برهان الدين دوران - ديلي صباح - ترجمة وتحرير ترك برس
عقد حزب العدالة والتنمية الحاكم أمس اجتماعا طارئا، واختار وزير المواصلات والملاحة البحرية والاتصالات، بن علي يلديريم، أحد الأعضاء المؤسسين للحزب وعضو البرلمان لأربع دورات، لتولي رئاسة الحزب ومنصب رئيس الوزراء خلفا لأحمد داود أوغلو.
كانت الخطوط العريضة للاجتماع بالنسبة للحقبة الجديدة بزعامة يلدريم أن قيادة العدالة والتنمية ستسعى إلى مزيد من النمو الاقتصادي، والمضي قدما في مشاريع التنمية، وإعادة تنشيط جهاز الحزب. وفي الوقت نفسه سيسعى يلديريم إلى العمل بشكل وثيق مع الرئيس رجب طيب أردوغان.
خلال الأشهر القادمة سيكون على يلديريم الرئيس المنتخب للحزب ورئيس الوزراء الجديد أن يثبت لقواعد الحزب أنه يستطيع متابعة المشاريع العامة في جميع أنحاء البلاد، وإعادة إعمار الأجزاء التي تضررت في جنوب شرقي البلاد نتيجة هجمات حزب العمال الكردستاني.
في هذه النقطة قد يكون من المفيد أن نلقي نظرة إلى الوراء على تاريخ حزب العدالة والتنمية الذي وصل إلى السلطة في عام 2002 بعد عام واحد على تأسيسه، وفاز في انتخابات متعاقبة ليبقى في سدة الحكم لمدة 14 عاما متوالية.
من الوضوح بمكان أن حزب العدالة والتنمية لديه تجربة سياسية فريدة، حيث إن أحزاب يمين الوسط أخفقت في الماضي في الحفاظ على وحدتها وقوتها في أوقات الأزمات المحلية والدولية. وغني عن البيان أن قيادة أردوغان ساهمت بشكل إيجابي في قدرة الحزب على التغلب على التحديات. وخلافا لحزب "الوطن الأم" في عقد الثمانينيات، وحزب الطريق القويم في عقد التسعينيات، تجنب حزب العدالة والتنمية الطائفية من خلال التركيز على القضية بدلا من الأفراد، فالحزب يمسك بمقاليد السلطة، وفي الوقت نفسه يلعب دور عامل توحيد.
على مدى ال14 عاما الماضية دعا حزب العدالة والتنمية، بثقة، إلى إجراء انتخابات، كلما وصلت العملية السياسية إلى طريق مسدود، وهو ما حدث عدة مرات لأن حكومات الحزب اضطرت إلى تعزيز النمو الاقتصادي، وهو ما عارضته المؤسسة القديمة.
من عام 2002 وحتى عام 2007 نفذ حزب العدالة والتنمية سلسلة من الإصلاحات التي طلبها الاتحاد الأوروبي لتقويض الحرس القديم من خلال إرساء الديمقراطية. في الفترة الثانية رسخت مرحلة سعى الحزب لتعزيز قوته في تحويل البلاد. وخلال الفترة نفسها عكست السياسة الخارجية التركية الهدف الأوسع للتكامل الاقتصادي مع الشرق الأوسط.
وضع الربيع العربي الذي أدى إلى الفوضى والصراع في المنطقة تحديات خطيرة أمام قيادة العدالة والتنمية. ومثلما أضرت موجة الثورة المضادة بالمصالح التركية على أرض الواقع، فإن المعارضة التركية الداخلية اصطنعت موقفا أكثر تحديا تجاه الحكومة. ونتيجة لذلك شهدت تركيا سلسلة من الأزمات منذ أيار/ مايو 2013 ، شملت احتجاجات جازي بارك، ومحاولة حركة فتح الله غولن الفاشلة لقلب نظام الحكم، والاشتباكات العنيفة التي وقعت خلال حصار داعش لمدينة كوباني، وعودة حزب العمال الكردستاني للعنف. تجبر التحديات التي تواجه تركيا قيادة حزب العدالة والتنمية على مراجعة سياسته السابقة، مثل محادثات نزع السلاح مع حزب العمال الكردستاني، فضلا عن وضع سياسة جديدة أفضل لإكمال تحول تركيا.
من أجل التصدي لهذه المشاكل الملحة دعا حزب العدالة والتنمية إلى التحول إلى النظام الرئاسي لتعزيز الاستقرار السياسي. إن العقبات الرئيسة في هذه المرحلة أمام التغييرات المقترحة هي الآثار الجانبية السلبية للحرب في سوريا والعراق، بما في ذلك الهجمات الإرهابية، وأزمة اللاجئين، وأسلوب العناد السياسي لدى المعارضة.
وللمضي قدما في هذا الاتجاه، يجب أن يتعاون رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء بشكل وثيق من أجل التغلب على التحديات القادمة. وسنرى أن حزب العدالة والتنمية ينجز مهمته وخطابه في ظل زعيمه الجديد يلديريم، وبالمثل فإن وحدة الحزب ستكون عاملا أساسيا للحفاظ على استمرار الحزب.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس