عبد الرحمن دليباك – صحيفة يني عقد - ترجمة وتحرير ترك برس
نفذت مجموعة أحرار الشام في سوريا قصفا مدفعيا ضد قوة عسكرية كانت تضم فيما بينها معراج أورال، وإضافة له كان بين القتلى مجموعة من الضباط التابعين للنظام وضباط روس وإيرانيون وقادة من حزب الله، بمعنى أن هذه المجموعة كانت بمثابة لقاء خماسي الأطراف ينقصه فقط حزب الاتحاد الديمقراطي وليس بالمستبعد أبدا أن يكون معراج أورال هو ممثل حزب الاتحاد الديمقراطي في ذلك الاجتماع.
يقال إن هذا اللقاء هو الثالث من نوعه ويهدف لإعادة ترسيم الحدود في تلك المنطقة على أهواء هؤلاء الضباط المشتركين في حين يتم ترحيل المسلمين السنة إلى الأردن والتركمان إلى تركيا. هذا الأمر الذي سيحول الأردن إلى حوض تجميع إذ أن حال مخيمات الفلسطينيين وعناصر الإخوان في الأردن لا تمثل أكثر من سجن مفتوح. في ذات الوقت الذي يتم في ترحيل المسلمين السنة والتركمان يتم بسط النفوذ الكردي من العراق وبالتحديد من كوباني (عين العرب) إلى أنطاكية (هاتاي) ويتم كذلك ترحيل الشيعة من منطقة جنوب العراق وتركيزهم في الشريط الموازي من الأسفل للشريط الكردي، هذا الشريط الذي يشمل مدينة اللاذقية وسيشكل منطقة نفوذ الشيعة. من جديد ستتحد سوريا ولبنان وسيكون لبنان تحت حكم حزب الله، قد تستثنى منطقة بيروت الممتدة على شاطئ البحر لتشكل دولة "مدينة".
معراج أورال كان يطالب كذلك بمدينة أنطاكية (هاتاي)، فيما يسعى كل من الأكراد والشيعة لبسط نفوذهم وصولا لشواطئ البحر الأبيض المتوسط وبذلك قد يسعون لتوسيع منطقة نفوذهم في طرطوس. الروس بدورهم يطالبون بقواعد عسكرية لهم في المناطق الشيعية والكردية المسيحية وفي المناطق القريبة من الحدود العراقية والحدود التركية. "الخزي للطالب ومثلية للمانع"!!
مساعي معراج أورال الذي يُعتبر أحد قادة " المتعجلين" كانت تتمثل بإقامة مقاطعة او كانتون اشتراكي شيوعي في ولاية هاتاي (أنطاكية) لتكون وطن أم لحزب المتعجلين ولجبهة حزب التحرير الشعبي التركي وفي سبيل ذلك كان الحزب مستعد للمشاركة بأي نشاط كردي في المنطقة خصوصا إذا كانت روسيا خلف ذلك النشاط.
تخيلوا معي نشاط يسانده البترول الروسي وبترول إيران والعراق وبترول الكويت لاحقا التي لن تلبث سوى أيام قبل أن تسقط في يد ذلك الحلف ويشمل فيما بعد بترول البحرين. ولأن روسيا تقف خلف هذا النشاط والمشروع فعمليات التنقيب عن البترول والغاز في منطقة شرق البحر المتوسط ستبدأ مباشرة ليتحول الحلف هذا إلى مدير ومسيطر على أكبر وأهم مخازن الطاقة في العالم. إسرائيل بدورها ستقفز مغمضة العيون للمشاركة في مثل هذا المشروع. إذ هل لها أن تعترض على الفصل بين تركيا وجزيرة العرب بشريطين كردي وشيعي!
الخيال والأحلام جميلة، لكن هذه الخيالات وان كانت لطيفة ومحببة للأسماع إلا أنها لا تعدو أن تكون شيكًا بلا رصيد لا سبيل لبث الروح فيها وتختفي بمجرد العودة للواقع.
