ترك برس
يعد السياسي والاقتصادي نجم الدين أربكان من أهم الشخصيات الإسلامية في القرن العشرين، ويمثل علامة بارزة في الواقع التركي السياسي. فقد ساهم في نهضة اقتصاد البلاد، ليساهم في رفع دخل المواطنين بشكل كبير. كما استطاع لأول مرة في التاريخ التركي المعاصر أن يوصل الإسلاميين إلى السلطة في بلد علمانية.
وعندما يذكر اسم "نجم الدين أربكان" يتبادر إلى الذهن نشاطه السياسي، والجدل الكبير بينه و بين السياسيين العلمانيين، وأعماله في الاقتصاد التركي كذلك.
تقول الكاتبة منال محمد صالح في كتاب بعنوان "النظام الرأسمالي في فكر نجم الدين أربكان" إن "إحدى المظاهر البارزة في شخصية أربكان هو فكره الاقتصادي الذي نبع من الأساس الاسلامي الراسخ من التجربة الغنية التي عاشها في لُب العمل الصناعي والاقتصادي سواء من خلال تكوينه للمؤسسات الاقتصادية أو إدارته لغرف الصناعة والتجارة، أو من خلال تبنيه لخطط تطوير الاقتصاد التركي في السبعينات أثناء تسنمه لمنصب نائب رئيس الوزراء في عدد من الحكومات في حزب السلامة الوطنية الذي يعد مؤسسه آنذاك..".
الاقتصاد التركي بعد إعلان الجمهورية
قامت الجمهورية التركية التي أسسها مصطفى كمال أتاتورك بعام 1923 على نمط شديد المركزية وبسطت سيطرتها على الاقتصاد بداية من حقبة الثلاثينيات في محاولة لبناء اقتصاد وطني قوي، وفي ذلك الوقت ساعد أتاتورك القطاع الخاص عبر قانون تشجيع التصنيع في عام 1927 في خلق برجوازية وطنية مستقلة عن الدولة لكن متحالفة معها، وتم من خلالهما بناء الرأسمالية التركية.
تقاربت تركيا بعد إعلان الجمهوريةمع الغرب، وانتقلت إلى نظام التعددية الحزبية، وأدى ذلك إلى توطيد وترسيخ مواقع طبقة الرأسماليين.
الاقتصاد التركي ونجم الدين إربكان
ابتعثت كلية الميكانيك في "جامعة إسطنبول التقنية" نجم الدين أربكان إلى ألمانيا بسبب نجاحه وتميزه الذي حققه ليقوم بسلسلة من الدراسات العلمية بعام 1951. ولاقت الدراسات التي قام بها أربكان في جامعة "آخن" (Aachen) التقنية صدى كبيرا في أنحاء العالم. وقبل أربكان العرض المقدم له من جهة العملاق الصناعي الألماني مصنع المحركات "ديوتز" (Deutz)، وتولى مهام رئيس المهندسين في عملية صناعة دبابة "ليوبارد" (Leopard).
بعد أن أكمل دراسته في ألمانيا عاد أربكان ألى وطنه، والتحق في جامعة إسطنبول التقنية كأستاذ. وفي تلك الفترة كانت تشغل أربكان فكرة النهوض بالصناعة الوطنية في تركيا، وليحقق هذا الهدف قام أربكان بتأسيس أول مصنع للمحركات الفضية "Gümüş Motor" في مدينة قونيا وسط تركيا بعام 1956.
وفي عام 1965 حصل أربكان على لقب "بروفسور"، وبعد ذلك حصل على عضوية في "اتحاد الغرف الصناعية والتجارية" ومن ثم تم اختيار أربكان أمينا عاما لهيئة اتحاد الغرف بعام 1968، وبعدها أصبح رئيسا لهذا الاتحاد في عام 1969. وكان لدى أربكان وعي مبكّر بأهمية ببناء اقتصاد وطني قوي ومستقل، ولذلك اهتم بأعمال التجارة والاقتصاد، كما آمن بأن التغيير في البلاد يحتاج إلى حركة أعمق وأشمل ولذلك اتخذ أول في هذه الاتجاه وأسس أول حزب له حزب النظام الوطني بعام 1971 ولكنه أغلق بعد فترة قصيرة.
ومن ثم قام أربكان بتاسيس حزب السلامة الوطنية، وفي عام 1972 وعندما تولى أربكان منصب رئاسة الوزراء كانت المشكلة الاقتصادية أهم التحديدات التي واجهت حكومته، وعلى الرغم من ذلك، حقق حزب أربكان إنجازات كبيرة لصالح وطنه. وكان يتطرق في كل خطاباته على ضرورة التصنيع الجديد وبناء صناعة وطنية قومية، و تحرير الاقتصاد التركي من رأس المال الأجنبي ورفع مستوى الاستثمار التركي في مجال الصناعة.
وفي فترة حكمه قام أربكان بافتتاح أكثر من 200 مؤسسة صناعية كبرى، وعمل على إصدار قانون يعفي القروض الزراعية من الفوائد الربوية.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!