ترك برس
استعرض مقال تحليلي للكاتب الصحفي التركي سلجوك تورك يلماز، تقييما لتصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، التي دافع فيها بقوة عن حركة حماس الفلسطينية، لدرجة أنه شببها بالقوات الوطنية التركية إبان حرب الاستقلال، وقال إنها "حركة مقاومة" تدافع عن أرضها.
وقال تورك يلماز في مقاله بصحيفة يني شفق إن العبارات التي وصف بها أردوغان حركة حماس مؤخرا، مهمة حقا؛ ففي البداية شبَّه حماس بالقوات الوطنية التركية، ولكن لم يتم التركيز على هذا بشكل كاف.
وأشار في بداية مقاله إلى أن تاريخ الانقسام الحقيقي والصراع الخفي بين تنظيم "غولن" الإرهابي وبين "الإسلاميين" يعود إلى زمن بعيد، لكن يمكننا اعتبار مؤامرة "السلام والتوحيد" نقطة تحول رئيسية. ففي هذه الحادثة، هاجم أتباع غولن "الإسلاميين" لأول مرة بشكل مباشر، فسابقاً لم يكونوا يخرجون من وراء الستار، بل كانوا دائما ما يحققون أهدافهم من خلال وسطاء.
وذكر أن أتباع "غولن" كانوا يدركون أن الدخول في مواجهة مباشرة مع "الإسلاميين" قد يفضي إلى هزيمتهم، وكان من الصعب للغاية على وجهتي نظر متناقضتين تماما التوصل إلى حل وسط في أي قضية. ولسوء الحظ، تم إنشاء منطقة رمادية بين وجهتي النظر العالميتين المتضادتين بمرور الوقت، واستغل تنظيم "غولن" الإرهابي هذه المنطقة المبهمة المحصنة بتعبيرات غامضة لتحقيق أهدافه التوسعية خطوة بخطوة. كان هذا إنجازا كبيرا بالنسبة لهم. فبصفتهم هيكلا مستحدثا، لم يتمكنوا أبدا من أن يكونوا الفاعل الرئيسي في المجال الديني. وهذا يشير إلى أن فترة 28 فبراير يجب أن تقيم من زوايا مختلفة. وتجنب حصرها في صراع بين العلمانيين والمناهضين للعلمانية.
وبحسب الكاتب، كانت قضية القدس من بين مبررات انقلاب 12 سبتمبر. وبالتالي لم يكن من الصعب التكهن بأن صراعا داخليا كبيرا سيحدث عندما صرح أردوغان بكلمته الشهيرة "ون مينت" في دافوس بعد مرور ثلاثين عاما. وبالفعل، بعد عام واحد وبالتزامن مع حادثة "مافي مرمرة"، تم نقل هذا الصراع إلى العلن، وشن أتباع تنظيم "غولن" الإرهابي حربا كبيرة ضد الجماعة التي تعرف باسم "الإسلاميين". وكان هذا مؤشرا أيضا على أن أتباع "غولن" لم يعد بإمكانهم البقاء وراء الستار. ولعبت قضية فلسطين والقدس دورا محوريا في تشكيل وجهات النظر العالمية. كان الجميع يعرف ذلك أيضا، وكانت هذه المعرفة تشل العقول والأجساد. ولطالما كان ثمن اتخاذ الخطوات باهظا. وهذه مشكلة ناتجة عن "العلاقة بين الغرب والثقافات الأخرى التي يسيطر عليها"، كما ذكر إدوارد سعيد ذلك في مقاله الطويل بعنوان "المقاومة والمعارضة".
وأضاف: لا تأتي تأكيداتنا المستمرة على أن تركيا جزء من قضية فلسطين منذ عام 1917 من فراغ. فإذا ما تحدثنا أكثر، فمن الواضح إلى أين ستتجه الأمور. لأن قضية فلسطين بلا شك واحدة من المشكلات التي نشأت عن سقوط الدولة العثمانية. فمنذ زمن بعيد كانوا يسعون إلى بناء مستعمرة جديدة ل "أوروبا الغربية" في فلسطين التي كانت تابعة للدولة العثمانية. وفي هذا الصدد، كان الأنجلوساكسون متقدمين على الآخرين. وأخيرا أعلنت الإمبراطورية الاستعمارية في القرن التاسع عشر أن أرض فلسطين هي وطن لبني إسرائيل. وبحلول عام 1947 أنشأت بريطانيا من خلال نظام الانتداب، بنية استعمارية في فلسطين. وبالنسبة للفلسطينيين فإن "العلاقة بين الغرب والثقافات الأخرى التي يسيطر عليها" نشأت تماما ضمن هذه البنية، ولم يتوقع البريطانيون وبنو إسرائيل،، بينما كانوا ينشئون البنية الاستعمارية بالتعاون مع القوى الغربية الأخرى أن تواجههم قوة قومية في فلسطين.
وعلى الرغم من أن تركيا حددت موقفها بوضوح من القضية الفلسطينية مرارا وتكرارا على مدار تاريخها الطويل، إلا أنها كانت تعتقد أنها لا تملك خيارات فعلية أخرى. ويمكن القول إن توسع مجال سيطرة الغرب كان له دور حاسم في ظهور هذا التفكير. لكن بعض البنى الاصطناعية كانت بارعة للغاية في الاستفادة من حالة اليأس الناجم عن قلة الخيارات. ولذلك كانت المنطقة الرمادية التي تم إنشاؤها بين تنظيم "غولن" الإرهابي ومن يُدعَون "بالإسلاميين" مناسبة جدا لاستغلالها. ولا بد من الأخذ بعين الاعتبار تعمد صرف الاهتمام بقضية فلسطين في الماضي، حيث نجح البعض للأسف، في تحقيق ذلك خلال فترات زمنية محددة. وفي هذا السياق تحمل تصريحات الرئيس أردوغان الأخيرة حول القضية الفلسطينية طابعا تحذيريا أيضا. إن إعلان أردوغان أن حماس "حركة مقاومة تدافع عن أراضيها المحتلة" يظهر أن القضية قد اكتسبت أبعادا جديدة.
وتابع: إن العبارات التي وصف بها أردوغان حركة حماس مؤخرا، مهمة حقا. ففي البداية شبَّه حماس بالقوات الوطنية التركية، ولكن لم يتم التركيز على هذا بشكل كاف. ورغم مشروعية النقاش حول تشبيه حماس بالقوات الوطنية التركية، إلا أنه يُغفِل طبقات مهمة من هذه التصريحات ويحجب عنها النور. إن تصنيف حماس كحركة وطنية هو انعكاس لخطوة إلى الأمام. وكاستمرار لذلك، صرح أردوغان بأن حماس "منظمة مقاومة". ولا شك أن هذا أيضا دفع للخطوة المتخذة إلى الأمام. فكما هو معلوم، تم تأسيس جيش نظامي في بلادنا بعد القوات الوطنية. ولا شك أن الانتقال من قوى المقاومة الوطنية إلى جيش نظامي يعد خطوة إلى الأمام. سنرى من خلال التجربة إلى أي مدى ستؤثر هذه الخطوات الجديدة على الانقسام والصراع المفتوح الذي يحدث داخل البلاد.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!