طلاق الأعزب لا يماثله شيء من حيث السهولة، أضف لذلك أن الغرب قد فعل ذلك سابقا فلماذا لا يفعله الآن؟ فالغرب الذي قسم بلاد الشام إلى خمس دول فلسطين، وسوريا، ولبنان، والأردن وإسرائيل، بلاد الشام او ولاية شام شريف كانت تضم إضافة لهذه الدول أجزاء من تركيا ومن مصر الحالية ومن المملكة العربية السعودية قبل أن يخرج علينا مجموعة من الشخصيات أمثال سايكس وبيكو وبيلفور ليقطعوا تلك المنطقة كما يُقطع البصل. وكانت النتيجة 22 دولة تشترك في ذات الدين واللغة والتاريخ والجغرافية والثقافة والعادات والتقاليد... إذن أليس من الممكن أن يتم تقسيم سوريا بذات الطريقة وتركيا والعراق كذلك، لن أستغرب إذا انقلب السحر على العراب وبدأت الخطط ترسم لتقسيم إيران إلى أذر إيران، وخوزستان، وبلوشستان وكردستان إيران كما حصل مع العراق التي قسمت إلى مناطق سنة وشيعة وأكراد وتركمان.
لقد كانت أوروبا مثالا سيئا بلا شك، فإذا قسم سايكس بيكو تلك البلاد ما الذي يمنع بوتين الأسد من فعل هذا الآن!
ومن الممكن أن نقول في مثل هذه الحال "إذا أضعت سفن البارحة فاركب أمواج اليوم"، فإذا كانت الأحزاب الإرهابية أمثال داعش والمتعجلين وحزب الاتحاد الديمقراطي يحلمون بدولة، فلن يبقى أحد دون المطالبة بدولة خاصة وعندها ستتقسم الأناضول لأكثر من أربعين جزء وسيخرج لنا في سوريا بدلا من دولة مسيحية واحدة دولة آشورية وأخرى كلدانية وثالثة آرامية ورابعة أرمنية وهكذا الحال مع الشيعة ومع السنة ويتكون بدل كل واحدة منها أجزاء وجزيئات وستكون النتيجة دزينة كاملة من الدويلات (12 دويلة). على كل حال وضع المتعجلين بعد مقتل معراج أورال أصبح أكثر صعوبة، ولا بد لهم من تأجيل أحلامهم وخيالاتهم خصوصا أن هذه الاحلام والخيالات هي خيالات خام غير مصنع ولا معدل، قد يسعون لسفك الدماء من أجل هذا ولكنهم وبلا شك سيغرقون في تلك الدماء التي أراقوها.
الوضع في سوريا معقد وليس من الواضح يد من في جيب من، وبعض هذه الأحزاب والجماعات تندفع من غير بصيرة ولا نور وتحمل معولها لتشارك في اشعال هذا الحريق، هذه الجماعات التي تسكب الزيت على النار وتدعي بذات الوقت انها أحزاب "إصلاحية" هي في الواقع وكما نراه نحن أحزاب "تدميرية".
الأطراف التي تعرف أورال معراج تقول انه رئيس عصابة مقاولات مدعوم من الأطراف المتحاربة في المنطقة وهو أحد التنظيمات المدعومة لزعزعة الاستقرار في تركيا. حسب الادعاءات التي تتحدث عن مقتله، لو كان أورال على قيد الحياة فإن عشقه للظهور الإعلامي كان سيدفعه للخروج والحديث على صفحات النت والصحف ومحطات الإذاعة والتلفزة...
من جديد، من أجل ماذا يجتمع أورال مع رجال الأسد وضباط إيران وضباط بوتين ومُلوات حزب الله وإلى ماذا كانوا يخططون وضد من كانوا يعملون في تلك الاجتماعات. لنترقب جميعا التطورات التي ستحدث في تلك الدول بعد هذه التطورات ولنرى ما الذي سترتكبه تلك العصابات. هل ستتابع دول المنطقة والمنظمات العالمية دس رأسها في الرمال وحتى متى ستبقى على هذا الحال من التعامي.
سلامي ودعائي معكم...
ملاحظة خارج النص: المتعجلون او Acilciler: هم احد الأحزاب اليسارية التركية، ظهرت ونشطت في أعوام السبعينات تعتبر امتداد لجبهة حزب التحرير الشعبي التركي او (THKP-C) على الرغم من تبعثر الحزب في نهاية السبعينات إلا أنه عاد لممارسة نشاطه بعد انقلاب عام 1980م . يتمركز نشاط الحزب في منطقة جنوب شرقي الأناضول خصوصا في منطقة أنطاكية ومرعش إضافي لمنطقة قيصري. اسم "المتعجلون" كان أُطلق على الحزب بعد أطروحته التي قدمها تحت عنوان Türkiye Devriminin Acil Sorunları (TDAS) بمعنى المشاكل العاجلة للثورة والثوريين الأتراك. يعد معراج أورال أحد أبرز الأسماء في التنظيم .
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مواضيع أخرى للكاتب
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس