توران قشلاقجي - القدس العربي
أعتقد أن أهم تطور جرى منذ عشرة أشهر هو أن ما نطلق عليها اسم «الغرب» قد فقد دوره، باعتباره نموذجا وقدوة. فلم يعد له الحق أو الوجه ليقول لأحد إن «هذا هو الصواب، اتبعوه». ليس فقط في الدول الإسلامية، بل في جميع أنحاء إفريقيا وآسيا، وفي كل مكان خارج نطاقهم. والآن، مهما حاولوا أن يتظاهروا بعدم حدوث شيء، فلن يأخذهم أحد على محمل الجد.
إسرائيل والولايات المتحدة ارتكبتا خطأ كبيراً من خلال الاستكبار وتضخيم وتقدير نفسيهما، أكثر مما هو في الواقع، ورؤية الطرف الآخر أقل وأضعف مما هو عليه. لأن هذه الحرب ليست ضد أي دمية تأتمر بأمرهم، أو أي نظام دكتاتوري عسكري كما كان يحدث من قبل. كان الإسرائيليون والأمريكيون يقاتلون دوماً ضد أنظمة خائفة تحت الهيمنة الغربية. ولكن الآن، هم يقاتلون ضد أناس أقوياء لم يتبق لديهم ما يلجؤون إليه سوى الله. وكما يذكرنا التاريخ دائماً؛ لا يمكنكم الانتصار على الإيمان.
لم يدرس الغربيون طبيعة الفيتناميين الذين يدافعون عن وطنهم، ولا الأفغان. فهم لم يقرأوا أو أن تكبرهم جعلهم لا يهتمون. فمن جانب، لم يفهموا قوة الإيمان، ومن جانب آخر، لم يفهموا قوة وسائل التواصل الاجتماعي، التي يشاهدونها. العالم يشهد انتصار الإيمان على استكبار الولايات المتحدة والغرب. هذه هي الروح، التي دفعت ضمير الإنسانية في العالم للنزول إلى الشوارع. إذ أصبح الجميع يرون كل ما يمارسه الغرب ولم يعد بإمكانه أن يحول دون ذلك.
الكلمة العبرية «إسرائيل»، التي تعني «يصارع الله» واختارها الصهاينة كاسم لبلدهم، أصبحت تُعرف الآن بـ «إسرابيل»(Israpel) بعد المجازر الوحشية في غزة، حيث يداس على كل القيم الإنسانية. تمت صياغة هذه الكلمة من خلال دمج كلمة «رابي» (rape) الإنجليزية، التي تعني «اغتصاب، انتهاك، تدنيس، نهب وحرق»، مع كلمة «إسرائيل»(Israel). وستُعرف إسرائيل من الآن فصاعدا بـ«دولة المغتصبين إسرابيل». لأنهم يستمتعون بشكل سادي بارتكاب كل جريمة وبكل وحشية ممكنة في غزة، من الأدنى إلى الأشد قسوة. والعالم يراقب ذلك. وما زال هناك خونة يشبهون أبناء الصهاينة يصولون ويجولون بيننا، وهم يقدسون دولة الإرهاب، التي ترتكب جميع أنواع العنف الجنسي والتعذيب ضد الفلسطينيين، سواء كانوا رجالاً أو نساءً أو أطفالاً، باعتبارها استراتيجية أمنية وطنية وسلاحاً حربياً.
يُقتل العشرات من الأبرياء يومياً في غزة بشكل وحشي. وهذه الوحشية هي فقط قمة الجليد. يُقتَل السجناء بالتعذيب الجنسي. يُعدم الآباء أمام أطفالهم. يُستهدف الناس عشوائياً بواسطة القناصين. يُدفن الجرحى والنساء الحوامل أحياء. وهنا يجب أن نسأل أبناء الصهاينة الموجودين بيننا: هل الجنود الإسرائيليون الذين يحولون كل أشكال الوحشية والتعذيب والعنف الجنسي إلى سلاح ممنهج هم أكثر الجيوش أخلاقية في العالم؟ من زرع هذا الهراء في عقولكم؟
ختاما؛ يتبادر إلى الذهن قول الكاتب والفيلسوف والمفكر النمساوي اليهودي الذي أعلن خروجه من اليهودية، كارل كراوس: «ينبغي الترحيب بالفوضى لأن النظام فشل». لا شك أن ما سيحدث في النهاية سيكون خيراً إن شاء الله. السنوات القادمة ستكون لصالح أطفال هذه المنطقة، وسنتجاوز جميعاً هذه الأوقات العصيبة والظروف المشينة بإذن الله. وسيبحث الصهاينة وأعوانهم عن مكان للاختباء فيه ولكنهم لن يجدوه.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس