محمد حسن القدّو - خاص ترك برس
استضافت إسطنبول للسنة العاشرةعلى التوالي "الملتقى الاقتصادي التركي - العربي".
انطلقت في مدينة إسطنبول الأربعاء الأول من نيسان/ أبريل 2015 فعاليات المنتدى الاقتصادي التركي العربي العاشر، الذي تناول عددًا من القضايا الاقتصادية المشتركة بين الدول العربية وتركيا، بمشاركة واسعة من القيادات العليا السياسية والاقتصادية من الجانبين. وناقش الاجتماع عددا من المواضيع، من بينها: العلاقات المشتركة وسبل تطويرها، ودور تركيا في فترة رئاستها لدول مجموعة العشرين لأكبر اقتصاديات العالم. واستقطب المنتدى العاشر أكثر من خمسمائة من المشاركين من بينهم عدد من الوزراء وكبار المسؤولين الحكوميين العرب والأتراك، ورجال المصارف ومؤسسات الأعمال والمال والاستثمار من تركيا ودول المنطقة، ومؤسسات التمويل والتنمية الإقليمية والدولية.
وتهدف هذه المنتديات إلى إيجاد أرضية ثابتة وراسخة للعمل المشترك في الميادين التي تتنوع بصورة مطّردة من خلال اكتشاف حلقات جديدة من الأسس الاقتصادية المشتركة التي تفرض نفسها أمام رجال المال والأعمال العرب والأتراك، والتواصل بين كبار المسؤولين الحكوميين الأتراك والعديد من ممثلي الهيئات الاقتصادية في تركيا مع جمع واسع من المستثمرين ورجال الأعمال العرب.
إن من أهم ما يميز هذه الملتقيات هو استمرارها لعشرة أعوام على التوالي بصورة منتظمة، وهذا مؤشر على أهميتها، وفي الوقت الذي يعني النجاح الدائم لهذه الملتقيات بدءًا من التحضير لأول لقاء وحتى اللقاء العاشر المقام هذا العام في نيسان/ أبريل.
تكمن الأهمية الاستثنائية لإقامة هذه المنتدى هي أنه ينعقد في ظل ترؤس تركيا لمجموعة العشرين لأكبر اقتصاديات العالم، وهذا يعني أن تركيا قد تكون عراب الحركة الاقتصادية المتولدة من جديد بينها وبين الدول العربية من ناحية وبين دول العشرين من ناحية ثانية، وخصوصا بعد أن تيقن اقتصاديو الدول العربية من سعة حجم البوابة الاقتصادية التركية، إضافة إلى ذلك تجمع العرب بتركيا استراتيجية واسعة الأطراف، قد تقترب من التكامل الاقتصادي والتجاري. وكذلك تشكل تركيا صلة جغرافية رئيسية للدول العربية ودول أوروبا، وبالأخص بعد ورود بوادر اقتراب موعد انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي.
هذا من الناحية الاقتصادية البحتة، ولكن هناك روابط مشتركة بين العالمين العربي والتركي وهي الروابط التاريخية والحضارية المشتركة وهاتان الرابطتان تولدتا من رابطة الدين الإسلامي الحنيف الذي يجمع بين هذين الشعبين.
أما الرابطة الحيوية الأخرى فهي الرابطة الجغرافية والتي جمعت هذه الشعوب في بقعة جغرافية واحدة، والتي تعتبر بحق مركز وقلب الاقتصاد العالمي والمعبر الآمن لكل حركة النشاطات الاقتصادية العالمية الهائلة.
إلا أن الذي يجب أن ننوه إليه، هو أن هذه الروابط التاريخية والجغرافية المشتركة بين الشعبين العربي والتركي لم تستطع أن تحقق ما يصبو إليه الشعبان، وذلك لأسباب سياسية بالدرجة الأساس، والتي حرمت هذه الدول من نشاطات وعلاقات اقتصادية لأكثر من قرن - في وقت كانت هذه الدول بأشد الحاجة فيه إلى مثل هذه النشاطات.
ويركز المنتدى على التحديات الإقليمية التي تواجه الاقتصادات العربية والتركية والآفاق الاقتصادية التركية والمصارف والأسواق المالية والسياحة والعقارات والنفط والغاز والبتروكيماويات وفرص الاستثمار في تركيا والدول العربية.
وقد أكدت جميع الكلمات التي ألقيت خلال هذا الملتقى على أهمية تقوية العلاقات الاقتصادية بين تركيا والدول العربية للوقوف أمام التحديات التي تواجهها المنطقة .
إن الطموحات الكبيرة في العلاقات الاقتصادية بين الدول العربية والدولة التركية تقتضي من الجانبين القيام بخطوات هامة تتمثل في أولى خطواتها بتحرير التجارة البينية بين تركيا والبلدان العربية على أن تسبقها خطوة هي تحرير التجارة من كل أشكال المعوقات بين الدول العربية أنفسها آخذين بنظر الاعتبار الظروف التي تمر هذه البلدان وأقصد بها الواقع الاقتصادي، في سبيل إعطاء العملية نوعا من التحول التدريجي السليم والسلس، لإمكانية فتح الأسواق العربية بين بعضها البعض.
أما الاستثمارات والواقع الاستثماري التركي والعربي فهي الأخرى بحاجة إلى إعادة هيكلة، وخصوصا في ما يخص الدول العربية، لأن تركيا قد حزمت أمرها وأعادت صياغة قوانينها في هذا المجال - بل قامت بسن قوانين لغرض جذب الاستثمار الأجنبي إلى تركيا، وبهذا أدعو العرب والأتراك إلى عقد منتدى لغرض دراسة ومعرفة آفاق عملية إقامة المشاريع الاستثمارية، تشترك بها الدول بأعضاء من هيئات الاستثمارات الوطنية بالإضافة إلى أعضاء من القائمين على قطاع المال بهدف إزالة العراقيل أمام حركة رؤوس الأموال الداخلة والخارجة بغية إقامة المشاريع الاستثمارية.
ولتحقيق هذه الغاية، يتوجب في بادئ الأمر أن تتكاثف الجهود من أجل إلغاء الحدود الاقتصادية بين الدول العربية كافة. (وينبغي أن يجري ذلك عبر إزالة الحواجز والعوائق القانونية والإدارية أمام التجارة البينية، فاتحين المجال أمام القطاع الخاص ليعمل على إرساء الأسس السليمة للتكامل الاقتصادي العربي أولاً)، والعمل على تهيئة الأرضية المناسبة في سبيل بلورة فكرة التكامل التجاري والاقتصادي مع تركيا في المرحلة القادمة.
إنّ الجانب التركي يعوّل كثيرا على إقامة علاقات اقتصادية متميزة مع الجانب العربي، وأولى الأمنيات التركية كانت سعيها إلى إقامة مناطق للتجارة الحرة مع كثير من الدول العربية في أول الأمر.
والمتتبع لأخبار الرئيس أردوغان يتذكر تغريداته من حسابه على موقع تويتر في كانون الأول/ ديسمبر عام 2010، أعرب فيها عن سعادته وارتياحه بحجم التبادل الاقتصادي من الزيادة الحاصلة في حجم التبادل الاقتصادي بين تركيا والدول العربية والتي وصلت في حينها إلى أكثر من 33 مليار، داعيا رجال الأعمال العرب إلى المزيد من الاستثمار في تركيا والانفتاح على العالم من خلالها نظرا لموقعها المتميز - حيث يمكن الوصول إلى ربع سكان العالم في أكثر من خمسين دولة من خلال أربع ساعات طيران، مبينا أن الاستقرار الاقتصادي في تركيا هو الكفيل بتأمين كل أنواع النشاطات الاقتصادية للمستثمرين من كافة دول العالم.
وتهدف تركيا في علاقاتها الاقتصادية مع الدول العربية إلى إقامة علاقات استراتيجية بهدف إيجاد أرضية للتعاون الإقليمي تكون مدخلا للتكامل الاقتصادي بين العرب والأتراك.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس