إسلام الغمري - خاص ترك برس

منذ أكثر من 15 شهرًا، تقف المقاومة الفلسطينية في غزة على خط النار، تواجه أعتى منظومة أمنية في المنطقة، وتُفشل مشاريع الاحتلال رغم الضغوط والحصار والمؤامرات. واليوم، تعود المؤامرة بثوب جديد، حيث يحاول محور التطبيع، تمرير خطة استسلام تحت عنوان “عدم التهجير”، بعدما أسقطوا كل وعودهم السابقة بـ”دولة فلسطينية” أو “سلام مقابل الأرض”.

لكن غزة ليست للبيع، ولا تقايض حريتها بإعادة إعمار مشروط، ولا تتخلى عن سلاحها مقابل سراب الوعود. المقاومة التي تصدّت للمؤامرات من كامب ديفيد إلى صفقة القرن، تدرك جيدًا أن الهدف الحقيقي هو تفريغ القضية الفلسطينية من مضمونها، وفتح الباب أمام الاحتلال لفرض حلوله بالقوة، في ظل نظام عربي رسمي لا يرى سوى مصالحه الضيقة.

وفي قلب هذه المؤامرة، تلعب السلطة الفلسطينية دورًا وظيفيًا خطيرًا، إذ تحوّلت إلى أداة طيّعة بيد الاحتلال، تنسّق أمنيًا معه وتلاحق المقاومين، وتشارك في محاولات تفكيك بيئة المقاومة في الضفة الغربية. فبينما تصعّد قوات الاحتلال عمليات القتل والاعتقال وهدم المنازل، تتولى أجهزة السلطة إجهاض أي محاولة للانتفاض في وجه المحتل، مستخدمة القمع والاعتقالات السياسية، ما يجعلها شريكًا مباشرًا في إحكام القبضة الصهيونية على الضفة.

لقد فشل الاحتلال في تحطيم إرادة غزة، رغم مجازره ودمويته، وفشلت الأنظمة المتواطئة في إرغامها على الاستسلام رغم الضغوط السياسية والاقتصادية، كما فشلت السلطة في تقديم نفسها كبديل للمقاومة، بعدما انكشفت خيانتها وباتت فاقدة للشرعية الشعبية والوطنية. واليوم، تسعى تلك الأطراف مجتمعة إلى تقديم تنازلات مجانية، تحت عنوان “إنقاذ غزة من الدمار”، فيما الحقيقة أن غزة قادرة على حماية نفسها، وإعادة إعمارها بأيدي أبنائها، دون أن تدفع ثمنًا سياسيًا يهدد مستقبل القضية الفلسطينية.

ما لا يفهمه محور التطبيع ولا سلطة أوسلو أن الرهان على إسقاط المقاومة هو رهان خاسر. فكما سقطت مشاريع التصفية في الماضي، ستسقط اليوم أيضًا. لأن غزة تعرف خُطط الغزاة والمتآمرين عليها، كما تعرف أرواح شهدائها الذين صعدوا إلى السماء كي تبقى حرة، عصية على الانكسار.

المعركة لم تنتهِ، والمقاومة باقية، والتاريخ لن يرحم المتخاذلين.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس