أوزجان تيكيت – صحيفة ترك خبر – ترجمة وتحرير ترك برس
وأنا في سيارة الأجرة في إحدى شوارع إسطنبول الجميلة وفي أثناء وقوفنا على إشارة الطريق الحمراء نظر إلي صبي صغير بالعمر عبر مرآة السيارة وهو يحركها وسألني إن كان معي ولعة لسيجارته! لعلكم مررتم بمثل هذا الموقف فقد بات مشهورا، وأنا أنظر إلى سيجارة هذا الطفل الذي لم يتجاوز السادسة من عمرة تسارعت اللحظات وتذكرت الهدنة المعلنة حديثا في سوريا وتواردت إثرها الأسئلة الكثيرة المحيرة، وقلت يا ترى هل كنا سنرى مثل هذا الطفل يطلب ولعة لسيجارته على إشارة الطريق الحمراء في سوريا إذا استمرت الهدنة ونجحت في تهدئة الصراع الدموي؟ ومع مشاعري الإيجابية ونواياي المتفائلة قلت في نفسي حتى وإن نجح وقف إطلاق النار فإن أطفال ذاك الطفل السوري لن يستطيعوا العودة إلى أرضهم الأم بكل تأكيد.
لو بحثنا في تاريخ العالم منذ بدايته وإلى يومنا هذا عن أمثلة مشابهة لما يحدث مع الطفل السوري المشرد لوجدنا الكثير منها، ولوجدنا أنه وفي السنوات الأخيرة لن تجد من استطاع العودة من أولئك الأطفال إلى بلده الأم، كما أن الظروف المحيطة بالأزمة السورية لا تبشر بخير أيضا، فرغم إعلان الهدنة منذ أيام نرى كل الأطراف غير جديين في تنفيذها، وأول هؤلاء هم الحلف الروسي والرئيس بوتين، فعقب إعلان بدء تنفيذ وقف إطلاق النار خرج بوتين وصرح بأن "على أمريكا أن لا تنسى أن هناك تنظيمات إرهابية أخرى غير تنظيم داعش وعليها إعانتنا في استهدافهم"، وهنا تظهر وبكل وضوح النية الحقيقية لبوتين وروسيا، فهم يريدون استئصال شأفة كل القوى المعارضة باسم محاربتهم للإرهاب وتنظيم داعش، فكل معارض للأسد هو داعش بنظرهم.
بعدما كانت الرؤية الأمريكية تتمحور حول الخروج على الأسد لطرده عندما انطلقت الثورة قبل خمس سنوات نجدها اليوم وقد تحولت وتغيرت لاعتماد داعش هدفًا والأسد وروسيا وإيران حلفاء في حربهم على الإرهاب! وكما كان الحال في العراق بمحاربة التطرف والأصولية فإن الحال في سوريا أيضا بات على ما كان عليه جارة العراقي، ليُرمى بذلك الإنصاف في البحر وتأخذ مكانه الأفاعي والحيات، حتى تلتف الأخيرة على السوريين كما حصل لأيلان الكردي المغدور على الشاطئ، وهو ما سيحتم علينا أيضا أن نرى مثل هذا ذاك الطفل ذي الست سنوت وهو يضع سيجارته في فمه ويطلب ولعة حتى يشعلها...
مع استمرار أفعى التطرف والأسد سنرى الأقليات التي تعيش في سوريا وهي تطالب بالاستقلال والانفصال عن سوريا بدعم روسيا التي ستستمر بتصفية المعارضة المعتدلة. وفي حال فشل جهود وزير الخارجية الأمريكي جون كيري فإن الخطة ب ستكون رهن التنفيذ، وهو ما سيحصل بكل تأكيد، بحيث يكون السوري عدو العراقي والأمريكي صديق الروسي وهم يخططون لتقسيم وتفتيت البلدين سوريا والعراق.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس