة حتى تم حذف المنشور، إما من قبل الاتحاد نفسه أو تحت ضغط جهة أخرى.

وفي غضون ذلك، سارع اليهود في أمريكا إلى اتخاذ إجراءات ضد ستاربكس، ففي ولاية رود آيلاند، تمّ رسم نجمة داوود وصليب معقوف بالطلاء على واجهة أحد متاجر ستاربكس.

وإثر ذلك دعا السيناتور الجمهوري ريك سكوت وبعض أعضاء مجلس النواب إلى مقاطعة ستاربكس، وصرح النائب الجمهوري عن ولاية فلوريدا راندي فاين في 11 أكتوبر قائلاً: "إذا ذهبت إلى ستاربكس، فأنت تدعم قتل اليهود". وإزاء "مقاطعة اليهود" هذه، اتخذت ستاربكس إجراءات سريعة برفع دعوى قضائية ضد النقابة. وتقدمت بطلب إلى المحكمة لمنع استخدام اسمها وشعارها الذي يُمثل علامة تجارية.

وتابع المقال:

لا ينبغي لأحد أن يُخدع بما هو مكتوب بالخط العريض على مواقعها الإلكترونية في تركيا: "لم ترفع ستاربكس دعوى قضائية ضد النقابة بسبب بسبب رسالتها الداعمة لفلسطين". فقد استهدفت الشركة النقابة فور وقوع الأحداث، ونشرت بيانًا قالت فيه: "ندين بشدة أعمال الإرهاب والكراهية والعنف هذه، ولا نتفق مع التصريحات والآراء التي عبَّر عنها اتحاد العمال وأعضاؤه." كما صنّفت ستاربكس، مثل جميع الدول والقادة والشركات الغربية، هجمات حماس في 7 أكتوبر على أنها إرهابية بشكل واضح. ويمكن القول إن الشركة قد أظهرت موقفها بوضوح، بوصفها شركة أمريكية يرأسها يهودي.

أثناء ذلك لم تتردد ستاربكس في إعلان "الضغوط" التي واجهتها. حيث أعلنت الشركة أنها تلقت أكثر من 1000 شكوى بشأن مشاركة النقابة المؤيدة لفلسطين، وأن الموظفين واجهوا سلوكيات معادية من العملاء وتلقوا تهديدات عبر الهاتف.

لقد كانت الإخطارات المنظمة للشكاوي والمنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي والتصريحات القوية من قبل اثنين من السياسيين المؤيدين لإسرائيل والعمل التخريبي بالطلاء في أحد الفروع، كفيلة بجرّ ستاربكس إلى "صفوف إسرائيل". أقول "صفوف" لأن ستاربكس، التي نجحت في تهدئة ردود الفعل من المجتمعات اليهودية على مدار يومين، اختارت في نفس الوقت أن تكون على رأس قائمة الشركات التي تمّت مقاطعتها بسبب دعمها لإسرائيل.

وخلال الأشهر السبعة الماضية بينما كانت تُرتكب أبشع إبادة جماعية في العالم في غزة، لم تتخذ ستاربكس، التي تدّعي الإنسانية والسلام ومكافحة الإرهاب، موقفًا واضحًا عندما تعلَّق الأمر بإسرائيل. وهذا على الرغم من أن أسهمها قد انخفضت بنسبة 16٪ خلال هذه الفترة، مما أدى إلى تكبدها خسائر بلغت 35 مليار دولار.

ولم ينطق ليكسمان ناراسيمهان، الرئيس التنفيذي الهندي لشركة ستاربكس، بكلمة "إسرائيل" حتى في خطابه الذي اعترف فيه بأن "حرب إسرائيل وحماس" قد أضرت بمبيعاتهم. وخلال اجتماع مع المستثمرين في أواخر ديسمبر/كانون الأول، وعندما كان عدد القتلى المدنيين في غزة قد بلغ 20 ألفًا، فسر ناراسيمهان خسارة العملاء في فروع ستاربكس في الولايات المتحدة بأنها ناتجة عن "أحداث الشرق الأوسط".

أما عن سبب تلخيصي لهذه العملية بأكملها، فلأن خطوط الانقسام بين البشرية أصبحت أكثر وضوحًا، وإسرائيل تُصبح أكثر عزلة يومًا بعد يوم. ولم تكتفِ الشعوب الغربية بمشاهدة جرائم الإبادة الجماعية في غزة، بل نزلوا إلى الشوارع بحثًا عن الإنسانية التي فقدتها مجتمعاتهم وبلدانهم. كما يُظهر طلاب الجامعات وأساتذتهم في الولايات المتحدة شجاعة عظيمة من خلال تحطيم جدران الهيمنة الصهيونية. إنهم يوقعون على أعمال قد تغير مسار التاريخ، حتى لو كان ذلك على حساب مستقبلهم ومهنهم.

تواصل ستاربكس، التي تمتلك أكثر من 2000 فرعاً في جميع أنحاء العالم وتهيمن على حصة السوق في تركيا والبلدان الإسلامية بشكل خاص، محاولاتها للتستر على وحشية غزة من خلال التلاعب بالألفاظ، وتبحث عن طرق لتعويض خسائرها التي تكبدتها على مدار سبعة أشهر. في هذا المسعى، فإن عدم اتخاذ موقف واضح ضد إسرائيل وعدم ذكر الإبادة الجماعية في غزة على الإطلاق، قد يكون أكبر دليل لنا على الجانب الذي تقف فيه ستاربكس.

بعد إعلان نتائج الميزانيات العمومية للربع الأول، علق الرئيس التنفيذي لشركة ستاربكس، لاكشمان ناراسيمهان، على أداء الشركة دون الإشارة إلى الإبادة الجماعية في غزة، قائلاً: "يستمر التراجع الذي شهدناه في الربع السابق. كان أداءنا هذا الربع مخيباً للآمال ولم يلبي توقعاتنا."

إذن، هل نواجه هنا رئيسًا تنفيذيًا وشركة ضخمة يدركان أن الرياح تزداد قوة لكنهما لا يعرفان إلى أين تتجه شركتهم العملاقة، أم نواجه فهمًا أيديولوجيًا وحشيًا لا يقل وعيًا عن نتنياهو، ولا تعطشًا للقهوة عن الجنود الصهاينة، ولا وحشيةً عن الرأسمالية نفسها.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!