فهمي كورو - خبر ترك - ترجمة وتحرير ترك برس
إذا نظرتم هنا وهناك على الكتابات التي كتبت حول إنقاذ الرهائن ستجدون أن البعض فرح جدا لخروجهم، والبعض الآخر حزن جدا وأصيب بالدهشة والاستغراب وبخيبة أمل كبيرة. وهنا ربما علينا قول "برافو" للذين بدؤوا بطرح أسئلة بريئة سرعان ما تحولت إلى اتهامات سيئة ومقززة.
"برافو" لأنهم عملوا على تشغيل عقولهم بصورة غير مسبوقة!
أقول لهم هل نسيتم "جلعاد شاليط" بهذه السرعة؟ سأذكركم به، "جلعاد شاليط" هو الجندي الإسرائيلي الذي أسرته حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، وعلى مدار خمس سنوات من "اختطافه" كان يحتل خبره في كل يوم الأخبار الرئيسية في الإعلام العالمي. وفي النهاية أجبرت إسرائيل على الإفراج عن 1027 أسير فلسطيني مقابل تسليم "جلعاد شاليط".
وربما الآن تذكرتم تفاصيل الحادثة بصورة أفضل.
البعض يقول "لا مفاوضات مع الإرهاب" والحل الآخر هو "فتوى" بإعدام الرهائن المحتجزين. فيما كل دول العالم بما فيها إسرائيل تتعامل بمرونة كبيرة جدا تجاه قضية الرهائن. ولو رفضت إسرائيل الخضوع لحماس لما استطاعت الحصول على "جلعاد شاليط" على الإطلاق، ولما استطاعت أمريكا من تحرير الرهائن السبعة الذي احتجزوا في لبنان.
ولا أدري إن كان عليّ التذكير بقضية "إيران-كونترا" التي حدثت عام 1985، ملخص تلك الحادثة هو أن إيران طلبت الولايات المتحدة الأمريكية أسلحة متطورة في مقابل إفراجها عن 7 مواطنين أمريكان احتجزوا واختطفوا. وهو ما حصل بالفعل، وفي تلك الأثناء كان "رونالد ريغان" رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية والذي قال في أول تعليق له على الحادثة "نعم لقد قمنا بالمفاوضات معهم، لكننا لم نعط أحدا سلاحا" وهو ما كان كذبا على العلن.
وربما هذا هو الفرق الرئيسي ما بين الأمثلة التاريخية وما حصل في عملية تحرير الرهائن الأتراك الأخيرة، وهو أن كل المسئولين الأتراك بدءا برئيس الجمهورية رجب طيب اردوغان وحتى أصغر مسئول أثناء حديثهم عن هذه العملية حاولوا جاهدين إعطاء المعلومات الحقيقية والصادقة عن ما جرى خلال العملية. حتى دون اللجوء إلى إخفاء بعض المعلومات الحساسة عن الشعب والمجتمع.
ونحن نعلم أن الإفراج عن الرهائن الأتراك كان بعد مفاوضات مع الخاطفين، وما نعرفه أيضا هو أنه لم يتم دفع أي "مقابل مادي" لعملية الإفراج. لكن على النقيض فإن سياسة الدولة لم تعطنا وعودا قاطعة وإنما قالت "ستعرفون المزيد في الأيام القادمة" وبالتالي هذا يعني أن هناك أمور ستتضح فيما بعد.
ولا يوجد أي معلومة أو تصريح رسمي من تنظيم "الدولة الإسلامية" حول هذا الموضوع حتى الآن.
وحسب كل المعلومات التي نعرفها حول إرجاع 46 مواطن تركي إلى عائلاتهم سالمين تشير إلى أننا قمنا بتحرير الرهائن "بأقل ثمن ممكن".
وبكل تأكيد هناك مجموعة من الناس لم تصدق أعينها وهي تشاهد مواطنينا تم إنقاذهم سالمين بهذه الصورة، وكانوا لا يريدون تصديق ذلك، فبدئوا منذ الوهلة الأولى لوصول خبر عملية الإنقاذ، بدئوا برسم سيناريوهات وتكهنات غريبة وعجيبة هدفها الاتهام والتنغيص على فرحتنا، للأسف.
وحسب المصادر فإن داعش تضع يدها على 24 مواطن من الدول الغربية تحتجزهم الآن كرهائن. وبعضهم تم إعدامه بصورة وحشية، أما الآخرون فينتظرون مفاوضات مرنة مجددا مع الدول الغربية. وربما هنا سنشاهد طلبا من الدول الغربية لتركيا من أجل المساعدة في عملية إنقاذ هؤلاء الرهائن على غرار عملية تحرير المختطفين الأتراك.
وعودا على بدء، فإن الكتابات التي ظهرت هنا وهناك، من هؤلاء الذين يتجرؤون على انتقاد عملية الإنقاذ التي تمت، هؤلاء ربما لا يستطيعون وضع أنفسهم مكان الرهائن، لكنني أطلب منهم أن يحاولوا تجربة أن يكونوا مكان عائلات المختطفين التي عاشت 101 يوم من الرعب والخوف والاضطراب، عليهم تجربة ذلك.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مواضيع أخرى للكاتب
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس