مصطفى قرة علي اوغلو – صحيفة ستار – ترجمة وتحرير ترك برس
لا أرى أن أي دولة في العالم ترغب في أن تكون المجموعات الارهابية جارة لها، تلف حدودها من كل صوب وحدب. وعلى وجه الخصوص تلك الدول التي تتبنى النظام الديمقراطي، فإنها تسعى جاهدة لإبعاد الخطر الارهابي عن حدودها قدر المستطاع. وبالطبع اقصد هنا الدولة التركية التي تعرف بنظامها الديمقراطي العميق.
إن أكثر ما يخيف الدول التي تعتمد في تسيير امورها على الانظمة الحقوقية والديمقراطية والتي تعد مواطنيها بمستقبل واعد، هو العنف. لذلك فإن الإرهاب والعنف يعدان من ألد اعداء الديمقراطية و الاستقرار.
من المؤسف ان هذه المرحلة العصيبة التي تعصف بدول الجوار التركي، محت اثار وأشكال الديمقراطية فيها. فها هي سوريا ومصر وليبيا وأفغانستان والعراق. فهذه الدول جردت تماما من الديمقراطية.
إن إرادة الشعوب لا تأثر في نظام الحكم في بلدان الاسلامية والعربية. فلا تقيم الأنظمة الحاكمة أي وزن للإرادة الشعبية بإستثناء تركيا التي ارست قواعد الديمقراطية وتعرفت على تقاليدها واعطت الاولوية لإرادة شعبها.
تعتبر الجمهورية التركية دولة قانون، وترتبط مع المجتمع الدولي والانظمة العالمية بعلاقات وطيدة. كما انها على صلة تاريخية ودينية بالعالم الاسلامي. وبموجب هذه العلاقات الوطيدة سواء مع المجتمع الدولي او العالم العربي، فإن تركيا تبقى على إطلاع للأحداث الدائرة في المنطقة، وبإمكانها التكهن بما يمكن ان يحدث في المستقبل. ولو نظرنا الى العشر سنوات الاخيرة، لاحظنا أن الدور التركي قد ازداد في حل مشاكل المنطقة واصبحت في موضع المرشد السياسي.
على الرغم من الرؤية الصائبة لأنقرة حيال الاوضاع الراهنة في الشرق الاوسط، إلا ان هناك اطراف معينة يتعمدون أن يسيروا بعكس السياسات التركية. وإذا ما اخدنا بعين الاعتبار القوة العسكرية والاقتصادية للولايات المتحدة الامريكية و محاولات بعض دول المنطقة الإلتفاف حول هذه القوة وإستغلال الامريكيين لهذا الوضع، نرى ان الامور قد وصلت الى ما هو عليه اليوم في منطقة الشرق الاوسط.
أتساءل الان؟ لو أرادت واشنطن بالفعل منع وصول الامور إلى هذا الحد من التعقيد في منطقة الشرق الاوسط، هل كان بمقدورها ذلك؟ لا أدري ولكني واثق بأن الولايات المتحدة الامريكية لو تعاملت بحس نية لما وصل الامور إلى ما ألت إليه الان.
جمل لم أستطع أن أسمعها من رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية
يوم الجمعة والسبت الماضيين رافقت رئيس الوزراء احمد داوود اوغلو والرئيس رجب طيب اردوغان. فكلاهما كانا يكرران نفس العبارة. حيث كانا يقولان ان رؤية تركيا وتحليلاتها لمجريات الاحداث في منطقة الشرق الاوسط كان صائبا. وما الاحداث الدائرة الان إلا دليل على صحة الرؤية التركية. كما انهما كانا يردفان هذه العبارة بجملة قصيرة وهي " ايقنوا صحة التحليلات التركية لكن بعد ان حل كل هذا الدمار بالمنطقة فما نفع هذا بعد أن قتل الالاف وبعد كل ما حصل من دمار"
إننا نعيش مراحل حرجة جدا. وخاصة مسألة الدولة الاسلامية. فعلى الجميع أن يتقبل ان احتمال حل هذه المسألة اضعف بكثير من إحتمال عدم حله وإزدياد تعقيده. فهذا واضح من سياسات الرئيس الامريكي باراك اوباما، الذي ظل مترددا في اتخاذ القرارات الحاسمة منذ بداية ظهور هذه المشكلة.
بالعودة إلى ما قصدته بالجمل التي لم استطع أن أسمعها من رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء. فإنهما لم ينطقا بأية جملة تبعث الامل فيما يخص الخطة الامريكية حيال الضربة المحتملة ضد الدولة الاسلامية. حيث بدى أن كلاهما يرغبان في أن تحل هذه المشكلة بأسرع وقت ممكن، لكنهما كانا حذرين. خاصة بعد التجربة التي عاشوها مع الولايات المتحدة و الدول الاوروبية بخصوص الشأن السوري.
يجب اتباع أساليب أخرى إلى جانب الحل العسكري ضد داعش
أن انقرة لا تعير أي إهتمام للحلول الانية التي تهدف إلى إنقاذ الوضع الحالي. كما انها لا تعتمد ولا تثق بحزمة الاقتراحات التي لا تضمن حلا جذريا للمسألة السورية.
فمن أجل التخلص من مجموعة معينة، يمكنك غستخدام القنابل والاسلحة الفتاكة. لكن التجربة التي مرت بها المنطقة في الماضي القريب، أثبتت ان هذه الطريق لم تولد سوى المزيد من التطرف والمجموعات المتطرفة.
يجب ان لا ننسى أن هناك إحتمال ان تكون الضربة الامريكية ضد تنظيم داعش، حافزا لهذا التنظيم لكي يعود ويظهر من جديد او تظهر جماعات مماثلة لها. لا سيما ان التجربة السورية تدل على هذا. حيث ان نشوء تنظيم الدولة الاسلامية في سوريا، كان سببه إستخدام النظام السوري للأساليب العسكرية المفرطة.
إن أي خطوة لا تهدف إلى خدمة المجتمع العربي، سيؤدي إلى زيادة المجموعات المتطرفة في المنطقة وسيزيد من شدة العنف الدائر في الشرق الاوسط.
إن انقرة لا تسعى إلى إزالة خطر الدولة الاسلامية عن منطقة الشرق الاوسط فحسب، إنما تهدف إلى إستئصال جذور الارهاب و طمس العوامل المؤدية إلى نشوء المجموعات المتطرفة في هذه المنطقة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس