ترك برس
تحتضن تركيا وفق تقارير الأمم المتحدة الخاصة باللاجئين أكثر من مليون ونصف المليون لاجئ من جنسيات مختلفة، جُلّهم من السوريين. وقد جعل احتواء تركيا على هذا العدد الضخم من اللاجئين الأحزاب السياسية الرئيسية تضع هذا الموضوع في أجندتها وتتناوله بشكل جاد، وقد برز ذلك في الحملات الانتخابية لهذه الأحزاب قبيل الانتخابات البرلمانية التي جرت في حزيران/ يونيو الماضي.
تناولت الباحثة لدى مركز الأبحاث السياسية والاقتصادية والاجتماعية "سيتا"، "نيجار توغسوز" موضوع سياسة الأحزاب السياسية التركية تجاه اللاجئين في بحث أوضحت في مقدمته الموضوع ببعض الأسئلة: ماهو وضع اللاجئين السوريين اليوم في تركيا؟ ماهي سياسة ووعود الأحزاب السياسية تجاه اللاجئين السوريين؟ وهل هناك سياسة دولة خاصة باللاجئين بعيدة عن سياسة الأحزاب؟.
وأشارت إلى أن موضوع اللاجئين واللجوء يُستخدم في تركيا كما هو الحال في جميع أنحاء العالم كبرنامج سياسي داخلي لكثير من الأحزاب السياسية، وأ ثناء استغلاله بهذا الشكل يتم غض البصر عن المسؤوليات والمبادئ الموجودة في القانون الدولي والخاصة بموضوع اللجوء واللاجئين.
كما بيّنت اأنّ جميع الأحزاب السياسية استخدمت موضوع اللاجئين كوعد سياسي في حملاتها السياسية بانتخابات 7 حزيران/ يونيو 2015 الأخيرة، وهذا يوضح مدى عمق المشكلة والوعي الشعبي الخاص بهذا الموضوع الأمر الذي جعل الأحزاب السياسية تقدم حلولًا متنوعة بخصوص موضوع اللاجئين، على حد تعبيرها.
أكدت الدراسة أن سياسة الأحزاب السياسية التركية الخاصة باللاجئين تطفو على السطح بشكل عام خلال الفترات التي تتصل فيها الأحزاب السياسية بالمواطن بشكل مباشر مثل فترة الانتخابات وفي غير هذه الفترات تتجنب الأحزاب السياسية نسبيًا التطرق لهذا الموضوع.
وذكرت الباحثة أنه حسب تقارير الأمم المتحدة فإنّه قد هاجر من سوريا إلى الدول المجاورة أكثر من 3.9 مليون لاجئ إلى يومنا هذا، والمعني من الدول المجاورة هي لبنان والأردن وتركيا، وحسب تقارير الإدارة العامة للهجرة التركية فإنه منذ بدء الأزمة السورية عام 2011 إلى يومنا هذا استقبلت تركيا حوالي مليون و759 ألف لاجئ سوري بشكل منتظم، ويعتبر هذا العدد أكبر عدد تستقبله تركيا منذ تأسيسها.
وحسب مفوضية الأمم المتحدة العليا للاجئين فإن هذا العدد من اللاجئين السوريين يتوزع في تركيا بهذا الشكل: 258 ألف يقطنون في 25 مخيم موزع على 10 مدن تركية حدودية، وأما العدد الباقي فيتوزع في جميع أنحاء تركيا ويقيم في بيوت تركية ويعمل في معامل تركية كالمواطنين الأتراك.
ويُتوقع أن يصل عدد اللاجئين السوريين في تركيا إلى 2.5 مليون لاجئ حسب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وتبين المفوضية أن أكثر من نسبة 53 بالمئة من اللاجئين السوريين هم من النساء وتقل أعمارهم عن 18 عام.
وبعد توضيح الحالة العام للاجئين السوريين في تركيا ترجع الباحثة لسياسة الأحزاب السياسية تجاه اللاجئين، وتردف قائلة إنّ أغلب الأحزاب السياسية الأساسية التركية استخدمت موضوع اللاجئين وكأنه موضوع سياسي وليس موضوعًا إنسانيًا وحقوقيًا. يُحاول حزب العدالة والتنمية، على الرغم من استعماله الجزئي للموضوع كطُعم سياسي حسب وصف الباحثة، تصوير الموضوع وكأنه موضوع إنساني وحقوقي ولكنه واجه خسارة 9 نقاط بعد تبنيه وإصراره على موضوع اللاجئين الإنساني، أما الأحزاب البرلمانية الأخرى فجميعها معارض لسياسة استقبال اللاجئين، فحزب الشعب الجمهوري يقول إن "على اللاجئين السوريين البقاء في وطنهم والاقتناع بالرئيس الأسد الذي وفر الأمن والاستقرار لسوريا لفترات طويلة، وإن المواطن التركي أحق بالاهتمام الذي يوجه للاجئ السوري"، على حد تعبيرها.
وتؤكد الباحثة أن حزب الحركة القومية أكد في وقت سابق أن" اللاجئين السوريين أضروا بشكل كبير بتركيا وأمنها وشعبها، وإن كل ذرة دعم تقدم للاجئ السوري المواطن التركي أحق بها". أما حزب الشعوب الديمقراطي فقد صرح بأن" عدم الاستقرار الناتج في المنطقة سببه الرئيس تعنت تركيا في الوقوف ضد النظام السوري وقيامها باستقبال أكثر من مليون ونصف المليون من اللاجئين السوريين، لو تعاملت تركيا مع الموضوع بشكل دبلوماسي لما حدثت حالة عدم الاستقرار هذه، على تركيا إرسال اللاجئين السوريين لبلادهم وإرجاع العلاقات التركية السورية إلى سابق عهدها".
وفي نهاية التقرير تعرب الباحثة عن أسفها "لعدم ترسيخ سياسة دولة بعيدة عن الأحزاب السياسية تخص اللاجئين السوريين ووضعهم الإنساني". وتؤكد الباحثة أنه "لغاية الان لم يتم تطوير سياسة دولة خاصة باللاجئين على أي مستوى من المستويات داخل مؤسسات الدولة الخاصة بالجمهورية التركية". وتتوقع الباحثة أن "تتغير سياسة تركيا تجاه اللاجئين في ظل السعي لتأسيس الحكومة الائتلافية، لا أتوقع أن توقف تركيا مساعدتها للاجئين السوريين بشكل جذري ولكن لا أتوقع بأن تستمر كما هي الآن".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!