محمد عمر زيدان - خاص ترك برس
على مدار السنوات المنصرمة كانت تطرق أسماعنا بعض المصطلحات والكلمات التي لم نكن ندرك معناها ونحن صغار ولكن عندما كبرنا وتعلمنا أيقنا أن جلّ هذه المصطلحات كانت إما كذبًا بواحًا وإما مصطلحات فضفاضة ومطاطية نستطيع أن نفصّلها على مقاس أي إنسان نريد في هذه الدنيا، ومنها على سبيل المثال لا الحصر المقاومة والممانعة وحزب الله الحامي لديار الإسلام والمسلمين وإسرائيل المحتلة وحزب البعث اليد القوية في وجه الامبريالية والصهيونية والرجعية العميلة وووو...إلخ.
واليوم اكتشفنا زيف هذه المصطلحات والشعارات البراقة، وتعرفنا على من هو العميل والرجعي فكل من لا يؤمن بهذه الشعارات فهو عميل ورجعي، وكل من يطالب بحريته وكرامته فهو من ضمن هذه القائمة وتجلّت عظمة هذه الشعارات مع حزب الله اللبناني فهو المقاوم والممانع وحامي الحمى والجدار الصلب في وجه العنجهية الإسرائيلية ومحرر القدس القادم. ولكن سرعان ما ذابت هذه المصطلحات مع بداية انطلاقة ثورة الكرامة السورية وأيقن السوريون أن طريق تحرير القدس على حسب رواية الحزب يجب أن تمر بالذبداني مرورًا بدمشق ثم الجولان المحتل ثم القدس!!. ولكن السؤال المطروح اليوم هل كانت إيران محقة في زرع هذا النظام السرطاني في المنطقة؟ وما هي مبررات زرعه ؟ ومن ثم ما الفائدة المرجوة منه؟ وما الأهداف التي جنتها إيران من زرع الحزب في ثمانينيات القرن الماضي 1982؟؟؟ كلها أسئلة مشروعة ومطروحة على بساط البحث.
وحقيقة الأمر أن سبب زراعته هو نشر التشيع في لبنان، والحفاظ على الوجود الشيعي الدائم في هذا البلد، والسيطرة على منافذ القوة فيه، وتهيئة موطئ قدم لإيران للتدخل في المنطقة متى تشاء لتحقيق مصالحها وأهدافها القومية والدينية. وكذلك ضرب البنية التحتية للبنان، وإعادة أمجاد الإمبراطورية الفارسية وهذا ما أكده زعيم الحزب الحالي حسن زميرة كما اعتاد السوريون تسميته في خطابه أن الحزب شيعي اثنا عشري يتبع لولاية الفقيه في إيران.
وهذا ما تجلى بكلمة السيد إبراهيم الأمين الناطق الرسمي باسم الحزب (نحن إيران وإيران في لبنان ولبنان في إيران) وهذا ما أكده البيان التأسيسي للحزب، الذي جاء بعنوان (من نحن وما هي هويتنا؟) عرّف الحزب عن نفسه فقال: "...إننا أبناء أمّة حزب الله التي نصر الله طليعتها في إيران، وأسست من جديد نواة دولة الإسلام المركزيّة في العالم... نلتزم بأوامر قيادة واحدة حكيمة عادلة تتمثّل بالولي الفقيه الجامع للشرائط، وتتجسد حاضراً بالإمام المسدّد آية الله العظمى روح الله الموسوي الخميني دام ظلّه مفجّر ثورة المسلمين وباعث نهضتهم المجيدة..."، هذا من جهة ومن جهة أخرى هل استطاعت إيران وزرّاعها تشييع المنطقة على مدار هذه السنوات؟ والجواب بسيط لا يحتاج إلى فلسفة. لا لم تستطع ولن تستطيع، ومن ثم هل حققت أهدافها المنشودة بتحرير القدس تلك الأكذوبة التي ضحك بها الحزب على السذج من الناس.
فمن راهنت عليه إيران طوال السنوات الماضية لم ينتصر بمعركة واحدة سواء مع الكيان الصهيوني أو مع مقاتلي الثورة السورية، وإليكم بعض النماذج مع إسرائيل .فاتفاقهما تموز/ يوليو 1993 ونيسان/ أبريل 1996 ليسا ببعدين عنا حيث اتفق الطرفان الإسرائيلي وحزب الله على حفظ كل منهما حدود الآخر وعدم إزعاج حزب الله للأراضي الإسرائيلية بصواريخ هيفا وما بعد هيفا وهذا ما يفسر لنا عدم مساندة الحزب لقطاع غزة بترسانته الصاروخية 2008/ 2009 وبهذا خرج حزب الله من معادلة تحرير فلسطين. كما أنه في سورية لم يستطع تحقيق إلا نصر وهمي في القصير وما الزبداني عنا ببعيدة ودوما وداريا و إدلب فقد منّي الحزب بخسائر فادحة وكل يوم يسقط عشرات القتلى التي يرسلهم النظام السوري بتوابيت إلى ذويهم مع هدية قيمة (بسطار عسكري) طبعا وكل هذا فداء صرماية السيد حسن وبشار كما يقال وعندما سأل السيد الأمين العام السابق لحزب الله صبحي الطفيلي 1989/ 1991 عن مصير هؤلاء القتلى قال (هؤلاء ليسوا شهداء بل هم في جهنم ) وشهد شاهد من أهله.
وعندما أدرك السيد حسن أن النصر بعيد المنال بدأ يستخدم لغة الكلاب فبدأ بالصراخ واتهام السعودية وتركيا بإشعال الفتنة الطائفية في سورية والسب والشتم ولأن الكلاب قوتها في حنكها فلم يغني هذا النباح من الأمر شيء ولم يغير من الواقع .ولماذا هذه الجعجعة هل هي فقط لقرار الدولتين التدخل في سورية؟ ونحن نعلم حقيقة أن السعودية عندما تتدخل فإن إيران تلجأ إلى أوكارها وتتخلى عن حلفائها وهذا ما حدث في البحرين واليمن وغدًا في سورية إن شاء الله. ألم تدرك بعد أن رهانها خاسر في سورية؟ ألم تدرك بعد مقدار الاستنزاف الاقتصادي الذي أرهق به الحزب كاهلها من جراء دعم نظام الأسد؟. فالكل يعلم أن إيران واقتصادها ريعي يعتمد بالدرجة الأولى على النفط ودولة بدون اقتصاد متنوع لا يمكن أن تصبح دولة عظمى حتى لا يحق لها الحلم.
لكل هذه الظروف سوف تنهار إيران وستقوم القوميات المختلفة بالثورة على ولاية الفقيه وستتخلى إيران عن حزب الله كما تخلت عن عبد الملك الحوثي وستكون نهاية الشاطر حسن إما القتل على يد أتباعه أو إخراجه من المشهد السياسي لأن التاريخ أثبت أن الظلم لا يدوم و الحقيقة لا بد أن تنكشف فمن حمى حدود إسرائيل طوال الأعوام الماضية لا يمكن أن يستمر، وهذا الكلام بشهادة صبحي الطفيلي عندما قال لقناة الجزيرة الفضائية في 23 تموز 2004 ''لو أن غير شباب حزب الله على الحدود لكان الأمر مختلفًا... كان كثير من الناس يستطيعون اختراق الحدود والقيام بعمليات ضد العدو الإسرائيلي، لكن الحزب بما لديه من كفاءة ومن إمكانيات هو الأقدر على الحماية، وهنا المصيبة وهنا الكارثة... نحن نحمي لهم الحدود ونحرسها''. وبهذا التصريح يجب إيجاد مصطلحات جديدة مثل المماتعة والمناطعة والمماطلة والمزاودة لتكون شعارات الحزب في الأيام القادمة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس