محمود أوفور – صحيفة صباح - ترجمة وتحرير ترك برس
دُق ناقوس الخطر في الولايات المتحدة ضد جماعة غولن المتهمة بالتآمر على الدولة في تركيا، ففي الفترة القليلة الماضية نُشرت مقالات كثيرة على درجة من الأهمية عن هذه الجماعة في الصحف والمواقع الإخبارية المهمة في الولايات المتحدة وعلى رأسها صحيفة الولايات المتحدة اليوم (USA Today) وقد تحدثنا عنها في حينها من على هذا المنبر، لكن ولأول مرة ترد مقالة عن هذا التنظيم على موقع الشعلة (The Blaze) الإخباري الشهير التابع للأمريكان الجمهوريين.
هذه المقالة الموقعة بقلم الكاتب أرييل كوهين ناقشت عدة أمور جديدة لم تلتفت لها الأنظار من قبل. إحدى هذه الادعاءت كان "أن التساؤل عن سعي الجماعة التي يترأسها غولن إلى إنشاء نظام موازٍ أو دولة موازية في الولايات المتحدة الأمريكية كما فعل في تركيا من قبل لن يكون خارجا عن المألوف. لقد خطت الدولة في تركيا خطوة مهمة في سبيل حمايتها ذاتها ومقدراتها من هذا الإمام المزيف وأصدرت قرارا باعتقاله. والآن وبالتوازي مع تحقيقات مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) المستمرة يمكننا الادعاء أن هناك ثلة من السياسيين الذين تلقوا الدعم من هذه الجماعة، هذا الدعم المادي والنفوذ والقوة الذي يجب أن نسعى إلى تثبيته وتسليط الأضواء عليه ليبقى تحت عدالة سلطة الكونجرس."
هذه الادعاءت فقط كافية لأن تؤرق مجلس غولن في قصره في بنسلفانيا. فالكاتب يشير إلى ذلك بقوله "إن رجل الدين التركي المسلم فتح الله غولن والذي يتخذ من بنسلفانيا مركزا له يمثل تنظيما يمزج بين الدين والسياسة بشكل غير صحي يُسيء الى الدولة التي التجأ إليها". وأضاف قائلا: "غولن وفي سبيل تهربه من دفع الضرائب للولايات المتحدة يمارس أعماله تحت غطاء (نشاط الجماعة) ويستخدم هذه الحجة كمكنسة كهربائية ضخمة لشفط الأموال. مدارس تشارتر المستوحاة من غولن تمثل إحدى أهم الواجهات الخارجية لفعاليات الجماعة والتي تحقق ما يربو إلى 150 مليون دولار في العام الواحد مستفيدة من تخفيضات الضرائب للمؤسسات التعليمية. الأمر المثير للقلق أن تستخدم هذه الأموال الطائلة لشراء قوة سياسية ما لتنفيذ الأجندات السوداء".
المقالة التي تنطلق من التحقيق الصحفي الذي أجرته صحيفة الولايات المتحدة اليوم (USA Today) في السابق، تناقش وبشكل مفصل "شبكة" الدعم النقدي الذي قدمته الجماعة إلى السياسيين الأمريكان من هيلاري كلنتون بداية وصولا إلى جيب بوش ومرورا بأسماء شهيرة على الساحة السياسية الأمريكية. فالمقال يسرد بالتفاصيل كمية الدعم التي تلقاها كل واحد منهم وتحت أي مسمى وباسم أي الجمعيات تم تقديم الدعم، حقيقة أنها المرة الأولى التي تكتب فيها الوقائع بهذا التفصيل، من بين المؤسسات التي قدمت مئات ألوف الدولارات دعما للحملات السياسية نجد: رجب أوزكان رئيس المركز الثقافي التركي وغوكهان أوزكوك التابع للمركز كذلك، سيما للتعليم، آبيل للخدمات التعليمية، شبكة الأعمال التركية الأمريكية، إسطنبول سينتر، معهد جُزر السلام ووقف طيف العالمي وغيرها الكثير.
الكاتب لم يكتفِ بأن يكون أول من ذكر أن غولن وأتباعه يخضعون لرقابة مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI)، بل أضاف قائلا "في هذه اللحظات يقوم مكتب التحقيقات الفيدرالي بمراجعة ملفات النشاطات الخاصة بجماعة غولن في جميع أنحاء الولايات المتحدة لكن التحقيقات المتعلقة بالمدارس التابعة لغولن محدودة جدا. من المعروف جيدا ميل هذه الحركة العالمية إلى السياسة وبما أن التحقيق بأي نشاط سياسي خارج القانون هو كذلك من مسؤولية مكتب التحقيقات، فإن مكتب التحقيقات الفيدرالي وفي أثناء مراجعة نشاطات الجماعة سيقوم كذلك بالتحقيق في أي نشاط سياسي لأعضاء الحركة وبأي تبرعات مالية للسياسيين أو علاقات معهم".
إحدى نقاط الاختلاف الأخرى بين هذه المقالة وما سبقها من المقالات عن فتح الله غولن في الولايات المتحدة هو مناقشتها لمحتوى إحدى الاشرطة المسجلة لقناة (atv) والتي تعود لعام 1999م. هذا التسجيل الذي يشكل نقطة نقاش مهمة في تركيا كذلك يلقي الضوء على تعليمات فتح الله غولن والتي قال فيها "لم يحن الأوان بعد، فالزمن المناسب تعرفونه عندما تستطيع أكتافكم أن تحمل مسؤولية العالم أجمع، يجب أن تنتظروا النضوج التام المنزه عن أي نقص، يجب أن تنتظروا حتى تملكوا قوة دولة وحتى تتلقوا الدعم من الدستور التركي ذاته... وأنتم تخرجون من هذا المكان يجب أن تتركوا وراءكم كل ما سمعتموه وناقشتموه من عواطف وأفكار ."
هذا الكاتب الذي يناقش مقدرة النظام الموازي على بث الروح في نموذجه في تركيا يوجه النداءات للتحقق من سعي التنظيم إلى تطبيق هذا النموذج في الولايات المتحدة الأمريكية ويطالب الكونجرس الأمريكي باتخاذ الإجراءات اللازمة.
من هذه المقالات المتتالية عن غولن وتنظيمه في الولايات المتحدة يمكننا أن نستشف أن أيام غولن هناك أصبحت معدودة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس