ترك برس

صرح رئيس الوزراء التركي الأسبق "رجب طيب أردوغان" بتاريخ 28 أيلول/ ديسمبر 2012، خلال لقاء تلفزيوني، بأنه تمت عدة لقاءات ومحادثات مع "عبدالله أوجلان" من أجل فتح صفحة جديدة من الحلول الخاصة بالمشكلة الكردية في تركيا، وأطلق أردوغان على هذه الصفحة اسم "عملية السلام".

وشملت عملية السلام إعطاء المواطنين الأكراد في تركيا العديد من الحقوق السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والعلمية، وتضمنت هذه الحقوق؛ حق التحدث باللغة الكردية في المحاكم والمؤسسات الرسمية، إمكانية تدريس اللغة الكردية في المدارس ومؤسسات المجتمع المدني بشكل حر ودون أي قيد أو شرط، حق ممارسة الدعايات السياسية الانتخابية باللغة الكردية، تغيير الدستور بناءً على دعائم تكفل للأكراد حقوقهم بشكل دستوري.

ووضعت القيادة التركية آنذاك شرط السلام والمفاوضات السلمية لتطوير تلك الحقوق وتوسيع محتواها، وعلى الرغم من تقديم الحكومة التركية الكثير من الحقوق للمواطنين الأكراد، إلا أن حزب العمال الكردستاني "الكردي ـ المُسلح" نقض غزله وانقلب على عملية السلام بسبب بعض الخلافات الداخلية بينه وبين الجناح السياسي للأكراد "حزب الشعوب الديمقراطي" وبسبب انغرار بعض قادته بالدعم الوفير الذي تقدمه روسيا وإيران واتجاههم لاستخدامه في إقامة منطقة مستقلة ذاتيًا في جنوب شرقي وشرقي تركيا، حسب ما يصف الخبير السياسي التركي "ميديام يانيق".

وفي إطار تعقيبه على خرق حزب العمال الكردستاني "بي كي كي" على عملية السلام وتصدي الجيش التركي لتمرده من خلال عملية عسكرية ضخمة أُطلق عليها اسم "عملية الخندق"، أشار رئيس الوزراء التركي "أحمد داود أوغلو"، في لقاء صحفي مع قناة "سي أن أن ترك"، إلى أن "حزب العمال الكردستاني "بي كي كي" لم يحترم جديتنا في إحلال سلام فعلي في المناطق الكردية، وانقلب على عملية السلام منغرًا بالدعم الذي تقدمه له بعض الدول التي تهدف إلى عزلنا عن المنطقة، أرادت هذه الدول مع حزب العمال الكردستاني ومن خلاله فحص مدى قوتنا وقدرتنا الداخلية والخارجية، ونحن سنثبت لهم بأن تركيا لم تعد كالسابق، بل أصبحت دولة قوية قادرة على وضع قواعد اللعبة كما تريد قيادته وليس كما يريد قيادة الجهات الأخرى".

وتابع داود أوغلو مبينًا أن "الحكومة التركية فعلت كل ما بوسعها فعله من أجل إرساء الأمن والسلم الأبديين في المناطق الكردية ولكن حزب العمال الكردستاني الذي لا يمثل الأكراد إطلاقًا، رفض وتمرد على عملية السلام وقواعدها المُجدية للمواطنين الأكراد".

وأوضح داود أوغلو أنه "لا يمكن إطلاقًا العودة إلى محادثات السلام مع "عبدالله أوجلان" أو  أي جهة سياسية أخرى تمثل المواطنين الأكراد إلا من خلال إبداء هذه الجهات اعتراضها على ما يقوم به حزب العمال الكردستاني من تمرد وتعنت وتخريب".  

وفي سياق متصل، اعتبر الباحث التركي "فهمي كورو" موقف القيادة التركية تجاه إرجاع عملية السلام إلى الساحة على ما يبدو راسخًا ولن يتغير، لأنها لا تريد أن تخوض التجربة السابقة من جديد، إذ أعطت  حزب العمال الكردستاني الفرصة للتوصل إلى حل سلمي، ولكن حزب العمال الكردستاني لم يُحسن استخدام تلك الفرصة.

ويرى كورو، في مقاله "لا مكان للديمقراطية تحت أزيز الرصاص"، أن الحكومة التركية تمتعت بحكمة وروية تجاه حل القضية الكردية بعيدًا عن ميادين الحرب والاشتباكات، ولكن حزب العمال الكردستاني لم يقدر هذه الحكمة والليونة وانجر نحو الخطط المعادية لتركيا فور سنوح له الفرصة، لذلك فإن الحكومة التركية لا تريد أن تخوض تلك التجربة من  جديد، وتريد بدء صحفة جديدة من عملية السلام الجدية بعيدًا عن حزب العمال الكردستاني".

هذا ويُذكر أن الحكومة التركية قد أعلنت بتاريخ 17 كانون الأول/ ديسمبر 2015، عن بدء عملية عسكرية شاملة تهدف إلى تطهير بعض المناطق من عناصر حزب العمال الكردستاني بشكل كامل، لإرساء الدعائم السليمة والصحيحة لعملية السلام من جديد.

ومن الجدير بالإشارة إلى أن نائب رئيس الوزراء التركي "نعمان كورتولموش" قد أكد، خلال لقاء تلفزيوني بتاريخ 29 ديسمبر 2015، أن حزب العمال الكردستاني يعرقل عملية السلام التي تهدف الحكومة التركية إلى تحقيقها منذ فترة طويلة.

وأوضح كورتلوموش أن الحكومة التركية عازمة على تنظيف المناطق الجنوب الشرقية والشرقية من جميع العناصر التابع لحزب العمال الكردستاني حتى يتم توفير أجواء مناسبة لعملية السلام.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!