
ترك برس
قال الخبير العسكري والإستراتيجي العقيد حاتم كريم الفلاحي، إن رفض إسرائيل لمشاركة تركيا في القوة الدولية المزمع نشرها في غزة يعود إلى خشيتها من تنامي النفوذ الإقليمي لأنقرة، في وقت تواصل فيه تل أبيب خرق اتفاق وقف إطلاق النار دون محاسبة.
وأضاف في مداخلة على قناة الجزيرة القطرية، أن إسرائيل تمارس "عربدة" عسكرية في قطاع غزة دون محاسبة، مؤكدا أن القصف اليومي يشكّل عملا ممنهجا وليس مجرد أخطاء عابرة.
وأوضح الفلاحي أن عدم وجود أطر ثابتة لوقف إطلاق النار وغياب المحاسبة يشجعان إسرائيل على الاستمرار في خرق اتفاق وقف الحرب على القطاع.
ومساء الجمعة، قصفت قوات الاحتلال مدرسة تؤوي نازحين في حي التفاح شرقي مدينة غزة، خارج نطاق المناطق التي تسيطر عليها بموجب اتفاق وقف الحرب، ما أدى إلى استشهاد 5 فلسطينيين بينهم أطفال وإصابة آخرين.
ولفت الخبير العسكري إلى أن القذيفة المدفعية الواحدة يمكن أن تتشظى لتصل إلى أكثر من 250 مترا، محدثة خسائر كبيرة في الأرواح، خاصة عندما تكون المنطقة مكتظة بالسكان.
قصف حفل زفاف
وفي سياق متصل، عرض مراسل الجزيرة شادي شامية تفاصيل القصف، مشيرا إلى أن المنطقة المستهدفة في حي التفاح تقع خارج السيطرة الإسرائيلية وخارج الخط الأصفر.
وأوضح شامية أن القذائف وصلت إلى مناطق من المفترض أن تكون آمنة، وأن حفل زفاف كان يُقام في الطابق الثاني من المدرسة لحظة القصف.
وأكد الفلاحي أن إسرائيل لم تلتزم بجميع بنود اتفاق وقف إطلاق النار منذ البداية، حيث يشهد قطاع غزة يوميا عمليات قصف جوي وإطلاق نار باستخدام المدفعية، وأن هذا النهج الإسرائيلي يمتد إلى الجبهة السورية واللبنانية، رغم وجود اتفاقات لوقف إطلاق النار.
وعلى صعيد الرفض الإسرائيلي للقوات التركية ضمن القوة المشتركة في غزة، أوضح الفلاحي أن إسرائيل ترى أن النفوذ الإيراني تم استبداله بالنفوذ التركي في سوريا.
وأشار إلى أن تل أبيب لا تريد إعطاء تركيا أي دور في القوة الدولية المزمع نشرها بغزة، رغم أن تركيا دولة إقليمية ومؤثرة بشكل كبير.
وأوضح الفلاحي أن إسرائيل تمنع دخول الدواء والمواد الغذائية والخيام إلى غزة، وتقوم بعمليات اغتيالات بالقطاع دون محاسبة.
وحذر من أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو -المطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية– واليمين المتطرف يريدان استئناف العمليات العسكرية بحجة "تحقيق أهداف الحرب" في غزة، ويحاولان خلق ذرائع لاتهام حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بخرق الاتفاق.
رفض دولي
ولفت الفلاحي إلى أن كثيرا من الدول ترفض أو تتردد في إرسال قوات للمنطقة، لأنها تعرف جيدا أن إسرائيل لن تلتزم باتفاق وقف إطلاق الحرب.
وأشار إلى أن قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) رصدت آلاف الخروقات الجوية الإسرائيلية، ما يثير المخاوف من تكرار السيناريو في غزة.
ومنذ دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ، تواصل تل أبيب خروقاتها للاتفاق الذي أنهى حرب الإبادة الإسرائيلية في القطاع، وارتكبت نحو 738 خرقا، وقتلت 400 فلسطيني، وفق المكتب الإعلامي الحكومي في غزة.
وفي التصور الأميركي، لم تعد أنقرة مجرد فاعل جانبي، بل ركيزة ضرورية لإنجاح ترتيبات "اليوم التالي" في غزة، ولبناء استقرار طويل الأمد في سوريا، وهو ما عبّر عنه بوضوح المسؤول السابق في الخارجية الأميركية توماس واريك، حين أشار إلى أن واشنطن ترى في الشراكة مع تركيا مدخلا أمنيا وسياسيا لا يمكن تجاوزه.
لكن هذه المقاربة تصطدم مباشرة برؤية نتنياهو، الذي يرى في أي انخراط تركي تهديدا مزدوجا: أولا لأنه يمنح حركة المقاومة الإسلامية (حماس) غطاء سياسيا غير مباشر، وثانيا لأنه يحدّ من حرية إسرائيل في فرض وقائع أمنية أحادية، سواء في غزة أو جنوب سوريا.
وتبدو مشاركة تركيا -وفق محللين- حاجة أميركية وليست ترفا سياسيا، فهي تمنح الترتيبات المقترحة قبولا عربيا وإسلاميا، وتفتح قناة غير مباشرة مع حماس، بما يقلل احتمالات الانفجار الأمني في مرحلة ما بعد وقف الحرب.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!











