يوسف قابلان - يني شفق

هزت جريمة قتل الطفلة نارين ولاية دياربكر، وتوجهت أنظار البلاد بأكملها منذ أسبوع نحو جريمة قتل الطفلة البريئة بشكل غامض. أعتقد أنه يجب النظر في احتمال ألا يكون هذا الحادث مجرد صدفة. وحتى لو افترضنا أنها جريمة عادية، فإن طريقة ارتكاب الجريمة وحتى العثور على جثة الطفلة البريئة نارين في سن الثامنة تشير إلى أنها ليست مجرد مصادفة، ولا تحتاج إلى كاهن ليقول ذلك .

تأملوا معي كيف بدأت المسألة بالتشكيك في وجود دورات تعليم القرآن الكريم، وتطورت إلى إهانة القيم الإسلامية التي تشكل أساس وجود هذا المجتمع، والتي ظلت تربط بين أفراده على مدى ألف عام كالرابط بين اللحم والعظم. لقد خرجت الأمور عن السيطرة، وهذا يعد تقويضاً لوحدة وتماسك وأخوة هذا المجتمع، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكون ذلك من قبيل الصدفة.

ستمطرنا السماء بالحجارة

للأسف إن جريمة مقتل نارين ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، فقد شهدت تركيا في السنوات الأخيرة العديد من الجرائم التي طالت الأطفال، والتي هزت أركان مجتمعها. إننا نهوي في قاع الجحيم.

وكأن هول الجريمة وحده لا يكفي، إذ قام القاتل الوضيع بعد جريمته بأداء صلاته الزائفة. هل تعتقد حقاً أنك صليت؟ من أنت؟ ومن يقف وراءك؟ ألا تعلم أن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر كما قال تعالى في محكم تنزيله؟.

إذا كانت صلاتك لا تمنعك من ارتكاب جريمة قتل شنيعة بحق طفلة بريئة، فهل يمكن أن تُسمى تلك صلاة؟ لتكن تلك الصلاة وبالًا عليك. أسأل الله أن ينزل عذابه عليك وعلى كل من ساهم في قتل هذه الطفلة البريئة بطريقة وحشية.

عصابة القتلة نزلت إلى الساحة..

ثانيًا، إن التنظيم الإرهابي الدنيء وامتداداته، الذين يختطفون الأطفال إلى الجبال ويعذبونهم بشتى الطرق هناك، والذين قاموا بتقطيع الشهيد ياسين بورو ورفاقه إربًا، ها هم الآن يتخذون من جريمة قتل الطفلة نارين وسيلة للدعاية والاستغلال. يا لكم من عديمي الضمير والإنسانية.

من الواضح أنهم يرون في هذه الحادثة الحساسة فرصة لا تُعوض لدفع البلاد نحو الفوضى.

لماذا لم تُبدوا اهتمامًا يومًا بآباء وأمهات الأطفال المختطفين في ديار بكر؟ لماذا لم تقفوا ولو لمرة واحدة مع "أمهات السبت" اللواتي اختُطف أطفالهن إلى الجبال؟ نسأل الله أن ينزل عقابه عليكم أيضًا. يا عصابة القتلة.

يجب تنفيذ عقوبة الإعدام

كل من يحاول أن يلصق هذه الجريمة الشنيعة بالإسلام هو شخص دنيء. أمثال هؤلاء الأشخاص هم أعداء وحدة وتماسك هذا المجتمع، ولا يستحقون أن يُعتبروا أبناءً لهذه البلاد. إن الإسلام هو النظام الوحيد الذي يضمن أقسى العقوبات لمن يرتكب مثل هذه الجرائم الوحشية. ولذا أقول: يجب إعادة عقوبة الإعدام.

يجب أن يُعاقب مرتكبو هذه الجريمة الوحشية بحق الطفلة البريئة نارين بأقسى العقوبات، وأن يُنفذ فيهم حكم الإعدام دون أي تردد.

خلق الفوضى وإثارة الغضب

ما الذي يحدث في هذا البلد؟ هل هناك من يحاول تفجير المجتمع من أساساته؟ إن المبادئ الإسلامية التي تمثل أساس مجتمعنا، والتي تدعو إلى الرحمة والعدل والأخوة، تُنتهك بشكل ممنهج. جرائم قتل الأطفال والنساء وجرائم القتل بسبب النفقة تنتشر بشكل متزايد.

يجب التحقيق في كل هذه الجرائم حتى النهاية، لا يجب التعامل مع هذه الجرائم على أنها جرائم عادية، بل يجب النظر إليها على أنها جرائم شنيعة تهدف إلى خلق الفوضى والفتنة في المجتمع وتفكيكه وإسقاطه وجعل البلاد غير قابلة للحكم! يجب النظر إليها على أنها جرائم مرعبة متعددة الأوجه تهدف إلى تدمير الأخوة والوحدة والأمان في المجتمع، ويجب التحقيق فيها حتى النهاية دون التهاون مع المسؤولين.

بالإضافة إلى ذلك، فإن هذه الحادثة تُستغل وتُوظف بشكل مكثف من قبل التنظيمات الإرهابية والشبكات العلمانية "الكمالية" العسكرية لتفجير القيم الإسلامية التي حافظت على وحدة وتماسك هذا المجتمع لألف عام، وتقويض ديناميكيتها.

إنهم يسعون إلى تدمير المعتقدات والقيم والثقافة المشتركة والتاريخ المشترك لهذا المجتمع، وإلى جر هذا البلد إلى حافة التفتت والصراع الداخلي. إنني أدين بشدة استغلال التنظيم الإرهابي التابع لإسرائيل والإمبريالية وامتداداته، لجريمة قتل الطفلة نارين لتأجيج الأوضاع في البلاد، وتقويض وحدتنا وتماسكنا وأخوتنا، في حين أنها لا تولي أي اهتمام لأمهات السبت اللواتي يتعرض أطفالهن الأكراد للاختطاف إلى الجبال ليمارس عليهم كل أنواع الانتهاكات والظلم.

أدين بشدة أولئك النواب الذين يتساءلون بازدراء: "ما فائدة دورات تحفيظ القرآن؟ وما الذي يحدث فيها؟". وأتوقع من القانون أن يلاحق هؤلاء الذين يسعون إلى زرع بذور الكراهية والحقد والانقسام وأن يحاسبهم.

لقد شهدنا مرة أخرى كيف تم استغلال جريمة قتل الطفلة نارين للسيطرة على الجبهة الداخلية، بل واحتلالها. تمر تركيا بفترة من الانحلال الأخلاقي والتدهور القيمي الكبير. إننا نشهد أكبر تدهورفي تاريخ الجمهورية الذي يمتد لقرن من الزمان.

العائلة تمزقت، ونسب الطلاق ارتفعت بشكل هائل، وانتشرت الإباحية، والمخدرات، والانحرافات الجنسية، وأعمال العنف بشكل مخيف.

ومع ذلك، فإن القيم الراسخة التي نملكها هي قيم ثابتة وعميقة يحتاجها العالم بشدة اليوم.

علينا أن لا ننسى: إذا فقدت هذه البلاد إيمانها المشترك، وقيمها المشتركة، وتاريخها المشترك الممتد لألف عام، فإنها ستفقد أيضًا وحدتها، واستقرارها، وأخوتها على هذه الأرض. وستفقد هذه الأرض نفسها. وستمحى من صفحات التاريخ لا قدر الله.

عن الكاتب

يوسف قابلان

كاتب تركي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس