جلال سلمي - خاص ترك برس
اتجه الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان"، بتاريخ 29 كانون الأول/ ديسمبر من العام المنصرم، إلى المملكة العربية السعودية في إطار زيارة رسمية رفيعة المستوى، كان يهدف من خلالها تباحث مُجريات الأحداث الجارية في المنطقة، وإيجاد حلول بديلة لحالة الغموض وعدم الاستقرار التي تعيشها المنطقة.
ولكن لم يُكتب لهذه الزيارة أن تتم كما كان مُخطط لها، إذ أُصيب أحد الصحافيين، الصحافي "حسن كاراكايا"، المرافقين لأردوغان بأزمة قلبية توفى على إثرها، مما اضطر الوفد لإلغاء زيارته في يومها الثاني والرجوع إلى تركيا دون مناقشة القضايا الحساسة التي كان من المُخطط مناقشتها.
ولإتمام مناقشة القضايا المطروحة ولإكمال دفع عجلة تطور العلاقات التركية السعودية، اتجه رئيس الوزراء التركي "أحمد داود أوغلو"، مساء الخميس، 28 كانون الثاني/ يناير 2016، صوب المملكة العربية السعودية، عقب دعوة الأخيرة له.
ووُصف الوفد المرافق لدواد أوغلو بالنوعي، إذ ضم بين طياته وزير الاقتصاد "مصطفى إليطاش" ووزير الداخلية "أفكان ألا" ووزير الدفاع "عصمت يلماز" ووزير المواصلات والاتصالات "بن علي يلديريم" ورئيس جهاز الاستخبارات الوطنية "هاكان فيدان"، وثلة من رجال الأعمال والصحافيين.
واستنادًا إلى تنوع الجهات المرافقة لداود أوغلو في زيارته، يتضح بأن الزيارة تحمل في طياتها مناقشة وتحقيق العديد من القضايا المشتركة بين الطرفين، ولكن يُشير البعض إلى أن القضايا الأمنية والسياسية العالقة في المنطقة هي التي ستطغى على المشاورات التي ستجري بين الطرفين.
وفيما يتعلق بأهمية الزيارة، يوضح الباحث السياسي "محيي الدين أتامان"، الكاتب السياسي في جريدة "يني شفق"، في مقاله "أفاق المشاورات التركية السعودية"، نُشرت بتاريخ 29 يناير 2016، أن الزيارة ستشمل عددًا من الاتفاقيات الاقتصادية التعاونية فيما يتعلق بتبادل الأموال التمويلية والاستثمارية بين الطرفين وتوسيع حجم الميزان التجاري بين الدولتين، كما ستكون هناك اتفاقيات تعليمية وثقافية واتفاقيات تنص على استلام تركيا بعض المشاريع التطويرية في المملكة العربية السعودية.
ويتابع أتامان بالقول بلا شك إن هذه الاتفاقيات الاقتصادية المتوقع إجراؤها بين الطرفين، ذات أهمية عالية، ولكن في إطار العلاقات السعودية التركية التي يهدف الطرفان إلى تأسيسها تُعد هامشية وعنصرًا مساعدًا في تطوير العلاقات، إذ أن العنصر الأساسي في تطوير العلاقات بين الطرفين هو التعاون السياسي والأمني تجاه المُعضلات التي تعاني منها المنطقة جراء تفاقم الأزمة السورية واتساع رقعة السيطرة الجغرافية لإيران في المنطقة.
أهمية التعاون المشترك بين الطرفين:
ويعزو أتامان أهمية التعاون المشترك بين الطرفين إلى عدة أسباب أهمها:
ـ وجود اتفاق أمريكي روسي في بعض القضايا المتعلقة بالأزمة السورية. هذا الاتفاق لا يخدم سوى المصالح الأمريكية الروسية، ولا يمت بأية صلة لمصالح السوريين ومصالح المنطقة، إذ أن روسيا ستعمل على تشكيل دويلة أسدية وستقوم أمريكا ببناء دويلة كردية، أما العناصر الأخرى في سوريا، أي الثوار الذين انطلقوا من أجل الحرية ودحر نظام الأسد المستبد، فسيتم تقويض تحركهم وإخماد ثورتهم.
ـ إقامة دويلات تابعة لجهات خارجية، دون أدنى شك، سيضر بالأمن الاستراتيجي للملكة العربية السعودية وتركيا، إذ أن نظام الأسد الذي أعلن ولاءه التام لإيران سيوفر قاعدة استراتيجية لها وستصبح عنصر تهديد قوي للمملكة العربية السعودية، التي ستكون أمام التهديد الإيراني في العراق وسوريا، والتي يحدها العراق بحدود طويلة المسافة، وأما الأخرى فهي قريبة على العراق وتشكل قاعد لوجستية لإيران لتهديد التحرك النفطي الخليجي في البحر الأبيض المتوسط. وفيما يخص تركيا؛ فستكون أمام تهديد كردي استراتيجي سيُبقي على دفع حزب العمال الكردستاني لإقامة منطقة استقلال ذاتي في الشرق والجنوب الشرقي لتركيا.
ـ قلق الروس والأمريكان على مصالحهما في حال إسقاط نظام الأسد، إذ يرى الطرفان أن سوريا بدون الأسد ونظامه ستكون خارج إطار سيطرتهم وخارج إطار مصالحهم، فذلك سيهدد السيطرة الروسية وسيُهدد الأمن الاستراتيجي لإسرائيل الذراع الأساسي للولايات المتحدة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط، وهذا إنما يدل على عدم إبداء أي اهتمام من الجانبين لمصالح المنطقة وبلدانها.
وبناءً على الأسباب التي يطرحها أتامان فيما يتعلق بأهمية التعاون السعودي التركي تجاه القضايا العالقة في المنطقة، وعلى رأسها سورية، يتضح بأن الخطط الدولية لا تخدم إطلاقا ً المصالح التركية السعودية، وهذا ما يشكل مُحركًا أساسيًا للطرفين، لرسم خطط استراتيجية إقليمية قوية لخدمة مصالحهما ومصالح المنطقة المشتركة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!