محمود أوفور – صحيفة صباح – ترجمة وتحرير ترك برس
تشابكت أهداف الإرهابيين في تفجيراتهم التي ضربت قلب أوروبا في بروكسل ومن قبلها قلب تركيا في أنقرة وإسطنبول، فهم يريدون تشكيل أوروبا وتركيا كما يريدون ويطمعون، فأطراف اللعبة وأجزاؤها موجودة في مساحاتنا الجغرافية الواسعة، ليكون السؤال هنا: من يضع هذه الألعاب وماذا يهدف من ورائها؟ فلو عدنا قليلا إلى الوراء ونظرنا في تسلسل الأحداث لرأينا أن الأحداث الدموية بدأت في الهجوم العنيف الذي تم ضد السفارة الأمريكية في ليبيا، ثم تبع ذلك التأييد الأمريكي للربيع العربي على لسان كلنتون ورئيس جهاز المخابرات الأمريكي حينها.
مع ظهور المتغيرات الجديدة وإيجاد أوباما رياح التغيير وهي تهب فاتحة له المجال حتى يبدأ في خطة إعادة رسم المنطقة دون التأثير على أركان حفظ التوازن لصالح أمريكا فيها، وهنا كان دور دعش التي بدأت بقطع الرؤوس معلنة الحرب على أعداء الإسلام، فدخلت الموصل وأعلنتها عاصمة لها، وكان الهدف من استخدام داعش هو الحفاظ على الأسد مع أهداف أخرى. في نفس الوقت قاموا بفتح علاقاتهم مع إيران ليغلّبوا كفة الأقلية الشيعية على الأكثرية السنية بتجاهل أنقرة في إطار ما حصل فيها من أحداث في عام 2013...
بدأت الأحداث بموجات الهجرة التي هزت تركيا، ثم تلاها أحداث حديقة الغازي ومحاولة الانقلاب في 17-25 كانون الأول/ ديسمبر، وكان من بعدها دور داعش الثاني في الخطة عندما هز المجتمع الكردي في عملياته بكوباني؛ فحرق بذلك آخر آمال عمليات السلام، ليتكاتف من بعدها حزب العمال الكردستاني مع أخيه تنظيم داعش في مهاجمة تركيا، فلا حزب العمال الكردستاني هاجم إيران أو الأسد الذين كانا يحاربانه من قبل؛ بل هاجم تركيا آخر آماله في تحقيق مطالبه ومساعيه الإنسانية الحقيقية في الأطر الديمقراطية، كما وهاجم داعش تركيا وأوروبا غاضا الطرف عن شيطانه الأكبر أمريكا حسب ما يدعي.
أما المهمة الثالثة الموكلة لتنظيم داعش الذي لا يُمس من قبل روسيا وإيران فهي ضرب أوروبا كما هاجمها من قبل في باريس والآن في بروكسل، فحقيقة تنظيم داعش تُخفي الكثير من الحسابات السياسية المعقدة التي لا نستطيع رؤيتها بمنظورنا البسيط، وتأتي هذه الحسابات في إطار محاولة إيقاف التقارب التركي الألماني الذي بات يُطبخ على نار هادئة في الأيام القليلة الماضية، ومثلها أيضا إيقاف التقارب الأمريكي التركي الذي بدأت شرارته بعدما تحدت أمريكا الدب الروسي في محاولة منها لمنع تدفق اللاجئين عبر تركيا.
في ظل كل هذه المعطيات نعلم يقينا أن تفجيرات باريس من قبل وتفجيرات بروكسل الحالية تتجاوز تنظيم داعش وحزب العمال الكردستاني، وما تفجيرات أنقرة إلا خطاب صريح من تلك الأيدي الخفية تقول لتركيا فيه "نحن ندعم حزب الاتحاد الديمقراطي" ، وبهذا نعلم أن حجز رضا زرّاب يأتي أيضا كمعطى طبيعي للحسابات السياسية في المنطقة كما كان من قبل تسليم أوجلان وإعطاء بعض المفاتيح الاقتصادية لغولن.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس