محمد قدو الأفندي - خاص ترك برس

بات من الواضح أن كل العراقيل التي وضعتها بعض الأطراف الإقليمية وبعض الجهات الدولية للسيادة المغربية على أراضيها في الصحراء قد باءت بالفشل الذريع مثلما توضحت للعيان الفكرة المغربية في إقامة حكم ذاتي باعتبارها أنجع السبل لحل هذه المسألة.

إن الفكرة المغربية في إقامة الحكم الذاتي على جزء مهم من ترابها كانت عبارة عن سد وحاجز قوي استطاع إفشال كافة التدخلات الخارجية بل إن الفكرة نابعة أساسا من شعور المغاربة حكومة وشعبا بوحدة التراب المغربي وباعتبار أن الصحراء جزء لايتجزأ من أراضي المملكة المغربية. 

إن العراقيل والمخططات التي كانت تضعها تلك الأطراف لم تكن تبغي وحدة الأراضي المغربية مطلقا ليقينهم بأن الصحراء جزء من التراب المغربي بل كانت تسعى فقط لتأخير ومنع التقدم لتلك المنطقة، بل إن الأساس هو لإشغال المملكة والشعب المغربي عن التقدم والازدهار.

ومن الطبيعي جدا أن تكون المخخطات الفاشلة التي تبنتها بعض الأطراف والتي أوهمت بها بعض الساعين للحصول مكاسب آنية هي قصيرة الأجل وأن الخروج من أوهام الضلال تلك هو التراجع عن مواقف اتخذت في أوقات ضبابية سابقة.

فجمهورية الإكوادور، التي كانت قد اعترفت بما يسمى بالجمهورية الصحراوية عام 1983، تعلق اعترافها بـ"الجمهورية الصحراوية". فقد أبلغت وزيرة خارجية الإكوادور، السيدة غابرييلا سومرفيلد، خلال مباحثات هاتفية، نظيرها المغربي، السيد ناصر بوريطة، بهذا القرار وبرسالة الإخطار التي بعثت بها إلى ما يسمى بتمثيلية الانفصاليين في كيتو.

وفي ظل هذه التطورات الإيجابية لصالح وحدة التراب المغربي يأتي تصريح ماكرون رئيس فرنسا تحت قبة البرلمان المغربي ليجدد موقف بلاده الداعم لسيادة المملكة المغربية على أقاليمه الجنوبية مؤكدا بأن حاضر ومستقبل الصحراء لا يمكن أن يكون إلا تحت السيادة المغربية، مضيفا أن فرنسا ستتبنى مسألة سيادة المغرب على اقاليمه الجنوبية المتمثلة بالصحراء في المحافل الدولية.

وعلى أثر تلك التصريحات للرئيس الفرنسي نشرت وزارة الخارجية الفرنسية على موقعها الرسمي خريطة رسمية للمغرب تشمل صحرائه، مع إعلانها عن نيتها تعزيز حضورها القنصلي والثقافي بالصحراء المغربية.

والجدير بالذكر أنه في يوليو الماضي، قال الرئيس ماكرون، في رسالة للعاهل المغربي، إن فرنسا تعترف بالمقترح المغربي بخصوص الحكم الذاتي لمنطقة الصحراء المغربية، في إطار السيادة المغربية كأساس وحيد لحل دائم للقضية.

وهنا لا بد من الإشارة أن فرنسا دولة أوربية وهي إحدى أهم دول الاتحاد الأوربي وتعتبر خطواتها قدوة للكثير من الدول الاوربية كما أن وجودها الاستراتيجي في معظم أطراف القارة الأوربية له تأثير مباشر وغير مباشر في توطين فكرة الحكم الذاتي المقترح من المملكة المغربية لمسألة الصحراء، هذا من جانب ومن جانب آخر وهو الأهم أن فرنسا دولة ذات عضوية دائمة في مجلس الأمن الدولي وأن تبنيها مسألة سيادة المغرب على الصحراء المغربية سيمرر حتما في مجلس الأمن وباستطاعتها نقض أي قرار يخالف هذا التوجه.

وفي وقت سابق أكدت الدنمارك، أنها تعتبر مخطط الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب في 2007 "مساهمة جادة وموثوقة في المسار الأممي الجاري وأساسا جيدا من أجل حل متوافق عليه بين جميع الأطراف".

وجاء في بيان مشترك، تم اعتماده عقب محادثات أجراها، الأربعاء بنيويورك، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، مع وزير الشؤون الخارجية الدنماركي لارس لوكي راسموسن، على هامش الدورة الـ79 للجمعية العامة للأمم المتحدة، أن "مخطط الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب في 2007 مساهمة جادة وموثوقة في المسار الأممي الجاري وأساس جيد من أجل حل متوافق عليه بين جميع الأطراف"، حسب ما نقلت وكالة المغرب العربي للأنباء، والدنمارك التي تقع في أقاصي أوربا الشمالية والتي لم تكن لها علاقات تجارية ضخمة تجازي فرنسا ولا حتى حدود مشتركة آثرت توثيق موقفها التاريخي من أحقية إدارة المغرب على صحرائه بالطريقة التي تراها مناسبة وعادلة وعملية في حلها.

ولعل من أهم هذه التطورات الإيجابية السابقة هوالاعتراف الأميركي بالسيادة المغربية على الأقاليم الصحراوية في ديسمبر/كانون الأول 2020. تلاه الاعتراف الإسباني (2022)، ثم الاعتراف الفرنسي (2024)، ناهيك عن مواقف دول أخرى، أوروبية ومن أميركا اللاتينية، وأغلب دول الجامعة العربية والكثير من دول الاتحاد الأفريقي، ممن أعربت حكوماتها رسميا عن دعمها لمبادرة "الحكم الذاتي" في الصحراء الغربية التي تقدم بها المغرب، في  أبريل/نيسان 2007، مرحبة بالمبادرة على أساس كونها "الحل الأمثل والواقعي والجدي والموثوق القائم على التوافق.

إن الزخم الدولي المتمثل بالاعتراف باحقية المغرب في صحراءه وتبني فكرة الحكم الذاتي الحل الوحيد والامثل  يصب اليوم بالكامل في صالح المغرب، وأن كل ماعدا هذه الفكرة فهي باطلة ويراد لها فقط في تأخير مقومات الاستقرار والتقدم للأقليم الصحراوي بالاخص وللمملكة المغربية على وجه العموم.

وفي الختام لا بد من التذكير بأن مسألة التدخل في الشأن الداخلي من قبل بعض الدول بحجة مساعدة بعض الأطراف في هذا البلد أو تلك الدولة لا بد أن تكون لمآرب أخرى وأن تلك الجهة التي تتلقى الدعم من خارج دولتها ستنفذ إملاءات تلك الدولة أو لا وحتى قبل مصلحتها، بل أن مصلحتها (الوطنية) إن جاز التعبير ستتحول رويدا رويدا الى مجرد بضاعة تتسوق بها الدولة الداعمة.

------------------

المقالات المنشورة في موقع ترك برس لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس