ترك برس

تسعى السعودية لتعزيز قدراتها الجوية من خلال شراكات دفاعية مع تركيا، تشمل صفقة محتملة لشراء 100 مقاتلة شبحية من طراز "قآن" وطائرات مسيرة متطورة، في خطوة تعكس تنامي التعاون العسكري بين البلدين.

ونمت العلاقات السعودية التركية في مختلف المجالات خلال الأعوام القليلة الماضية، لتأخذ طابع الشراكة في بعضها، كما هو الحال في مجالي الاقتصاد والصناعات الدفاعية، بحسب تقرير لموقع "الخليج أونلاين".

وكثف الجانبان من مباحثاتهما الدفاعية، في مسعى للاستفادة من الخبرات وتعزيز التعاون في المجال العسكري وبما يسهم في تقوية العلاقات بينهما.

ويوم 20 فبراير الجاري، وعلى هامش معرضي "آيدكس 2025" و"نافدكس 2025" في أبوظبي، وقعت شركات "باركو إلكترونيك" المتخصصة في تقديم حلول تعتمد على التصميم والإنتاج الإلكتروني، وشركة "تي قالب" المتخصصة في إنتاج أنظمة مقاعد مقاومة الحوادث، وشركة "إم زد دي" التي تنتج الكابلات ومعداتها التركية، اتفاقيات مع شركتي "خدمة راي للتصنيع" و"إسنا" السعوديتين للمشاركة في مشاريع مستقبلية ستنفذها المملكة لتوطين صناعتها الدفاعية.

ولكون المملكة أكبر مستورد للأسلحة في الشرق الأوسط، بحسب تقرير معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI) لعام 2024، فإن تركيا تسعى لأن تكون مصدراً رئيسياً للأسلحة إليها.

طموح تركي

وجاء إبرام اتفاقيات الشراكة بين الشركات التركية والسعودية في أبوظبي، عقب زيارة قائد القوات البرية التركية الفريق أول سلجوق بيرقدار أوغلو إلى الرياض (16 فبراير) حيث بحث مع رئيس الأركان السعودي الفريق أول فياض الرويلي، "التعاون في المجالات الدفاعية والعسكرية وفرص تعزيزها، بما يخدم مصالحهما المشتركة".

وخصصت السعودية 78 مليار دولار كميزانية دفاعية خلال العام 2025، لتكون الأعلى في الشرق الأوسط، وهذا التفوق في الإنفاق وما يصاحبه من توجه لتوطين الصناعات الدفاعية، يدفع تركيا لأن تكون مصدراً محتملاً ورئيسياً للأسلحة والتقنيات والخبرات العسكرية إلى المملكة.

وبحسب ما نقلت وكالة "بلومبيرغ" الأمريكية، في يناير الماضي، عن مسؤولين أتراك فإن "أنقرة تأمل في التوصل إلى إبرام صفقة دفاعية بقيمة 6 مليارات دولار مع السعودية، تشمل شراء المملكة سفناً حربية ودبابات وأنظمة صواريخ".

ويبدو أن أمر الصفقة الدفاعية التي ستكون الأكبر في تاريخ الصناعات العسكرية التركية، قد يُحسم خلال زيارة الرئيس رجب طيب أردوغان إلى السعودية المتوقعة في مارس المقبل، وفق الوكالة.

كما أوضحت "بلومبيرغ" أن تركيا تسعى لبيع الدبابة القتالية "ألتاي" إلى السعودية، إلى جانب أنظمة الدفاع الصاروخي، كما تتطلع أنقرة لإشراك السعودية في برنامج تركي لتطوير طائرات مقاتلة تُعرف باسم "قآن".

وفي مطلع يناير الماضي، قالت مجلة "فوربس" الأمريكية إن السعودية تسعى لشراء 100 مقاتلة تركية من طراز "قآن"، والتي تطورها تركيا في الوقت الحالي ويُنتظر أن تدخل الخدمة في العام 2028.

كما سبق أن وقعت الرياض وأنقرة، في يوليو 2023، عقد استحواذ بين وزارتي الدفاع السعودية وشركة "بايكار" التركية للصناعات الدفاعية، تستحوذ بموجبها المملكة على طائرات مسيرة بهدف رفع جاهزيتها القتالية.

تلبية احتياج المملكة

وشهد العام 2024 نشاطاً ملحوظاً فيما يتعلق بالتعاون الدفاعي بين البلدين، أبرزه زيارة وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان إلى أنقرة، في يوليو الماضي، ولقائه بالرئيس أردوغان ومسؤولين أتراك، وحينها وقّعت الشركة السعودية للصناعات العسكرية (SAMI) 3 مذكرات تفاهم مع شركات تركية في مجالات الطيران والتكنولوجيا الدفاعية.

وفي ديسمبر من العام نفسه، زار رئيس الأركان السعودي تركيا لبحث التعاون الدفاعي بين البلدين، وحينها رأس ونظيره التركي، الفريق أول متين غوراك، الاجتماع السادس للجنة العسكرية المشتركة، وركز الاجتماع على التعاون الدفاعي والعسكري وفرص تطويره.

ويبدو أن الريادة التي تبديها تركيا في مجال الصناعات العسكرية لا سيما الجوية منها تحظى باهتمام الرياض، وهذا ما ذهب إليه الخبير العسكري، العقيد إسماعيل أيوب، الذي قال لـ"الخليج أونلاين":

مع بروز الطائرة التركية "بيرقدار" التي أثبتت جدارتها في شمال سوريا وحرب قرة باخ بين أذربيجان وأرمينيا، وأيضاً في ليبيا، والحرب الروسية الأوكرانية، عقدت المملكة صفقات مع أنقرة من أجل تطوير صناعة الطائرات المسيرة لديها.

التطور في العلاقات بين الرياض وأنقرة لافت للانتباه، ويبدو أنه نتيجة أن الدول الرئيسية المصدرة للسلاح للمملكة لا تلبي متطلبات أو حاجات الجيش السعودي.

لجأت السعودية نتيجة ذلك أحياناً إلى الصين في العقود الماضية، وبنت ترسانة صاروخية جيدة، وهذه نقطة إيجابية، والآن هناك عقود عسكرية كبيرة جداً مع تركيا.

تطلع المملكة لعقد صفقة حول طائرة "قآن" الشبحية التركية التي ما تزال قيد التصنيع، يشير إلى أن الصناعات العسكرية التركية تلبي حاجاتها الدفاعية.

الجيش السعودي يسعى لسد الثغرات في حاجته العسكرية عن طريق دولة في حلف الناتو، أي تصنع أسلحة متوافقة مع النظام الغربي المعتمد في المملكة.

المرحلة المقبلة سوف تشهد صفقات كبيرة بين البلدين، خاصة في المجال الجوي، ومن ثم يمكن أن تطلب السعودية من تركيا بناء مصانع لها على أراضيها.

هذا التطور يشكل قفزة نوعية في العلاقات العسكرية بين السعودية وتركيا، وتطوير الأنظمة والأسلحة الدفاعية لدى المملكة.

يمكن أن تصل السعودية في مرحلة ما إلى سد 30% إلى 40% من حاجتها الدفاعية، من الصناعات المحلية الناتجة عن عقد الصفقات المتميزة والمتساوية والشراكات مع الدول مثل تركيا وغيرها، لتصل إلى مرحلة تكون فيها قادرة على تلبية معظم حاجات الجيش السعودي.

هذا يحتاج إلى جهد كبير ووقت طويل، وخاصة في مجال الصناعات الجوية، حيث ما تزال السعودية تعتمد على الطيران الحربي الأمريكي والبريطاني.

في حال نجحت المقاتلة "قآن" والرياض ترغب بشراء 100 طائرة منها، فستكون هذه قفزة نوعية في العلاقات وفي القوة الجوية السعودية مستقبلاً.

تركيا تستطيع أن تقدم للسعودية الخبرات والقدرات وبناء المصانع، خاصة أنها قطعت شوطاً كبيراً في الصناعات الجوية والفضائية والدفاع الجوي، وحتى سلاح الدبابات والسلاح البري.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!