ترك برس
سلط مقال تحليلي للكاتب والخبير التركي عبدالله مراد أوغلو، الضوء على كيفية تجاهل الإدارة الأمريكية الحالية برئاسة جو بايدن القوانين والشروط التي تربط المساعدات العسكرية بانتهاكات حقوق الإنسان، في ظل الجرائم التي ترتكبها إسرائيل بالأسلحة الأمريكية.
وأشار مراد أوغلو في مقاله بصحيفة يني شفق إلى أن الإدارة الأمريكية وافقت على تقديم 8.7 مليار دولار كمساعدات عسكرية لإسرائيل، التي تنقل حرب الإبادة من غزة إلى لبنان، وتستمر إدارة بايدن في تقديم هذه المساعدات بينما تتجاهل التشريعات القانونية المتعلقة بها.
وذكر أن انتهاكات القوانين التي تربط المساعدات العسكرية بشروط محددة تسببت في استقالة بعض المسؤولين بوزارة الخارجية الأمريكية. وتعزز هذه المساعدات الجديدة، التي تبلغ قيمتها 8.7 مليار دولار، موقف نتنياهو في توسيع نطاق الحرب. لذلك تواصل إسرائيل استخدام القنابل الأمريكية بكثافة في لبنان، مما يسهم في استمرار المجازر هناك.
وأكد أنه يتعين على وزير الخارجية تقديم تقرير إلى الكونغرس الأمريكي حول ما إذا كانت المساعدات العسكرية تُستخدم وفقًا للقوانين والشروط المحددة. ومع ذلك، كما أبلغ وزير الخارجية أنطوني بلينكن الكونغرس في أوائل مايو، لم يكن هناك أي مبرر لوقف شحنات الأسلحة إلى إسرائيل.
وتابع المقال:
أعدت وحدات وزارة الخارجية تقارير مسودة تشير تمامًا إلى عكس ما تم تقديمه. فقد استقالت ستايسي غيلبرت، إحدى المسؤولات في "مكتب السكان واللاجئين والهجرة"، بسبب تقديم بلينكن إشعارًا يتعارض بشكل كامل مع تقرير المسودة الموجه إلى الكونغرس الأمريكي.
وكانت كل من "الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية" و"مكتب السكان واللاجئين والهجرة" مسؤولتين عن التحقق من استخدام المساعدات العسكرية الأمريكية وفقًا للقوانين. وأظهرت التقارير التي أعدتها هذه الوحدات أن إسرائيل انتهكت القوانين في عدة مجالات، وأكدت ضرورة وقف شحنات الأسلحة إليها.
وفي الأسبوع الماضي، نشر موقع "بروبابليكا" الأمريكي تفاصيل مثيرة حول النزاعات المتعلقة بشحنات الأسلحة إلى إسرائيل داخل وزارة الخارجية. وكشفت"وثائق بروبابليكا" عن الخلفيات التي أدت إلى استقالة ستايسي غيلبرت وموظفين آخرين. وفقًا لهذه الوثائق، تضمنت ملاحظة مؤلفة من 17 صفحة أُرسلت إلى بلينكن من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية أن إسرائيل تتدخل في جهود الإغاثة الإنسانية، وتستهدف سيارات الإسعاف والمستشفيات، وتستولي على شاحنات الأدوية والغذاء.
وفقًا للبريد الإلكتروني الداخلي الذي حصل عليه موقع "بروبابليكا" الأمريكي، طلب مكتب "السكان واللاجئين والهجرة" تطبيق العقوبات المنصوص عليها في "قانون المساعدات الخارجية الأمريكية" ضد إسرائيل، التي تعرقل المساعدات الإنسانية. كما تضمن التقرير مذكرة تلغرافية من السفير الأمريكي في إسرائيل، جاك لو، يطلب فيها من وزير الخارجية بلينكن الثقة في الحكومة الحربية التي تضم نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت، رغم الحقائق الموجودة على الأرض.
من جهتها، أفادت "الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية" أنها رصدت تكرار وعود الإسرائيليين باتخاذ تدابير لمنع عرقلة المساعدات الإنسانية، لكنهم لم يلتزموا بها. ووفقًا لذلك، تم إيقاف قافلة من موظفي المساعدات الإنسانية من قبل الجيش الإسرائيلي أثناء تقدمها في الطريق المخصص لها. علاوة على ذلك، أطلق الجنود الإسرائيليون النار على هذه القافلة، مما أسفر عن مقتل اثنين من موظفي المساعدات.
يضم تقرير موقع "بروبابليكا" مزيدًا من التفاصيل، إلا أن الحقائق واضحة للجميع. وفي تعليق لها ردًا على تقرير وزير الخارجية بلينكن المقدم إلى الكونغرس، أكدت ستاسي جيلبرت، التي استقالت احتجاجًا، أن "كل ما كُتب في هذا التقرير غير صحيح".
من جهته تعمد بلينكن إخفاء الحقائق عن الكونغرس الأمريكي. ولو أنه كشف عنها، فهل كان الكونغرس سيتخذ الإجراءات اللازمة؟ هذا موضوع آخر. باستثناء عدد قليل من الديمقراطيين وعدد أقل من الجمهوريين، لا أحد يتوقع أن يتخذ الكونغرس الأمريكي قرارًا بوقف شحنات الأسلحة إلى إسرائيل.
في الواقع، الضحية الحقيقية هي الشعب الأمريكي. هؤلاء الأمريكيون الذين يدفعون من أموالهم ثمن الشحنات التي تمنح إسرائيل تصريحًا مفتوحًا بالقتل يتم انتهاك حقهم في معرفة الحقيقة. قد يشعر أعضاء الكونغرس بالارتياح لأنهم يسمعون ما يريدون سماعه فقط. سواء كانوا ديمقراطيين أو جمهوريين، فإن موقفهم يتغير جذريًا عندما يتعلق الأمر بإسرائيل. ويبدو أن هذا الوضع المشين سيستمر ما لم يصبح صوت الشعب الأمريكي أقوى من صوت "اللوبي الإسرائيلي" و"المجمع الصناعي العسكري الأمريكي" في الكونغرس.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!