محمود أوفور – صحيفة صباح – ترجمة وتحرير ترك برس
نعيش في هذه الأوقات لحظات غريبة وعجيبة في التاريخ الإنساني يحار فيها الحليم عندما يرى التحالفات بأشكال وألوان مختلفة تربط بين دول ومنظمات ومؤسسات من موازين وأطياف متعددة، فلم نعد نعجب من تحالف عدو الامس ليصبح صديق اليوم ولا حتى عندما نرى تحالف الدول الكلاسيكية مع بعضها البعض تحت عنوان المصالح المشتركة، فنرى مثلا الولايات المتحدة الأمريكية الديمقراطية تُصفق مبتسمة بثغرها المملوء سعادة على حليفها السيسي قائد الانقلاب العسكري في مصر.
ونرى مثالا آخر في جزء آخر من الصورة وهو تغاضي أمريكا عن الأسد الذي تجاوز الخطوط الحمر واستخدم الأسلحة الكيماوية، واستمر العمى الأمريكي حتى باتت اليوم تحميه وتدافع عنه! وفي سوريا نفسها لم نستغرب عندما تحالف الأسد مع إيران وروسيا، لكننا استغربنا عندما تحالف العدو اللدود حزب العمال الكردستاني مع الجماعات في تركيا في أثناء عملية الانقلاب المشتركة بين الطرفين في 17-25 كانون الأول/ ديسمبر.
تتأثر الأوساط الأكاديمية من تبعات هذه التحالفات السياسية القذرة بشكل واضح كما حدث إثر تفجير أنقرة الأول خلال الشهور القليلة الماضية، فبعد التفجير الذي استهدف تجمعا لليساريين خرج صلاح الدين دميرطاش وقال مقولته المشهورة "نحن نعرف القتلة"، ثم تواترت هذه المقولة حتى تلقفها اليساريون من كل حدب وصوب وجعلوها شعارا لهم في مسيراتهم وتجمعاتهم، فخرجوا إلى الشوارع والساحات وهم يهتفون "الدولة القاتلة" "نحن نعرف القتلة" "لن نسامحكم" "لن ننسى ما فعلتم".
في هذا يقول البروفيسور خليل بيكتاي في مقالة له لصفحة سربيستيات متسائلا: "لماذا لم نرى طلبتنا الأحبة ومعلمينا الأفاضل وهم يخرجون في مظهرات تندد بتفجيرات أنقرة الثانية والثالثة كما خرجوا في التفجيرات الأولى؟ لماذا لم يحشدوا ليصرخوا بأنهم يعرفون القتلة وأنه لن يسامحهم كما تحشدوا في التفجير الأول؟ أم أن هذا الأمر صعب التحقيق بسبب رفض الجهات العليا له؟ لماذا لم نسمع جميل بييق وهو يقول إنه يعلم من هم القتلة وإنه لن يسامحهم؟ أم أنهم يعلمن القتلة فقط إذا كانوا من داعش لكنهم يجهلوهم عندما يكونوا من حزب العمال الكردستاني؟ لماذا يسكتون عن الحق الذي عرفوه؟
الحقيقة هنا أن كل من داعش وحزب العمال الكردستاني هم عبارة عن أدوات يتم استخدامها من قبل القوى العالمية كما تم استخدام السيسي من قبل بعد قبوله، فالعداوة التي قد نظنها بين الطرفين هي في الحقيقة عداوة غير موجودة؛ لأن كلا الطرفين يتنافسون في كسب الولاء للأسد والقوى العالمية، وفي ذلك يقول باليكشي بالكيلي متسائلا في صحيفة حر خبر: كيف بربكم يكون حزب العمال الكردستاني وداعش أعداء وهم يستهدفون تركيا عبر نفس البندقية؟ فمن كوباني وحتى سوروج رأينا وبوضوح كيف كان حزب العمال الكردستاني هو الوحيد المستفيد مما يفعله تنظيم داعش، كما وراينا كيف تدخلت داعش لتُخرج حزب العمال الكردستاني من مازق التفجيرات في أنقرة بتفجيرات أخرى مشابهة لها؛ لتعطي استراحة ونفس بسيط لحزب العمال الكردستاني وحزب كردستان الموحدة...
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس