
ترك برس
تتجه أنظار حزب الشعب الجمهوري (CHP) أحد أكبر وأقدم أحزاب المعارضة في تركيا، إلى القرار الذي سيصدر عن القضاء فيما يتعلق بمحاكمة مصير نتائج المؤتمر العام للحزب والذي أسفر عن فوز الرئيس الحالي أوزغور أوزال على سلفه كمال كلجدار أوغلو.
وعشية بدء المحاكمة، شارك الآلاف في العاصمة التركية أنقرة، الأحد، في تظاهرة دعا إليها الحزب قبل جلسة استماع قضائية يمكن أن تؤدي إلى إطاحة قيادة الحزب.
واحتشد المتظاهرون في ميدان تاندوغان بأنقرة، وهم يلوحون بالأعلام التركية ويرتدون قمصانا عليها صورة مصطفى كمال أتاتورك، عشية جلسة الاستماع في محكمة بالمدينة.
ومن المقرر أن تنظر محكمة أنقرة الابتدائية -غدا الاثنين- في الدعوى المرفوعة للطعن في شرعية المؤتمر العام الـ38 للحزب المعارض، الذي انعقد في الرابع والخامس من نوفمبر/تشرين الثاني 2023، والذي أسفر عن انتخاب أوزغور أوزيل زعيما جديدا خلفا لكمال كليجدار أوغلو.
في كلمة ألقاها من على منصة، قال أوزيل إن الحشد تجمع للوقوف ضد ما وصفه بالانقلاب القضائي الذي يشهده الحزب، في إشارة إلى جلسة المحكمة التي ستعقد غدا الاثنين ويمكن أن تشهد عزله من منصبه.
وزعم أوزيل أن "هذه الحكومة لا تريد الديمقراطية، وأنها تدرك أنها لن تتمكن من الفوز في الانتخابات في ظل الديمقراطية".
وجدد أوزيل -الذي يتهمه أعضاء من حزبه بالتلاعب في الانتخابات العامة للحزب مما أدى لفوزه- دعوته لإجراء انتخابات مبكرة، مطالبا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالتنحي.
وكانت محكمة مدنية في إسطنبول قد أصدرت في الثالث من سبتمبر/أيلول الجاري حكما يقضي بإبطال نتائج مؤتمر فرع الحزب لعام 2023، وما ترتب عليه من عزل رئيس الفرع أوزغور تشيليك وكامل أعضاء مجلسه المنتخب.
وأسندت إدارة الفرع إلى لجنة مؤقتة من 5 أشخاص، تولى رئاستها بالإنابة النائب السابق غورسل تكين، وذلك إلى حين الدعوة لمؤتمر جديد.
خلفية الأزمة
وجاء القرار استجابة لدعوى رفعها عدد من أعضاء الحزب طعنوا فيها بشرعية المؤتمر على خلفية ما وصفوها بـ"تجاوزات" في عملية التصويت. وعزز هذه المزاعم ملف تحقيق صادر عن النيابة العامة مطلع عام 2024، تضمن اتهامات بتقديم رشاوى لعدد من المندوبين لضمان تصويتهم لتشيليك.
وبناء على ذلك، وُجهت اتهامات لتشيليك و9 من القيادات المحلية قد تصل عقوبتها إلى السجن 3 سنوات في حال ثبوت التلاعب.
وبعد مداولات استمرت قرابة عامين، صدر الحكم النهائي بإبطال نتائج المؤتمر، في ما عُد انتصارا قضائيا للجناح التقليدي المقرب من كمال كليجدار أوغلو.
في أعقاب القرار، اجتمع المكتب المركزي للحزب في أنقرة برئاسة أوزيل لبحث سبل احتواء التداعيات. وخلال الاجتماع، أعلن أوزيل فصل تكين من عضوية الحزب عقابا له على قبوله منصب الوصي على فرع إسطنبول خلفا لتشيليك المنتخب.
واعتبرت قيادة الشعب الجمهوري أن ما جرى يمثل حلقة جديدة في سلسلة الأزمات الداخلية الممتدة منذ عام 2023، إذ إن المؤتمر الملغى كان يعكس في جوهره صراعا بين جناح إصلاحي يحظى بدعم رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو المعتقل، وآخر تقليدي يدور في فلك الزعيم السابق كليجدار أوغلو.
مسارات تنتظر الحزب المعارض
ويؤكد المحلل السياسي مراد تورال للجزيرة نت أن الحكم المرتقب يوم 15 من الشهر الحالي قد يفتح أمام حزب الشعب الجمهوري أكثر من مسار، لكل منها انعكاساته المباشرة على استقراره ومستقبله التنظيمي، تشمل:
- الإبقاء على الوضع القائم: وهو السيناريو الذي يعول عليه أوزغور أوزيل وأنصاره، إذ يتيح استمرار قيادته للحزب دون مساس بالهياكل المنتخبة، بما يسمح بإغلاق صفحة الخلافات الأخيرة والمضي في استكمال جدول المؤتمرات الداخلية بصورة طبيعية.
- بطلان المؤتمر العام وخلق فراغ قيادي: في حال قضت المحكمة ببطلان مؤتمر 2023، فإن انتخاب أوزيل سيُعتبر ملغى، وهو ما قد يفتح الباب أمام فراغ على مستوى القيادة العليا واضطراب تنظيمي واسع. هذا السيناريو قد يفرض تعيين وصي قضائي لقيادة الحزب مؤقتا حتى انعقاد مؤتمر جديد، وسط ترجيحات بطرح اسم الزعيم السابق كليجدار أوغلو، رغم إعلان أوزيل رفضه الاعتراف بأي وصاية حتى لو جاءت من سلفه، وتحذير اللجنة المركزية من إمكانية فصل كليجدار أوغلو إذا قبل بهذا الدور.
- إجراءات احترازية مؤقتة: احتمال آخر يتمثل في لجوء المحكمة إلى تدابير مرحلية، مثل تعليق مهام أوزيل ومجلسه التنفيذي ريثما يبت نهائيا في القضية.
- تعطيل المؤتمرات الداخلية: أشار المحلل تورال إلى أن الحزب يعاني أصلا من توقف عدد من مؤتمراته المحلية بقرارات قضائية سابقة، مما يجعل أي حكم جديد يطعن في شرعية القيادة أو يطيل أمد النزاع عاملا إضافيا لتعطيل الاستحقاقات الداخلية وإضعاف جاهزية الحزب قبل أي انتخابات وطنية قادمة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!