محمد بارلاص - صحيفة صباح - ترجمة وتحرير ترك برس
معظم عناصر داعش التي تهدد المدن الأوروبية، نشأت وترعرعت في أحضان تلك المدن، هؤلاء الذين عانوا من قسوة المجتمع واستقصائه لهم، هؤلاء الشباب المسلم الذين ينحدرون من أصول شمال إفريقية أو من الشرق الأوسط، ترعرعوا في بيئة كانت تضطهدهم، ولذلك عندما يشتد ساعدهم، ويجدون الفرصة المناسبة، يفجرون حقدهم وكراهيتهم تجاه المجتمع الذي عاشوا فيه.
الشعور بالاضطهاد
هل هناك من يدعم هذا التوجه ويزيد من إرهاب داعش ويكون سببا له؟ عندما تتحول أعمال الجماعات المتطرفة والقومية المتشددة إلى أعمال قانونية تنشر الإسلاموفوبيا بين الناس، ألا يزيد ذلك من حجم الشباب المسلم المضطهد المنضم إلى تنظيم داعش؟ كيف يكون شعور هؤلاء الشباب عندما يولدون في ذلك المجتمع وينشؤون فيه، لكنهم في المحصلة لا يستطيعون الخروج من شعور أنهم أجانب في هذه الدولة، بسبب تصرفات المجتمع تجاههم والتي تجعلهم يعشرون بأنهم صنف أقل من صنف السكان الأصليين.
المجتمعات غاضبة
لكن هناك أيضا جانب آخر، وهو الحالة النفسية لتلك المجتمعات، فعندما يتم تهديد سكان باريس وبروكسل بالقنابل والتفجيرات وبالسلاح، كيف بإمكانهم التعايش مع هذه الحالة؟ وهم أصلا من الأساس لديهم هاجس وخوف من قضية اللاجئين السوريين، ومع الأخبار التي تتحدث عن أنّ منفذي الهجمات يتسربون إلى مدنهم وسط اللاجئين السوريين، سيزداد ذلك الخوف وستزداد حجم المطالب بإيقاف استقبال اللاجئين.
أسباب الإرهاب
علينا أنْ ندرك جميعا الأسباب الحقيقية لمنشأ هذا الحقد والكراهية ضد المجتمعات الغربية، تتمثل باضطهاد واستقصاء هذه الفئة من المجتمع، والتصرف معها دوما وكأنها فئة أجنبية ومن الصف الثاني من سكان الدولة، هذه الأمور النفسية تملأ نفوس الشباب بالحقد والكراهية وتشعرهم بأنهم مستهدفين على الدوام، ومن الواضح جدا أنّ القيم التي يتحدث عنها الاتحاد الأوروبي والغرب لا يتم تطبيقها، وإنما هي فقط مجرد شعارات لا نرى لها أي انعكاس على واقع الحياة في أوروبا، ووجود القومية في نفوس سكان أوروبا ستجعل هذه الفئة مستهدفة بصورة أكبر، وبالتالي سينعكس ذلك على تصرفات هذا الشباب الغاضب.
ما هو الحل؟
لماذا لا يريدون التغلب على هذه المشكلة من خلال البدء في ضم تركيا المسلمة بقيمها العلمانية إلى داخل الاتحاد الأوروبي؟ ألا يدركون أنه لا حل لهذه المشكلة إلا من خلال التعايش مع المسلمين وإعطائهم حقوقهم كباقي القوميات التي تتشكل منها دولهم؟ عليهم تجربة إصلاح مجتمعاتهم وإصلاح أخطائهم من خلال ضم تركيا إلى داخل الاتحاد الأوروبي، والبدء بإصلاحات سياسية ومجتمعية لإنهاء هذه المشكلة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس