ترك برس
استعرض تقرير بصحيفة يني شفق التركية أسباب رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة أو تسوية بشأن الرهائن، مؤكدا أن الدعم العسكري والدبلوماسي الأمريكي لإسرائيل يعزز موقفها ويسهم في استمرار النزاع.
واستخدم كاتب التقرير عبدالله مراد أوغلو، أسطورة سيزيفوس لتوضيح كيف أن جهود السلام تبدو وكأنها تدور في حلقة مفرغة، حيث يتم الإعلان عن اقتراب التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، ثم يُعرقل ذلك من قبل التصعيد العسكري الإسرائيلي المستمر.
ولفت التقرير إلى أن الدعم الأمريكي يساعد في تنفيذ سياسة "إسرائيل الكبرى" وتعزيز الاستيطان الإسرائيلي على حساب الأراضي الفلسطينية، مما يؤدي إلى تهجير الفلسطينيين وتدمير إمكانية التوصل إلى تسوية سلمية.
وفيما يلي نص التقرير:
يرى نتنياهو أنه من خلال الاستمرار في قتل الفلسطينيين، فإنه يضمن بقائه في السلطة، ولهذا السبب فهو يرفض التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار أو اتفاق بشأن الرهائن. وهذا الرفض يتماشى مع استراتيجيته الأوسع في ظل الأوضاع الحالية. وبغض النظر عن الجهة التي ينتمون إليها، يلتقي الصهاينة في هدف مشترك وهو تطهير فلسطين من الفلسطينيين، مما يعزز موقف نتنياهو ويجعل من الصعب تحقيق أي تقدم في مساعي السلام. في هذا السياق، يستغل نتنياهو الوضع الراهن، خاصةً في ظل قضايا الفساد التي تواجهه والتي من المتوقع أن تؤدي به إلى السجن. هذه القضايا، بدورها، تجعل من الصعب عليه تقديم تنازلات أو الوصول إلى حلول سلمية، مما يزيد من تعقيد المشهد السياسي في المنطقة.
وتظل جهود وقف إطلاق النار غير مثمرة طالما أن الولايات المتحدة، التي تعد الداعم الرئيسي لإسرائيل ومصدر أسلحتها، لا تمارس ضغوطًا جدية على نتنياهو. وفي ظل عدم استعداد الولايات المتحدة لفرض حظر على الأسلحة أو ممارسة أي نوع من الضغط على إسرائيل، يجد نتنياهو نفسه مشجعًا على الاستمرار في سياساته القمعية دون أي عواقب أو رادع. نتيجةً لذلك، تتحول محاولات التوصل إلى هدنة إلى ما يشبه "الدورة السيزيفية"، حيث تبدو جهود السلام وكأنها تدور في حلقة مفرغة لا نهاية لها.
في الأسطورة اليونانية القديمة، كان سيزيفوس يُعاقب بدفع صخرة ضخمة إلى قمة جبل. لكن كلما اقتربت الصخرة من القمة، كانت تتدحرج إلى أسفل من جديد، مما يجعله مضطراً للبدء من الصفر. هذه الدورة المستمرة تعكس معاناة سيزيفوس التي لا تنتهي، وهي تشبه إلى حد بعيد الصراع الفلسطيني الذي يبدو عالقًا في حلقة مفرغة من العنف والتجاهل.
وكلما تُعلن إدارة بايدن عن الاقتراب من التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، يُعرقل نتنياهو هذه الجهود من خلال استمراره في قصف غزة وارتكاب المجازر، بما في ذلك تنفيذ اغتيالات تهدف إلى توسيع نطاق الحرب إلى مناطق أخرى، مما يثير تساؤلات حول سبب عدم توقف نتنياهو عن سياساته الحالية.
وفي الوقت الذي تواصل فيه إدارة بايدن محاولاتها المزعومة لفرض وقف إطلاق النار، يستمر جيش الاحتلال الإسرائيلي في قصف المدنيين في غزة، حيث قُصف يوم السبت منزل ومستودع للمواد الغذائية في بلدة الزوايدة، مما أسفر عن مقتل 9 أطفال من نفس العائلة إضافة إلى والدتهم وجدتهم. وفيما يدعي جيش الاحتلال الإسرائيلي أن الهجوم كان يستهدف "بنية تحتية إرهابية" غير محددة، فإن الواقع يثبت أن القصف لا يميز بين الرضع والأطفال والنساء والشيوخ، مما يجعل كل فلسطيني هدفاً. لذا، فإن الهجوم على الزوايدة هو مجرد مثال على الإبادة الجماعية اليومية التي يتعرض لها الفلسطينيون في غزة.
وبفضل الدعم العسكري والدبلوماسي والمالي الذي تقدمه الولايات المتحدة، يقوم الصهاينة بسلب الأراضي الفلسطينية تدريجيا قطعة بعد قطعة، مما يؤدي إلى إبعاد الفلسطينيين عنها. ونتيجة لهذا الدعم، استمر الصهاينة في تنفيذ سياسة بناء "إسرائيل الكبرى" دون الالتزام بالاتفاقيات التي أُبرمت مع الفلسطينيين، مثل اتفاقيات أوسلو. وهكذا، ظل الفلسطينيون الضحايا الدائمين، في حين كان الخداع يأتي من إسرائيل والولايات المتحدة وحلفائها الغربيين.
وأصبحت عمليات التعذيب والمجازر وتهجير السكان أمورًا روتينية في الأراضي الفلسطينية المحتلة من النهر إلى البحر. ومع ذلك، يواصل الفلسطينيون نضالهم المستمر من أجل استعادة حريتهم وكرامتهم عبر الأجيال. في المقابل، تتبع الولايات المتحدة والدول الغربية سياسة التهدئة تجاه العصابات الصهيونية القاتلة، لكن هذه السياسات المذلة تتكشف تدريجياً.
نشر آدم شتايل مقالا في صحيفة "ذا هيل" الأمريكية، تحت عنوان "أكبر تهديد لإسرائيل هو الزمن: الجيل زد يُظهر تعاطفًا أقل مع قضية إسرائيل".
وأعرب شتايل عن قلقه من تزايد مشاعر العداء لإسرائيل بين الشباب الأمريكيين، محذرًا من أن هذه المشاعر قد تؤثر سلبًا على الدعم السياسي لإسرائيل في المستقبل. وللرد على هذا التهديد، حاول شتايل تصوير الانتقادات الموجهة لإسرائيل على أنها "معاداة للسامية"، واقترح اتخاذ تدابير على المستوى الفيدرالي لوقف هذه الانتقادات.
وأظهر استطلاع أجراه "مجلس شيكاغو للشؤون العالمية" هذا الشهر أن غالبية الأمريكيين يعارضون استخدام القوات المسلحة الأمريكية للدفاع عن إسرائيل في حال تعرضها لهجوم. وفقاً للاستطلاع، يؤيد 42% من الأمريكيين استخدام القوات الأمريكية للدفاع عن إسرائيل، بينما يعارض 56% ذلك. من بين الجمهوريين، يؤيد 53% هذا الموقف، في حين يدعمه 42% من الناخبين المستقلين، و34% فقط من الديمقراطيين. ونلاحظ تراجع دعم إسرائيل ففي السنوات السابقة، كان مستوى تأييد الدعم العسكري لإسرائيل أعلى من هذه الإحصائيات.
كما أن "مؤتمر الحزب الديمقراطي"، الذي من المتوقع أن يُصادق على ترشح كامالا هاريس للرئاسة في الانتخابات المقبلة، أصبح هدفاً للاحتجاجات المطالبة بتعليق الدعم العسكري لإسرائيل. في شيكاغو، التي تعرف بـ "المدينة العاصفة"، خرج عشرات الآلاف من الأمريكيين إلى الشوارع لدعم غزة. والآن، يبدو أن الرياح في شيكاغو تهب لصالح فلسطين.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!