خير الدين قرمان - صحيفة يني شفق - ترجمة وتحرير ترك برس
الأسد يظلم شعبه، وتركيا تقف إلى جانب الشعب السوري المظلوم، لكن استخدام القوة المفرطة من قبل الظالم بشار الأسد، لم يُسعف تركيا للوقوف بجانب كل الشعب السوري، فنحن ساعدنا جزءا من المظلومين الذين جاءوا إلى بلادنا، وما زلنا نقدم لهم المساعدات الإنسانية.
في العراق مارس المالكي طائفية مقيتة ضد الشعب العراقي، وظلم جزءا منه، وفي القانون الأساسي لم يعطِ نظام البرزاني الحقوق الأساسية، وتركيا حاولت الوقوف ضد الظلم ومع المظلومين، حاولت بكل الوسائل الدبلوماسية أن تحقق العدالة في العراق، والآن الأوضاع بدأت بالتحسن هناك.
في مصر قام السيسي بانقلاب عسكري، وأسقط الحكومة المنتخبة ورئيس الجمهورية المنتخب، وزجّ أعضائها في السجن، والآن يحاكمون بالإعدام، وقبل ذلك قتل الآلاف من الشعب المصري. وهنا لم تتخذ الولايات المتحدة الأمريكية ولا الاتحاد الأوروبي أي خطوات تجاه هذا الظلم، ولم تسمّ ما حصل على أنه انقلاب. بينما تركيا وبرغم علمها بالمخاطر المحتملة وقفت ضد السيسي، وأدانت الانقلاب، ووقفت إلى جانب المظلومين، وأوضحت أنها لن تجلس على طاولة يتواجد فيها السيسي أو من يمثله.
وهنا سأقتبس أبيات من الشعر قالها الشاعر الكبير محمد عاكف:
"لن أصفق للظلم، ولن أحب الظالم أبدا
لن ألعن الماضي بسبب هذا الظالم
سأخنق كل من يتهجم على أجدادنا
- لن تستطيع خنقهم؟
- على الأقل سأطردهم من جانبي
لن أنحني للمفسدين المنحطين
ولو مُتُّ دون ذلك لن أعبد الظلم".
نعم، أردوغان لم "يعبد الظلم"، بل طرد السيسي من جانبه.
وهنا خرج لنا ما يسمى بـ"داعش"، وأعلن التنظيم خليفته وكأن الموضوع مجرد إعلان زواج، وفتح الحرب على كل من لم يبايع خليفته، وكفّر كل من لا يفكر بنفس تفكيره ويتبع نفس نهجه، فحتى أهل السنة وغيرهم من الجماعات الإسلامية قام بتكفيرهم، واستباح أموالهم ودمائهم ونسائهم. وهذا كله لا يمكن تفسيره حسب المبادئ الإسلامية، فهم يحاولون استغلال اسم الإسلام، وقاموا بتشويه صورته الجميلة، وكل ما قاموا به منذ البداية كان ظلما وعدوانا.
في أثناء كل ذلك، تقوم الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها بتأسيس لعبة جديدة، وتحاول إغراق دول في وحل الفوضى، وإنشاء دول جديدة بما يتماشى مع مصالحها، وربما تعيد رسم خارطة المنطقة من جديد بما يتلاءم مع توجهها. عملياتهم وهمية وأهدافها مصالح فقط، فهم الذين وقفوا ضد المعتصمين في ليبيا ومالي وإفريقيا الوسطى وهاجموهم بالسلاح. واليوم يريدون محاربة داعش، وفي حقيقة الأمر هناك أهداف أخرى لهم.
الظالم والقاتل حتى لو كان مسلما، فإن المقتولين والمظلومين والذين تعرضوا للاغتصاب والذين نُهبت أموالهم وطردوا من بيوتهم وأوطانهم هم أيضا مسلمون، مسلمون مظلومون.
كيف سيكون هنا مبدأ "الوقوف بجانب المظلومين ضد الظلم"؟ هل ستبقى تركيا متفرجة على ما يجري من ظلم وفساد؟ أم أنها ستقوم بكل شيء بما في ذلك استخدام القوة من أجل تحقيق العدالة وإنهاء الظلم؟
بكل تأكيد ستقف إلى جانب المظلومين وتقول للظالمين توقفوا.
بكل تأكيد نريد حلا جذريا للظلم في مصر وسوريا وليبيا واليمن وفلسطين، بما يحقق الديمقراطية الحقيقية، وبما يرفع الظلم عن المظلومين ويعيد لهم حقوقهم، بكل تأكيد ستعمل تركيا من أجل تحقيق ذلك، لكنها لم تستطع تحقيق ذلك بمفردها ولن تستطيع. علينا أولا إصلاح النظام العالمي القائم على الظلم والاضطهاد، وعلينا إصلاح كل الظالمين في هذا العالم واستبدالهم بما يحقق إرادة الشعوب، وهنا قوة الله عز وجل ستكون كافية لتحقيق ذلك.
وأنا أنظر إلى الأحداث التي تجري الآن، وأرى أن حدوث ذلك ليس بالأمر البعيد.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس