ترك برس
على خلاف الانفجارات السابقة، استهدف انفجار أنقرة الأخير مواقف حافلات خاصة بالمدنيين في أكبر ميادين العاصمة التركية أنقرة، مسفرًا عن 39 قتيل وما يقارب 125 جريحًا، 10 منهم في حالة خطرة.
وفي إطار البحث ما بين سطور تداعيات الانفجار والصدى الذي أحدثه في أوساط الساحة السياسية لتركيا، علق الخبير السياسي الإعلامي "محرم صاري كايا" في مقاله بصحيفة خبرترك "كيزيلاي"، قائلًا: "كنت مع عائلتي في نزهة في أحد الأماكن القريبة من ميدان كيزيلاي، حيث كان الجو ربيعيًا جميلًا... وبينما نحن في طريق العودة مررنا بميدان كيزيلاي، ولم نبعد عنه كثيرًا، حتى سمعنا صدى صوت شديد وفجأة بدأ زجاج السيارة بالاهتزاز، ولم نستغرق كثيرًا لاستيعاب ما الذي تسبب في ذلك، حيث أنه لم يمضِ كثيرا َ من الوقت على انفجار السابع عشر من شباط/ فبراير، وهذا ما جعلنا نتيقن سريعًا من أن هناك انفجارًا إرهابيًا جديدًا حاقدًا استهدف أنقرة الجميلة".
وأوضح صاري كايا أن تحليل هذه الوقائع الإرهابية في أنقرة أصبح أمرًا كلاسيكيًا، حيث بات معروفا أن ثمة دولًا أو جهات أجنبية تحاول ردع تركيا لكبح تدخلها في المنطقة، ذلك التدخل الذي يعكر مزاجهم في تنفيذ خططهم "الضارة" للمنطقة، وذلك من خلال دفع المنظمات الإرهابية لإفشاء حالة ذعر أمني بين المواطنين الأتراك، ودفعهم للانقلاب على حكومتهم والضغط عليها للاستنكاف عن التدخل السياسي خارج حدودها والكف عن حربها مع عناصر حزب العمال الكردستاني، ولنشر حالة عدم استقرار عارمة تجعل بعض الدول تطلب من رعاياها عدم الذهاب إلى تركيا، حفاظًا على أرواحهم، وبالتالي توجيه ضربة للاقتصاد التركي، وغيرها من المآرب التي باتت بائنة للجميع عقب تكرار العمليات الإرهابية التي تستعرض أهداف حساسة في أنقرة وإسطنبول.
وتابع صاري كايا مبينًا أن مواقف الحافلات التي تم استهدافها في أنقرة، هي المرآة التي تعكس سكان المدينة، لأنه لا يمكن لأحد من سكان أنقرة الذهاب إلى منزله أو إلى أي مكان أخر، إلا من خلال المرور بميدان كيزيلاي، فهو حلقة الوصل بين كافة مناطق وأحياء أنقرة، مضيفًا أن ركاب الحافلات من كيزيلاي هم في العادة العمال والموظفون محدودو الدخل الذين يشكلون الشريحة الأكبر من سكان أنقرة، واستهدافهم إنما ينم عن النية "القذرة" للمنظمات الإرهابية ومن يدعمها، والتي أرادت استهداف عامة تركيا، لتشكيل أداة ضغط أكبر على الحكومة التركية، لإرضاخها وإجبارها على رفع يدها عن سوريا بشكل خاص.
وأشار صاري كايا إلى أن "الإرهاب استُعمِل دوما لصد تركيا عن بعض خططها، والتي تناقض مصالح الدول الكُبرى في المنطقة، وقد شهدنا هذه التفجيرات في أيار/ مايو 2007، ومن ثم انفجار أيلول/ سبتمبر 2011، تلاه انفجار فبراير في 2013 الذي استهدف السفارة الأمريكية، وغيرها من التفجيرات التي بلغ مجموعها 6 تفجيرات خلال السنوات العشر الأخيرة، وعلى الرغم من تباعد الخط الزمني لهذه التفجيرات، إلا أن الهدف الأساسي كان هو قلب الرأي العام على الحكومة، لمنعها عن انتهاج سياسة ما.
وعلق على هذا الخبير السياسي "محمد بارلاص" متسائلًا "ألا يعلم هؤلاء أن هذا النوع من التفجيرات يدفع الحكومة إلى الثبات على مواقفها، عملًا بقاعدة لكل فعل ردة فعل؟".
وفي رده على هذا التساؤل، في مقاله بصحيفة صباح "الانفجار الأخير سيدفع القرارات السياسية إلى الخشونة"، أوضح بارلاص أن أنقرة لا يمكن لها التخلي عن سياستها العامة، بسبب بعض التفجيرات الإرهابية "القذرة"، بل ستتجه إلى انتهاج سياسة أمنية أكثر حزمًا لإيقاف تكرار مثل هذه التفجيرات، وستظهر موقفًا ثابتًا على خططها الرامية إلى القضاء على الإرهاب على الصعيد الداخلي بشكل كامل، وتقويض الخطط التقسيمية لحزب الاتحاد الديمقراطي وداعميه، مشيرًا إلى أنه لا يعقل أن تُثني هذه الانفجارات تركيا، بعد قطعها شوطًا طويلًا في خططها التي باتت تتحول إلى واقع.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!