كمال أوزتورك – صحيفة يني شفق – ترجمة وتحرير ترك برس
كانت الثورة الإيرانية عام 1979 ثورة أحرار العالم في أعيننا في تلك الأوقات، وكنا معجبين بها أشد الإعجاب حتى لامس هذا الإحساس كل أطياف الشعب التركي حينها من إسلاميين وقوميين ويساريين، فمعادة "الشيطان الأكبر" أمريكا و"الشيطان الأصغر" إسرائيل والدول الإمبريالية والاستعمارية الأخرى مثل إنجلترا وروسيا والصين حرك مشاعر الحرية والعدالة في داخلنا، وزاد إعجابنا بالثورة الإسلامية الإيرانية عندما أعلن الخميني بأن لا فرق بين السني والشيعي؛ فكلهم مسلمون وإخوة في الدين.
تأثرت تركيا كثيرا بالثورة الإيرانية، حتى بتنا نقرأ ونتابع أحداث الثورة عن كثب أكثر من الإيرانيين أنفسهم، فقرأنا كل كتابات مفكري تلك الفترة من أمثال بهيشتي وعلي شريعتي ومطهر والإمام الخميني، ولم نكتفِ عند هذا القدر، فعدنا إلى كتابات الشيعة القديمة في التصنيفات المختلفة مثل التفسير والفلسفة وغيرها لنقرأها ونتأمل في معانيها. لكن أحلامنا وتوقعاتنا هذه ما لبثت حتى اصطدمت بحائط الوهم الذي عبس في وجوهنا وصرخ قائلا لنا بأن إيران التي نتخيلها ليس إيران الحقيقية، وهذا ما كان يقوله محمد ماتينير الذي عُزل عن المجتمع بسبب أقواله هذه.
بعد إثارة موضوع المهدي من قبل الأمام الخميني بدأت بوادر التحول والانحراف في الثورة تظهر للعيان، وزاد هذا الانحراف مع وفات الخميني عام 1989، فأعادت ضبط نفسها حسب المصالح الشيعية والأطماع الفارسية القديمة حين سعت في طريق الارتباط بالشيعة ومحاولة تشييع السنة بحملات التشيع العابرة للحدود، وكل هذا كان من أجل تحقيق مطامع سياسية واقتصادية. وزاد الشرخ بين إيران والإسلاميين حينما سكتت عن حافظ الأسد الذي قام بمجازر حمص وحماة، واتبعت ذلك بتأييدها لبشار الأسد في إطار أجنداتها المذهبية السياسية. وبانت عورتها الكبرى عندما طبّعت علاقتها مع "الشيطان الأكبر" الولايات المتحدة الأمريكية.
بعد خيبة الأمل الكبيرة التي عانينا منها من تحطم صورتنا الرومنسية الكبيرة التي علقنا على حائط إيران انشغلنا بإلقاء التهم والتبرير بأن إيران كانت تلعب لعبتها الخبيثة في الشرق الأوسط كما لعبتها من قبلها إنجلترا وإسرائيل. أما الآن فنرى علاقة إيران الغريبة المثيرة للدهشة مع أمريكا وروسيا، فهي تتحالف مع روسيا في سوريا وتقاتل جنبا إلى جنب مع أمريكا في اليمن، فأصبحت إيران بمواقفها هذه إحدى أهم السياسيات المركزية في الشرق الأوسط.
لقد كان بند رفع الحظر عن إيران في الاتفاق النووي الإيراني حائط السند الذي سيسند ويدعم إيران في أقسى وأصعب الأوقات التي ستمر عليها، كما وسيكون الآمل الذي سيحرر الإصلاحيين ويدعمهم، فهي ستقوي من خططهم السياسية؛ الأمر الذي قد ينتهي بانتصارهم في انتخابات البرلمانية هذه السنة، وان حصل هذا فان سياسيات إيران ستكون عرضة للتغيير واعادة الضبط من جديد.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس