برهان الدين دوران - صحيفة صباح - ترجمة وتحرير ترك برس
مع ارتفاع وتيرة التوتر بين روسيا وتركيا ورغم تنوع مواضيع الخلاف إلا أن الموضوع الأساسي الذي يختلفون عليه هو مستقبل سوريا. وبعد أن كان الصراع يُدار بأطراف سورية بما يسمى الحرب بالوكالة، دخلت الأزمة اليوم مرحلة جديدة بدأتها روسيا بالدخول المباشر لأطراف الصراع إلى الساحة السورية. ودخلت روسيا مغامرتها الجديدة الغير قابلة للاسترجاع بحملتها الجوية وقصفها للتركمان واختراق الأجواء التركية. إن إسقاط الطائرة الروسية ما هو إلا بداية الأزمة، فالحرب في سوريا ستشتد ولن تبقى في إطار "إدارة الازمة"، فألسنة اللهب ستزيد وتزيد حتى يتم التحضير للشكل النهائي.
عندما دخلت الأزمة السورية عامها الأول وطالب السوريون بحقوقهم الديمقراطية كان السكوت هو السمة المشتركة لكل دول العالم عن نظام بشار الأسد، أما اليوم فقد رأت كل عواصم العالم حقيقة جهنم الأسد بعدما شق الأخير قليلا من بابه. ثم تحولت الأزمة إلى حرب بالوكالة، وأراد النظام حرف الثورة ليعلّق عليها يافطة الإرهاب، كما وأراد خلق أزمة للاجئين تكون دولية. كان المفترض أن لا تخرج الأزمة عن المنطقة السورية، لكن طرق اللاجئين لأبواب أوروبا وضرب داعش لعواصم العالم أظهر وبكل وضوح أن الأزمة باتت خارج حسابات السيطرة، لتبدأ الحرب الداخلية بحرق الجميع.
والتهبت الحرب بدخول روسيا للمعركة من أجل دعم الأسد، كما ودفعت روسيا أمريكا لإرسال قوات برية بتقديمها نظام الدفاع الجوي اس-300 لإيران، وكان هجوم باريس سببا إضافيا لمشاركة فرنسا وبريطانيا بشكل فعّال في الحرب؛ ليكونا سببا إضافيا في زيادة اشتعالها، وأرسلت بعد ذلك ألمانيا 1200 جندي وبعضًا من طائراتها، كما وبعثت القوى العالمية سفنها الحربية لتكون في أهبة الاستعداد على شواطئ البحر الأبيض المتوسط.
ويشير كل هذا إلى أن الأزمة تتحرك بسرعة إلى النهاية، وعلى تركيا أن تتحضر لأي تطورات غير محتملة، وكما سنشاهد الآن حرب على داعش سنشاهد أيضا تلك القوى العالمية تستخدم اسم داعش في صراعها على السلطة والنفوذ في المنطقة. وفي الحديث عن تحضيرات تركيا فإن أول شيء هو المنطقة الآمنة بين جرابلس واعزاز للحد من خطورة داعش على تركيا بالتنسيق مع الولايات المتحدة الأمريكية والناتو.
والأهم من كل هذا تحضير الشعب والسياسة الداخلية لما قد تؤول إليه الأمور في الحرب السورية، فالأزمة السورية كانت ومن 2013 هي العامل الأبرز للاضطراب في الساحة التركية، كما وكانت الحبل الأساسي لحزب العدالة والتنمية في إعادة تركيا للمسار الصحيح، بينما استخدمتها قوى المعارضة كمصدر أساسي في تغذية التدخلات الخارجية. كما وتوسعت الأزمة السورية لتنسحب إلى الداخل التركي في زيادة القومية الكردية حتى وصل الحال إلى تجميد مشروع مباحثات السلام، ومع دخول الأزمة السورية ساحات جديدة بات من الصعب السيطرة على تمدد حس القومية الكردية.
وفي قناعتي فإن الجدل الحاصل بعد 1 تشرين الثاني/ نوفمبر في حزب الشعوب الديمقراطي قريب من النهاية، كما وساعد الدعم الأمريكي والروسي حزب العمال الكردستاني فرع سوريا في إيجاد فرص جديدة لمعركته، ويمكن أن يمثل الدعم الروسي إمكانيات قول وفعل. ومن الآن بدأ أصدقاء روسيا في تبني مواقفها، وكان أولها اتهامات دعم داعش، فحرب روسيا المزعومة ضد داعش تعطي الذخيرة لمعارضي حزب العدالة والتنمية، ومن الآن نسمع تلك الأصوات التي تتكلم بلسان روسيا وتطالب بإيقاف سياسات أنقرة الخاطئة في سوريا.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس