ترك برس
وقال مدير مكتب برلين للمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية "جوزيف يانينغ"، إن المستشارة الألمانية "أنجيلا ميركل" تبذل جهدها من أجل منع التطورات الأخيرة من الإضرار بالعلاقات بين بلادها وتركيا، معتبرا عدم حضورها جلسة التصويت على القرار، "رسالة مبطنة بأن البرلمان لا يخضع لسيطرة الحكومة الألمانية، وأن العلاقات بين الحكومتين الألمانية والتركية مستمرة".
وأوضح يانينغ أن السياسة الداخلية الألمانية، ونظرة أعضاء البرلمان الألماني لتركيا، أثرا بشكل كبير في صدور القرار، معربًا عن رأيه بأن الاتهامات الموجهة للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بالضعف أمام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، "أدت إلى إصرار أعضاء حزبها على دعم القرار".
واعتبر يانينغ في تصريح لوكالة الأناضول التركية للأنباء، أن القرار "يعبّر بشكل ما عن مخاوف السياسيين الألمان من أن تركيا تسير في اتجاه غير مرغوب بالنسبة لهم"، مبينًا أن موقف السياسيين الألمان من تركيا "معقّد" إذ لديهم رغبة في الاستمرار بالتعاون مع تركيا من جانب، بينما يوجهون العديد من الانتقادات إلى تركيا على الجانب الآخر.
كما أعرب يانينغ، عن اعتقاده أن ميركل والقيادة التركية، "يوليان أهمية كبيرة لاستمرار التعاون بين بلديهما، واستمرار الاتفاق الموقع بين تركيا والاتحاد الأوروبي"، وأشار إلى أن البرلمان الألماني، "لم يصدر قرارات، بخصوص ما ارتكبته دول حليفة لألمانيا في مستعمراتها السابقة، حيث لم يتخذ، على سبيل المثال، قرارا بخصوص جرائم الحرب التي ارتكبتها بلجيكا في الكونغو (مستعمرتها السابقة)، أو بخصوص ما ارتكبته فرنسا في منطقة الهند الصينية والجزائر".
بدوره، أوضح المسؤول السابق عن حقوق الإنسان في الحكومة الألمانية "ماركوس لونينغ"، أن "التعاون الوثيق بين تركيا وألمانيا، في مجالات مثل العمل على إنهاء الحرب في سوريا، والتوصل لحل لأزمة اللاجئين، يحمل أهمية بالغة"، قائلًا، "إن قرار البرلمان الألماني لن يسهم بشكل إيجابي في تعزيز هذا التعاون".
وأعرب لونينغ، عن "قلقه من التوتر الذي نشأ بين أنقرة وبرلين في أعقاب قرار البرلمان الألماني"، وقال: "لابد أن نعي الأهمية التي يحملها كل من البلدين للآخر، لدينا العديد من المصالح الاقتصادية المشتركة، ويوجد في ألمانيا الكثير من المواطنين الذين لديهم روابط عائلية مع تركيا، التي تعتبر أكثر الدول التي نوليها ثقتنا في المنطقة الواقعة بين أوروبا والشرق الأوسط، وهي الدولة الإسلامية ذات العلاقات الأقوى مع ألمانيا، كما أن الدولتين من أعضاء حلف الناتو".
وأضاف لونينغ، أن الجدل الذي أثاره القرار، "تسبب في زيادة ردود الفعل العاطفية، وهو ما يُضر بتركيا وألمانيا والأتراك المقيمين في الأخيرة"، داعيًا إلى "وقف تلك السجالات، والعودة إلى السياسة المنطقية"، وتوقع "عدم تأثر التعاون بين الاتحاد الأوروبي وتركيا سلبًا بالقرار"، داعيًا إلى "فتح المزيد من الفصول في عملية التفاوض حول انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي".
وكان البرلمان الألماني وافق الخميس الماضي على مشروع قرار يعتبر مزاعم الأرمن حول "تعرضهم لمذابح" إبان الدولة العثمانية عام 1915، "إبادة جماعية"، وهو القرار الذي يعد توصية من البرلمان للحكومة، وليس له أي جانب إلزامي من الناحية القانونية.
أحداث 1915
تعاون القوميون الأرمن، مع القوات الروسية بغية إنشاء دولة أرمنية مستقلة في منطقة الأناضول، وحاربوا ضد الدولة العثمانية إبان الحرب العالمية الأولى التي انطلقت عام 1914.
وعندما احتل الجيش الروسي، شرقي الأناضول، انشق بعض الأرمن الذين كانوا يخدمون في صفوف القوات العثمانية، وانضموا إليه. كما عطلت الوحدات العسكرية الأرمنية، طرق امدادات الجيش العثماني اللوجستية، فيما عمدت العصابات الأرمنية إلى ارتكاب مجازر ضد المدنيين في المناطق التي احتلتها.
ومع استمرار هجمات المتطرفين الأرمن، قررت الحكومة العثمانية في 24 نيسان/ أبريل من عام 1915، إغلاق ما يعرف باللجان الثورية الأرمنية، ونفي بعض الشخصيات الأرمنية البارزة. واتخذ الأرمن من ذلك التاريخ ذكرى لإحياء "الإبادة الأرمنية" المزعومة، في كل عام.
وفي ظل تواصل الاعتداءات الأرمنية رغم التدابير المتخذة، قررت السلطات العثمانية، في 27 آيار/ مايو، من عام 1915، تهجير الأرمن القاطنين في مناطق الحرب، والمتواطئين مع جيش الاحتلال الروسي، ونقلهم إلى مناطق أخرى داخل أراضي الدولة العثمانية. ومع أن الحكومة العثمانية، خططت لتوفير الاحتياجات الانسانية للمهجّرين، إلا أن عددًا كبيرًا من الأرمن فقد حياته خلال رحلة التهجير بسبب ظروف الحرب، والقتال الداخلي، والمجموعات المحلية الساعية للانتقام، وقطاع الطرق، والجوع، والأوبئة.
وتطالب أرمينيا واللوبيات الأرمنية في أنحاء العالم بشكل عام، تركيا بالاعتراف بما جرى خلال عملية التهجير على أنه "إبادة عرقية"، وبالتالي دفع تعويضات، فيما تؤكد تركيا عدم إمكانية اطلاق صفة "الإبادة العرقية" على أحداث 1915، بل تصفها بـ"المأساة" لكلا الطرفين، وتدعو إلى تناول الملف بعيدًا عن الصراعات السياسية، وحل القضية عبر منظور "الذاكرة العادلة" الذي يعني باختصار التخلي عن النظرة أحادية الجانب إلى التاريخ، وتفهم كل طرف ما عاشه الطرف الآخر، والاحترام المتبادل لذاكرة الماضي لدى كل طرف.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!