ترك برس

يشهد المشهد السوري تحولات جذرية مع تراجع النفوذ الروسي وتصاعد الدور التركي، في ظل تنافس إقليمي ودولي على رسم مستقبل البلاد، بينما تركز الولايات المتحدة على مواجهة تنظيم داعش والحفاظ على نفوذها شرق سوريا.

ومع التطورات الأخيرة، أصبحت تركيا لاعبا محوريا في المشهد، بينما تراجع الدور الروسي تدريجيا، وتحول النفوذ الإيراني نحو المسار الدبلوماسي، في حين تسعى الولايات المتحدة للحفاظ على مصالحها الإستراتيجية في المنطقة مع التركيز على محاربة تنظيم الدولة الإسلامية في شرق سوريا.

وناقش حلقة برنامج "من واشنطن" على شاشة قناة الجزيرة القطرية، المشهد السوري المعقد في ظل تعدد اللاعبين الإقليميين والدوليين، وتغير موازين القوى على الأرض.

واستعرض البرنامج تصريحات المتحدث باسم الخارجية الأميركية، جون كيربي عن رؤية واشنطن للوضع في سوريا، مؤكدا أن روسيا لا تزال تريد البقاء في سوريا رغم سحب بعض قواتها ومواردها.

وحول الوجود العسكري الأميركي، يوضح كيربي أن "التركيز ينصب على الحفاظ على الوجود في شرق سوريا لملاحقة داعش، مع الحفاظ على الشراكة مع قوات سوريا الديمقراطية".

وفي مداخلة للبرنامج من إسطنبول قدم مراسل الجزيرة عمر خشرم، تحليلا للدور التركي المتعاظم، موضحا أن تركيا أصبحت اللاعب الأهم والأساسي في المشهد السوري. كما أشار إلى العلاقة الوثيقة بين تركيا والثوار الذين سيطروا على معظم مساحة سوريا.

هاجس الأمن واللاجئين

ويؤكد خشرم أن تركيا ستحارب في المرحلة القادمة من أجل تحقيق الاستقرار في سوريا والحفاظ على وحدة أراضيها، مدفوعة بهاجس الأمن القومي ومسألة اللاجئين السوريين البالغ عددهم أكثر من 3 ملايين لاجئ.

ومن موسكو قدمت مراسلة الجزيرة رانيا دريدي، قراءة للموقف الروسي، مؤكدة أن روسيا تتعامل مع الملف السوري ببراغماتية، لافتة إلى أن موسكو بدأت بالتواصل مع السلطات الجديدة، مع إمكانية إعادة النظر في تصنيف بعض الجماعات المسلحة.

وحول التواجد العسكري الروسي، تقول الدريدي إن موسكو ترى أن أهمية القواعد العسكرية التابعة لها في سوريا تراجعت، مع التركيزعلى الحرب في أوكرانيا كأولوية إستراتيجية.

ومن جهته، قدم مراسل الجزيرة في طهران، نور الدين الدغير تحليلا للموقف الإيراني، موضحا أن إيران تتبنى إستراتيجية جديدة تركز على العمل الدبلوماسي بدلا من العمل الميداني.

ولفت إلى النشاط الدبلوماسي المكثف للمسؤولين الإيرانيين في المنطقة، مؤكدا أن طهران لا ترى ما يجري هزيمة إستراتيجية، بل كمرحلة تتطلب إعادة تموضع وتكييف الإستراتيجيات مع المعطيات الجديدة.

وفي تطور تاريخي، أُعلن يوم الأحد، 8 ديسمبر/كانون الأول 2024، سقوط نظام بشار الأسد في سوريا بعد دخول الفصائل السورية المسلحة إلى العاصمة دمشق. وقد فرّ بشار الأسد إلى العاصمة الروسية موسكو، منهياً حكمًا استمر منذ عام 2000 خلفًا لوالده حافظ الأسد.

جاء سقوط النظام بعد ما يقرب من 14 عامًا على انطلاق الثورة السورية، وتصعيد كبير للفصائل المسلحة التي بدأت عملياتها الأخيرة أواخر نوفمبر/تشرين الثاني 2024 من مناطق ريف حلب الغربي، وصولًا إلى دمشق.

بهذا الانهيار، طُويت صفحة استمرت 61 عامًا من حكم نظام حزب البعث، و53 عامًا من سيطرة عائلة الأسد على السلطة في سوريا.

بدورها، أعلنت تركيا دعمها للإدارة السورية الجديدة بقيادة رئيس الحكومة المؤقتة محمد البشير، حيث أعادت أنقرة فتح سفارتها في دمشق بعد إغلاق دام قرابة 12 عامًا، وبعد أيام منزيارة رئيس جهاز الاستخبارات التركي، إبراهيم كالن، للعاصمة دمشق، في خطوة تُبرز دعم تركيا للتحولات السياسية في سوريا.

وفي أكثر من مناسبة، أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على أن بلاده ستدعم الشعب السوري سياسيا واقتصادية ودبلوماسيا وعسكريا في مرحة ما بعد سقوط نظام البعث، معبرا في الوقت نفسه رفض تركيا القاطع لـ "الأطماع الانفصالية" في سوريا وللهجمات الإسرائيلية التي تكثفت عقب سقوط النظام.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!