ترك برس
تناول مقال تحليلي للأكاديمي التركي يوسف قابلان، أسباب تمرد الشباب في جميع الدول الغربية وخروج مظاهرات داخل أفضل الجامعات الأوروبية والأمريكية بسبب المجازر التي ترتكبها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني.
وأشار قابلان إلى أن "دولة إسرائيل الإرهابية تذبح الأطفال على الهواء مباشرة أمام مرأى العالم والإنسانية جمعاء. إنها تقتل الأطفال والنساء على وجه الخصوص، ولا يترددون في استخدام التكتيكات النازية بشكل علني عند شرح هذه المجزرة المفجعة والإبادة الجماعية التي ارتكبوها. يقولون: إنهم ليسوا بشرا، بل مخلوقات شبيهة بالبشر خُلقت لتكون عبيدا لنا".
وذكر الأكاديمي التركي في مقال بصحيفة يني شفق أن وزير الدفاع الإسرائيلي قال هذه الأشياء بالضبط أمام العالم كله، وأن "شعب إسرائيل يفكر بنفس الطريقة تمامًا! يقولون إن الفلسطينيين عبيد يخدمونهم، ويصورون فيديوهات تعبر عن ذلك!".
وقال إنه باستثناء مجموعات قليلة جدًا، يفكر شعب إسرائيل ويتصرف بهذا الشكل. إن عبارة "الأشخاص العاديون في إسرائيل أبرياء"، ويجب ألا نعمم فالحكومة الإسرائيلية مختلفة عن الشعب الإسرائيلي هذه المزاعم التي يرددها البسطاء في كل فرصة هي مزاعم كاذبة.
وأضاف: الناس العاديون في إسرائيل لا يفكرون بشكل مختلف أو يظهرون وجهة نظر مختلفة عن حكومتهم. فالجزارين المظلومين والأبرياء يفكرون مثل صاحبهم! قبل وبعد 7 تشرين الأول/أكتوبر، كان العالم قد رأى كيف عامل الشعب الإسرائيلي، الذي يُطلق عليهم اسم الأشخاص العاديين، الفلسطينيين، وكيف صادروا منازلهم وطردوا أصحابها منها، وكيف نهبوها.
ولفت إلى أن مشكلة "عدم القدرة على القبول" التي قال نيتشه إنها لعبت دورًا رئيسيًا في إنشاء أوروبا الحديثة، والتي سأقول إنها ستلعب أيضًا دورًا رئيسيًا في تدمير أوروبا، هي عدم القدرة على استيعاب أي شيء بشكل كامل. وهذا يظهر الكثير من الضحالة الفكرية والسطحية لاختراق أي شيء بشكل سليم. كل هذه العيوب ومتلازمة الإفساد موجودة في الحكومة والسكان الإسرائيليين
وتابع المقال:
السرقة والنهب والاغتصاب وكل أنواع الطغيان والقسوة يتمتعون بها هؤلاء الرجال الحقيرون، لديهم الرغبة في السيطرة على كل شيء وعلى الجميع، وفعل كل ما يلزم للحصول على السلطة، واستخدام هذه السلطة في القيام بالفساد والنهب.
فإن العالم الذي يهيمن فيه الإمبرياليون وينظمون كل شيء لتنفيذ اغتصابهم ونهبهم، ولا يمنحون الآخرين والثقافات والمعتقدات الأخرى الحق في العيش، ولا يترددون في تدمير وذبح الآخرين. والبعض يطيعونهم دون تردد حيث يرون أن الأقوياء على حق.
هذا أمر خطير إن امتلاك القوة والسيطرة يمنح في بداية الأمر الثقة للناس والمجتمعات؛ لكن هذه ثقة زائفة.
إن هذا الإفساد والاستهتار الذي نشأ كان كافيا لمواصلة المجازر والإبادة الجماعية باستمرار.
في مجزرة الخيام برفح تناثرت الأجساد إلى أشلاء. وفُصلت الرؤوس عن الجسد وسُحبت على الأرض. كل هذا حدث في الخيام الآمنة التي تحميها الأمم المتحدة والتي تم حرقها، بأطفالها ونسائها حتى الموت. هذا ما حدث في رفح الليلة الماضية! حدثت هذه المشاهد المروعة.
ما الذي يجعل الشباب الغربي يتمرد؟
حرق الأطفال والنساء على البث المباشر كان كافيا لينتفض العالم.
تمرد الشباب في جميع الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية، وخرجت مظاهرات داخل أفضل الجامعات في هذه البلدان.
صرخات الشباب في الجامعات جعلت البشرية جمعاء ترى تجربة غزة ولا تسناها، وهنا طُرح تساؤل ماذا يمكننا أن نفعل لغزة.؟
بل السؤال الذي يجب طرحه هو لماذا ينتفض الجامعات والشباب في الغرب؟ لماذا يتمردون ويثيرون الشغب في قاعات المحاضرات والشوارع؟ أتساءل ما الأمر الي يتمرد عليه هؤلاء الغربيون بالفعل؟
والسبب في ذلك هو التاريخ الاستعماري والإمبريالي. أطفال الغرب يتمردون بعقلهم الباطن على ذلك التاريخ الاستعماري الإمبريالي. إن غزة تحمل مرآة مذهلة تظهر كل شيء بوضوح أمام الجميع. إن من ينظر في مرآة غزة يستطيع أن يرى نقاط ضعفه وفضائله بوضوح شديد! غزة تفك الرموز وتعطل كل الألاعيب.
أبناء الإمبرياليين، عندما ينظرون إلى مرآة غزة، يرون كم هي الإمبريالية مقززة ومرعبة. دولهم ورجالهم جعلوا غيرهم يختبر ما حدث في غزة بنفس القرف والاشمئزاز، وكم من القرون جعلوا البشرية جمعاء تعيش ذلك! وما زالوا يجعلون البشرية تعيش ذلك في جميع أنحاء العالم!
هذه الصدمة التاريخية تجعل أبناء الدول الإمبريالية الغربية يشعرون بالكارثة بشكل أشد قسوة وترويعاً من أطفال المجتمعات غير الغربية
أبناء الدول الغربية يختبرون أهوال الإمبريالية والاستعمار من خلال غزة، فعندما ينظرون في مرآة غزة، يواجهون أنفسهم وماضيهم الإمبريالي والاستعماري والإبادة الجماعية، وهم أكثر من يتمردون على المجزرة الوحشية والإبادة الجماعية في غزة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!