محمد حامد - خاص ترك برس
عاد الحديث بقوة إلى وسائل الإعلام الإسرائيلي عن تطبيع العلاقات بين تركيا وإسرائيل بعد التفجير الإرهابي الذي وقع يوم السبت الماضي في قلب إسطنبول، وقتل ثلاثة إسرائيليين وجرح آخرين، وما تلا ذلك من اتصالات هاتفية بين الرئيس أردوغان والرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريبلين، وخطاب العزاء الذي أرسله رئيس الحكومة التركية أحمد داود أوغلو إلى بنيامين نتنياهو.
في موقع القناة السابعة تساءل نيتسان كيدار تحت عنوان: هل يؤدي تفجير تركيا إلى عودة الدفء للعلاقات؟ وكتب يقول إن المؤسسة السياسية ترى أن الخطوات التركية الأخيرة من إرسال خطاب تعزية للرئيس ريبلين، والمحادثة الهاتفية معه إلى جانب رد الفعل السريع من جانب حزب أردوغان على عضوة الحزب التي تمنت موت الجرحى الإسرائيليين، تشير إلى أنهم يسيرون في اتجاه الحل.
ونقل كيدار عن مصدر سياسي إسرائيلي أن إسرائيل ذهبت شوطا بعيدا في الاستجابة إلى المطالب التركية وأبدت مرونة، حيث قدم رئيس الحكومة اعتذارا ، كما وافقت على منح تعويضات، كما أن الحديث عن إنشاء ميناء في غزة صار مقبولا. لكن الأتراك يرفضون الذهاب إلى خطوة أبعد.
ويتضح من كلام المسؤول الإسرائيلي أن إقامة ميناء في غزة ليس العقبة أمام عودة العلاقات بين البلدين، وإنما رفض تركيا طرد أعضاء في حركة حماس المقيمين في إسطنبول، والذين تراهم إسرائيل إرهابيين يدبرون لعمليات ضد إسرائيل في الداخل.
وتتوقع إسرائيل، والكلام لكيدار، أن يحدث تغيير في الموقف التركي، وكانت تأمل أن تؤدي الهجمات العنيفة في إسطنبول وأنقرة إلى تليين الموقف التركي لكن ذلك لم يحدث حتى الآن. وليس من الواضح كيف ستؤثر دبلوماسية مع بعد هجوم أنقرة على المباحثات أو تحرك أردوغان عن موقفه.
وختم المحلل الإسرائيلي بأن العلاقات التركية الإسرائيلية لا تزال متأرجحة، وتصريح واحد من جانب أردوغان يواجهه رد من الوزراء الإسرائيليين سيؤدي إلى تراجع سريع في الصفقة. وصار ضبط النفس هو اسم اللعبة بين البلدين ، حيث بات واضحا أن أحدا من الطرفين لن يتراجع أولا، على الرغم من أنهما يرغبان في إنهاء الخلاف.
وعلى موقع القناة الإسرائيلية الثانية وصف إيهود يعاري الإصرار الإسرائيلي على طرد خلية حماس من تركيا بأنه إصرار في غير محله، لأنه يمنع تبادل السفراء، والتقدم نحو صفقات لتصدير الغاز من حقل لفيتان إلى تركيا، وغير ذلك من سبل التعاون المحتملة.
ودعا يعاري الحكومة الإسرائيلية إلى مواصلة الضغط على تركيا بشأن خلية حماس، لكن لا ينبغي لها أن تترك هذه القضية تعرقل عملية المصالحة، مشيرا إلى أن الوقت قد حان لكي يتخذ رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو قرارا في هذا الصدد.
المحلل بنحاس عنباري تحدث عن قضية أخرى تعوق تطبيع العلاقات، وهي قضية اختلاف العقلية التركية والإسرائيلية. وكتب عنباري لمركز القدس لأبحاث المجتمع والدولة " إن تركيا تبنت هوية إسلامية، وحاولت قيادة السنة في المنطقة في إطار إحياء الإمبراطورية العثمانية. وهذه الهوية لا تقبل بوجود دولة يهودية كقوة إقليمية كبرى. ومن هنا فإن الصعوبة الكبيرة في الحوار مع تركيا هي لغة الإملاءات، وعدم وجود رغبة في التوصل إلى تسوية.
ويذكر عنباري بأن فكرة إهانة إسرائيل ورئيسها شمعون بيريس كان بارزا جدا في الخطاب التركي خلال السنوات الأخيرة.
وعلاوة على ذلك، يقول عنباري، هناك أيضا مشكلة سياسية، ذلك أن استئناف التحالف لا يمثل مشكلة من الناحية النفسية للأتراك فحسب، بل إنه يتناقض مع التحالفات الإقليمية التي أقامتها إسرائيل مع مصر واليونان وقبرص.
وخلص عنباري إلى أنه منذ انهيار التحالف التاريخي بين تركيا وإسرائيل ظهر واقع جديد يسمح بتطبيع العلاقات وليس أكثر من ذلك. لكن التطورات الأخيرة رغم تواضعها لها أهمية كبيرة.
وعلى نفس خط عنباري رأى الدكتور نمرود جورن رئيس المعهد الإسرائيلي للسياسات الإقليمية الخارجية أن العلاقات التركية الإسرائيلية لن تعود إلى المستوى الذي كانت عليه في عقد التسيعينيات. لكن جورن أرجع، في مقال له بصحيفة يديعوت أحرونوت،السبب الرئيس في ذلك إلى جمود العملية السياسية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، فضلا عن التغييرات الإقليمية والداخلية في كلا البلدين منذ حادثة مرمرة.
لكن في المقابل اتهم محللون الحكومة الإسرائيلية بأنها سعت إلى استغلال تفجير اسطنبول إعلاميا، ومحاولة تحسين العلاقات مع تركيا. فكتب محرر موقع دبكا إن شخصا ما في أروقة الحكم الإسرائيلية طرح فكرة الاستفادة من الحادث في تحقيق انفراجة في العلاقات الإسرائيلية التركية، وإنهاء الصراع بينهما. نجحت المحاولة جزئيا، حيث ارسل الرئيس أردوغان رسالة تعزية للرئيس ريبلين، وسافر مدير عام وزارة الخارجية إىل أنقرة ليكون أعلى شخصية إسرائيلية توافق تركيا على استقبالها في السنوات الخمس الأخيرة. لكن في الواقع لم يحدث أي تغيير فعلي في العلاقات بين البلدين، وبقيت القضية العالقة هي طرد خلية حماس.
وتابع الموقع إن الأتراك أبلغوا الإسرائيليين خلال المفاوضات في الأسابيع الأخيرة، أن تل أبيب تقيم علاقات مع القاهرة وعمان، على الرغم من أنهما تستقبلان قادة حماس، فلماذا تصر إسرائيل على العلاقة بين أنقرة وحماس؟
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!