ترك برس

تناول تقرير لصحيفة العربي الجديد أسباب جمود سوق العقارات في تركيا وتأثير أسعار الفائدة المصرفية المرتفعة على المبيعات.

ووفقا للصحيفة، يُجمع مراقبون على أن ارتفاع أسعار الفائدة المصرفية، إلى 50% سنوياً، كان الضربة الأكبر لقطاع العقارات في تركيا الذي يصفونه بالنشط وأحد القطاعات المهمة للاقتصاد التركي عموماً.

لكن حكومة العدالة والتنمية، منذ عام، رفعت سعر الفائدة المصرفية، من 8.5 إلى 50%، الأمر الذي وجه الرساميل إلى خزائن المصارف، لتحصّل ربحاً مضموناً من دون أية مجازفة، بعد التبدلات الكبيرة بأسعار المواد الأولية الداخلة بصناعة العقارات، وبمقدمتها الحديد والإسمنت. بحسب التقرير.

وفيما يقلل العامل بقطاع العقارات، خليل أوزون، من دور الاضطرابات السياسية بالمنطقة، وأثرها السلبي على بيع العقارات في تركيا بعد توجه الرساميل الكبرى نحو ملاذات أكثر أماناً، خصوصاً الذهب، يرى أن "الدعاية السلبية التي تنامت حول عنصرية الأتراك أثرت، وإن بشكل محدود، في مبيع العقارات خلال العام الجاري، وللمستثمرين العرب على وجه التحديد". 

لكن التراجع الكبير برأي أوزون "كان بمعدلات شراء المستثمرين الروس الذين يتبوأون المركز الأول منذ سنوات، كما الإيرانيون والأوروبيون"، عازياً السبب الأهم إلى "زيادة العرض وتوجه الرساميل، بما فيها الخارجية إلى المصارف لتحقيق عائد 50% من دون أية مخاطر".

ويرى الاقتصادي التركي خلال حديثه لـ"العربي الجديد" أنه في صالح الاقتصاد التركي إعادة النظر بقطاع العقارات، بعد أن بلغت الأسعار، منذ ما بعد كورونا حتى مطلع العام الجاري، مستويات جنونية، تفوق الأسعار المنطقية والتكلفة وما يقال عن بيئة هذا القطاع الجاذبة، ما كان ينذر بفقاعة ربما توقع الاقتصاد الكلي بأزمة، كما حدث خلال الأزمة العالمية عام 2008". 

انخفاض مبيعات العقارات في تركيا

ويرى الاقتصادي خليل أوزون، أن "جمود سوق العقارات في تركيا أثّر بحركة الأسواق عموماً، فهذا القطاع برأيه محرض لأكثر من 200 مهنة ومحرك لأسواق وسلع كثيرة"، معتبراً أن "خطة الحكومة الاقتصادية التي ستبدأ نتائجها تظهر نهاية العام الجاري، إن على صعيد كبح التضخم وبدء تراجعه، أو على سعر العملة التي يتوقع أنها ستتحسن، سيعيد لقطاعي العقارات والسيارات أهميتهما الاستثمارية ويبدأ سوقهما بالانتعاش، الأمر الذي سيعيد الحركة للسوق التركية بشكل عام ويساعد بزيادة نسبة نمو الناتج الإجمالي الذي تراجع". 

وكان معهد الإحصاء التركي "حكومي" قد كشف أخيراً عن انخفاض حاد بنسبة 46% في طلب الأجانب على العقارات التركية خلال النصف الأول من عام 2024، حيث تراجعت المشتريات إلى 105 آلاف عقار. 

وأظهرت بيانات معهد الإحصاء التركي أن الروس سجلوا أكبر انخفاض، بنسبة 62%، ليصل عدد مشترياتهم إلى حوالى 2,423 عقاراً، تلاهم الإيرانيون بتراجع بلغ 60% إلى 1,070 صفقة، في حين انخفضت مشتريات العراقيين بنسبة 50% إلى 494 صفقة.

