
ترك برس
استعرض تقرير للكاتب والخبير السياسي التركي عبد الله مراد أوغلو، التحولات العميقة في المشهدين الأمريكي والإسرائيلي على خلفية الحرب في غزة، مركزًا على تراجع نفوذ نتنياهو واللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة.
ويعرض مراد أوغلو في تقريره بصحيفة يني شفق كيف أصبح ترامب والجمهوريون الشباب أكثر انتقادًا لهيمنة إسرائيل على السياسة الخارجية الأمريكية، في وقتٍ تتنامى فيه داخل الأوساط اليهودية والليبرالية دعواتٌ لإنهاء الإبادة في غزة ورفض تمويلها.
كما يتوقف الكاتب عند الانتخابات المقبلة في نيويورك بوصفها اختبارًا رمزيًا لقوة اللوبي الصهيوني. ويرى أن التحول في الرأي العام الأمريكي بات يشكل تهديدًا استراتيجيًا لبقاء إسرائيل على صورتها السابقة كحليفٍ غير قابل للمساس.
وفيما يلي نص التقرير:
الرأي العام يميل إلى الاعتقاد بأن نتنياهو، حين أخبر ترامب أنه يقبل «خطة غزة»، كان يفكّر في كيفية إفشالها في الوقت نفسه.
نتنياهو مستعد لفعل كل ما يلزم للبقاء في السلطة. أما ترامب، وإن اختلف مع نتنياهو، يسعى إلى إنقاذ إسرائيل من وصمة الدولة المنبوذة على الساحة الدولية.
وقد صرح نتنياهو في وقتٍ سابق أنّه لا يهتم بعزلة إسرائيل ما دامت الولايات المتحدة تقف وراءه. جزءٌ كبير من اليهود في إسرائيل والولايات المتحدة ودولٍ غربيةٍ أخرى يعتقدون أن الوضع الذي جرّهم إليه نتنياهو لم يعد قابلاً للاستمرار. والذي يؤكد ذلك بدء تراجع قوة «لوبي إسرائيل» في أمريكا الحاجز الحامي لتل أبيب.
حتى داخل قاعدة الجمهوريين الشباب (دون الأربعين) — القلب النابض لشعار «أمريكا أولاً» — يتصاعد الاستياء من هيمنة إسرائيل على صنع القرار في السياسة الخارجية الأميركية.
بالنسبة إلى هذه القاعدة، «أمريكا أولاً» ليست مرادفةً لـ«إسرائيل أولاً». ويقول بعض المحللين إن ترامب يدفع نتنياهو نحو وقف إطلاق النار لتهدئة قواعده الشعبية.
وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو قال لمارجريت برينان على قناة «سي بي إس نيوز» إن العزلة الدولية لإسرائيل تجعل من الضروري إنهاء «الحرب» في غزة. روبيو لفت الانتباه إلى أن ردود الفعل في الرأي العام الأمريكي تجاه إسرائيل تؤثر سلبًا على موقف إسرائيل العالمي. بهذا التصريح أوحى روبيو بأن التغير في مشاعر المجتمع الأميركي، الذي ظل لسنوات طويلة مناصرًا لإسرائيل، ينبغي أن يُعتبر إنذارًا لإسرائيل.
بحسب الليبراليين الصهاينة واليهود المناهضين للصهيونية في أمريكا، فإن نظام الحكم الإسرائيلي في عهد نتنياهو يشكل مصنعًا يولد معاداة السامية على نحوٍ متواصل في العالم. الليبراليون واليهود المناهضون للصهيونية لا يريدون أن يُنظر إليهم على أنهم جزءٌ من الإبادة التي تُرتكب في غزة. ومؤخرًا، خرجت مجموعات من اليهود المناهضين للصهيونية في نيويورك في يوم الغفران الذي يصفونه بيوم التكفير والتوبة، ونددوا بشدة بالإبادة في غزة.
ونظمت، يوم الخميس، مجموعة «حاخامات من أجل وقف إطلاق النار» احتجاجاتٍ أُعتقِل خلالها أكثر من خمسين شخصًا. المحتجون الذين ارتدوا الكوفية الفلسطينية رُبطت أيدي بعضهم بالأصفاد واحتُجزوا بينما كانوا يهتفون «تحيا غزة».
براد لاندر، الذي يشغل منصب مراقب مدينة نيويورك منذ اثني عشر عامًا، طالب خلال تظاهرة ألا تُشارك الولايات المتحدة في إبادة إسرائيل وأن تتوقف عن تمويلها بأموال دافعي الضرائب الأمريكيين. لاندر، وهو أعلى مسؤول يهودي في نيويورك، خاض انتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي للترشح لمنصب عمدة المدينة. وقد حلّ في الانتخابات التمهيدية في المرتبة الثالثة بعد زهران مامداني والحاكم السابق أندرو كومو، وأضحى الآن حليفًا لمامداني.
المرشح الأمريكي من أصول هندية زهران مامداني قال إنه في حال انتخابه عمدة لنيويورك فسيتم توقيف نتنياهو وتسليمه إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي. العديد من المرشحين المحتملين لمنصب العمدة صرحوا أنهم في حال انتخابهم سيجعلون زيارتهم الأولى إلى إسرائيل، بينما أعلن مامداني أنه سيبقى في المدينة لخدمة سكانها. ولاحَظ المراقبون أن فوز مامداني بدعمٍ أكبر بين الناخبين اليهود بنسبة تزيد بنحو 17% عن بقية المرشحين كان أمراً ملفتًا. كما أشارت الاستطلاعات الأخيرة إلى أن مامداني لا يزال يحظى بالحصة الأكبر من الأصوات اليهودية.
تتجه هياكل حزب الديمقراطي وقياداته تقليديًا إلى دعم الفائز في الانتخابات التمهيدية. وعلى الرغم من فوز مامداني في التمهيديات، لم يعلن زعيم الديمقراطيين في مجلس النواب هاكيم جيفريز وقائد الديمقراطيين في مجلس الشيوخ تشاك شومر دعمهما لمامداني، وهو أمر أثار التعجب. ويُفسّر بعض المراقبين عدم إعلانهما الدعم بارتباط كلا الرجلين بتبرعات قُدمت لهما من أقوى تنظيمٍ في «لوبي إسرائيل»، وهو «اللجنة الأمريكية للشؤون العامة الإسرائيلية» (AIPAC).
وقد أثارت مواقف جيفريز وشومر من مامداني ردود فعلٍ غاضبة لدى «الشباب الديمقراطيين»، وهم أشد المعارضين لدعم إسرائيل. من ناحيةٍ أخرى، اتحد أصحاب المليارات الصهاينة في نيويورك — سواء كانوا جمهوريين أو ديمقراطيين — لمنع فوز مامداني في انتخابات الرابع من نوفمبر، وهم يبذلون كل الحيل في هذا السبيل.
ستكون انتخابات الرابع من نوفمبر اختبارًا لقوة «لوبي إسرائيل». وإذا فاز مامداني، فسيتضح أن أموال اللوبي التي شُغلت بها السياسة لم تعد ذات الوزن الذي كانت عليه. ومن هذه الناحية، تحظى انتخابات نيويورك بأهمية إرشادية قد تمتد لتؤثر على الانتخابات العامة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!