ترك برس
أعلن رئيس الوزراء التركي "أحمد داود أوغلو"، في مطلع الشهر الجاري"، تأسيس لجنة إعداد الدستور المشكلة من أعضاء ممثلين عن الأحزاب السياسية البرلمانية، مشيرًا إلى أنه، من خلال اجتماعاته مع زعماء الأحزاب السياسية الأخرى، توصل معهم إلى التأكيد على ضرورة بذل كافة الجهود لإنجاح عمل اللجنة وإيصالها إلى نقطة توافق مشتركة تؤهلها لتغيير الدستور العسكري المعمول به في تركيا، والموضوع من قبل قادة انقلاب عام 1982.
هذا وعلى الرغم من إبداء زعماء الأحزاب السياسية نية صادقة في السعي لإنجاح ما ترنو إليه اللجنة، إلا أن حزب الشعب الجمهوري أعلن، في السادس عشر من الشهر الحالي، انسحاب ممثليه من اللجنة، مبررًا ذلك؛ بطرح حزب العدالة والتنمية لنظام الرئاسة كأحد المواد الخاصة بالدستور، وهذا ما نتج عنه تفكك اللجنة.
هذا وذكرت مصادر مطلعة أن بعض قادة حزب العدالة والتنمية ورئيس مجلس البرلمان التركي "إسماعيل كاهرامان" دعوا حزب الشعب الجمهوري إلى التحلي بالجدية والعودة من جديد إلى طاولة الحوار للتوصل إلى نقاط توافقية مشتركة، مؤكدين أن التوافق هو السبيل الوحيد لحقيق النجاح فيما يتعلق بقضية تغيير الدستور.
وضم زعيم حزب الحركة القومية "دولت باهجالي" صوته إلى صوت الداعين حزب الشعب الجمهوري إلى التحلي بالمسؤولية، والرجوع إلى طاولة الحوار، منوّهًا إلى أن ذرائع حزب الشعب الجمهوري المتعلقة بالانسحاب من اللجنة "غير مقنعة"، بل هي قضايا ثانوية يمكن تخطيها من خلال التشاور وليس من خلال الانسحاب الفوري من اللجنة.
وعلى الرغم من الدعوات المتكررة لحزب الشعب الجمهوري للتحلي بالمسؤولية والعودة إلى مزاولة أعمال اللجنة الخاصة بعملية إعداد الدستور الجديد، إلا أن الأخير لم يعاود الانضمام إلى اللجنة، الأمر الذي دفع رئيس الوزراء وزعيم حزب العدالة والتنمية "أحمد داود أوغلو" يصرح بأن حزب العدالة والتنمية ماض في مناقشة مواد الدستور مع الأحزاب السياسية الأخرى بعيدًا عن حزب الشعب الجمهوري الذي لم يحترم الإرادة الجادة للأحزاب الأخرى، وأراد إملاء بعض القرارات على هذه الأحزاب، واتجه لاستخدام الانسحاب من اللجنة كأداة ضغط علينا.
وفي هذا السياق، أضاف داود أوغلو مبينًا أن حزب العدالة والتنمية لن يسمح لأي جهة بممارسة الضغوطات عليه، موضحًا أن الحقبة البرلمانية لأحزاب البرلمانية الأخرى، العدالة والتنمية، الحركة القومية، الشعوب الديمقراطي، كفيلة بإعطاء الفرصة لنا لمناقشة الدستور بدون انضمام حزب الشعب الجمهوري الذي رفض التوافق في أولى محاولات تغيير الدستور.
وفي سياق متصل، يوضح الخبير الحقوقي "جم دوران أوزون" أن حزب الشعب الجمهوري لم يفاجئ أحدًا في انسحابه من لجنة النظر في إعداد الدستور الجديد، مشيرًا إلى أن حزب الشعب الجمهوري أبدى الموقف نفسه إبان انتخابات 2011، وأفشل محاولات تغيير الدستور في الدورة البرلمانية السابقة.
ويبين أوزون، في مقاله في صحيفة صباح "فشل لجنة إعداد الدستور في إعداد مسودة الدستور"، أن حزب العدالة والتنمية أبدى كل استعداده لإنجاح عملية إعداد مسودة الدستور الجديد، حيث ساوى بين جميع الأحزاب البرلمانية، ليتمكن من كسب تعاون الأحزاب السياسية الأخرى، وإقناعها أنه يسعى إلى التوافق معها، ولكنه يطرح مواد للمناقشة، وفي حال تم التوصل إلى إجماع على هذه المواد ستتم إضافتها إلى الدستور، ولكن حزب الشعب الجمهوري لم يستجب لدعوة العدالة والتنمية إلى التوافق، وأعلن انسحابه من الدستور بكل سهولة.
وفي ضوء التساؤل عن الأسباب الحقيقية التي تسببت في إخفاق لجنة إعداد الدستور في الوصول إلى هدفها، يوضح أوزون أن عدة عوامل ساهمت في الحيلولة دون نجاح لجنة إعداد الدستور، أهمها هذين العاملين:
ـ القلق الشديد لدى حزب الشعب الجمهوري، والمتولد من إمكانية توصل حزب العدالة والتنمية إلى إعداد دستور جديد يشمل النظام الرئاسي، لذا أراد تقويض عمل اللجنة، لتشكيل نقطة ضعف ممكنة لحزب العدالة والتنمية، وصده عن إضافة تلك النقطة.
ـ رفض حزب الشعب الجمهوري القاطع، تغيير بعض المواد الأولى من الدستور، مثل المادة الأولى "كل مواطن يعيش فوق الأراضي التركية هو تركي"، ومحاولة الأحزاب الأخرى، باستثناء حزب الحركة القومية، تغيير هذه المواد، بحجة عدم توافقها مع الصبغة العامة للشعب التركي، حيث تحتوي هذه الصبغة العديد من الأطياف القومية وليس القومية التركية فقط، لذا تحاول الأحزاب الأخرى تغيير هذه المادة وغيرها إلى مواد أخرى تعترف بكافة الأطياف القومية الأخرى، ولكن حزب الشعب الجمهوري يعد هذه المواد مواد وراثية من مؤسسه ومؤسس الجمهورية التركية "مصطفى كمال أتاتورك" ولا يجب المساس بها إطلاقًا، وعلى الرغم من معارضة حزب الحركة القومية لتغيير بعض المواد إلا أنه لم ينسحب، وأكد ضرورة المناقشة للتوصل إلى نقطة توافق مشتركة مع الأحزاب الأخرى.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!