ويعقب مدير المبيعات بشركة "امتلاك" أحمد ناعس، بأن "تضخيم الأحداث واستهداف الغرباء أثّرا كثيراً في المستثمرين العرب، ولكن الروس والإيرانيين خارج هذا السبب"، مضيفاً أن "الروس وجدوا ارتفاع الأسعار الكبير، خصوصاً بولاية أنطاليا، وهم أصحاب ميزانيات محددة، وربما ليقينهم باقتراب انتهاء الحرب مع أوكرانيا، سبب مهم".

وأشار إلى أنه "بالنسبة إلى الإيرانيين، فقد توجهت معظم رساميلهم إلى أوروبا، لكن الروس والإيرانيين وحتى العراقيين، لم يزالوا أهم مشتري العقارات في تركيا، في حين تراجع الخليجيون كثيراً، بينما توقف تقريباً شراء السوريين، بل إن معظم السوريين باعوا أو عرضوا عقاراتهم للبيع".

وحول أثر ارتفاع سعر الفائدة المصرفية، يرى ناعس أن "هذا السبب المهم ينسحب على رأس المال التركي، وقلما يشغل الأجنبي"، كاشفاً أن "المصارف والشركات العقارية خفضت زمن التقسيط لنحو عام فقط ورفعت سعر الفائدة بالتوازي مع ارتفاع سعر الفائدة المصرفية". 

متى ينتعش سوق العقارات في تركيا؟

ويتوقع ناعس أن "يعاود سوق العقارات في تركيا الانتعاش، بالتوازي مع تراجع سعر الفائدة المصرفية المتوقع في أكتوبر/ تشرين الأول المقبل حسب تصريح محافظ المصرف المركزي". وأكد ناعس أن "الشركات العقارية الكبرى تستغل جمود السوق اليوم وتشتري كثيراً، ما حوّل معظم العقارات إلى عدد محدود من الشركات العقارية الكبرى التي ستتحكم لاحقاً بالسوق والعرض والسعر، لأن المستثمرين العقاريين الكبار، لا ينظرون إلى القطاع على أنه استثمار قصير، بل طويل ومتوسط الأجل، ما يزيد توقعات عودة انتعاش العقار وارتفاع الأسعار ابتداءً من مطلع العام المقبل".

ويرى مراقبون أن رفع تركيا منذ إبريل/ نيسان 2022 قيمة العقار لمنح الجنسية، من 250 إلى 400 ألف دولار، سبب مهم لتراجع المبيعات، خصوصاً بالنسبة إلى الدول المضطربة سياسياً التي يسعى سكانها لجنسية، بعد فقدان الأمل بالعودة إلى الأوطان الأصلية، مثل العراق وسورية وليبيا واليمن، وحتى الإيرانيين والروس.

ويذكر أن برنامج الجنسية مقابل الاستثمار العقاري، بدأ بتركيا لأول مرة عام 2017، لكن المبلغ المحدد كان مليون دولار، وخُفِّض المبلغ ليصل عام 2020 إلى 250 ألف دولار، لترتفع المبيعات عام 2021، ما مجموعه 58 ألفاً و 576 منزلاً للأجانب، وفق بيانات رسمية.

وكانت الحكومة التركية قد أطلقت برنامجاً يسمى "الجنسية التركية من طريق برنامج الاستثمار"، الذي يسمح للأجانب بالحصول على الجنسية التركية من طريق شراء عقارات في تركيا. ولكن يلزم المستثمرين شراء عقارات بقيمة 400 ألف دولار على الأقل، سكنية أو تجارية، جديدة أو مملوكة مسبقاً.

كذلك يلزم تسجيل المعاملة في الـ Tapu (مكتب السجل العقاري) ويتم إجراؤها بالليرة التركية أو العملة الأجنبية من خلال بنك تركي. وبعد شراء العقار وتسجيله واستيفاء الشروط، يمكن للمستثمرين التقدم بطلب للحصول على الجنسية التركية من خلال المديرية العامة لإدارة الهجرة، مع توفير المستندات اللازمة، مثل جواز السفر وشهادة الميلاد وشهادة الزواج (إن وجدت) وشهادة السجل الجنائي.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!