إسماعيل كيليتش أرسلان - ترجمة وتحرير ترك برس
قلت له توقف يا أخي، العساكر يطلقون الرصاص الحي، وكلهم قالوا له لا تتقدم أكثر، ليكون جوابه :"سنتجاوز هذه الليلة، إما أنْ نموت، أو يقتلونا، لن نتوقف".
ولم يكن خبر استشهاد أخ مصطفى جمباز، ولا خبر استشهاد أخ إرول أولتشاك قد وصل لنا، ومع أنّنا كنا نشاهد سقوط الناس أمامنا مصابين بالرصاص، إلا أنّ أحدا لم يشعر بالخوف أو الرهبة من هذا المشهد.
بدأت تلك الليلة "كليلة الكلاب"، وسرعان ما تحولت "لليلة الأمة التركية"، ألستنا تصدح بالتكبير، وشعارات "كتفا بكتف ضد الانقلاب". ورغم أنهم نشروا تغريدات على تويتر تحذر من الخروج إلى الشارع بسبب أنّ هناك أوامر بإطلاق النار مباشرة للعساكر، إلا أنّ كل الشعب التركي نزل إلى الشارع.
"أنا لا أحب اردوغان إطلاقا، لكنني عشت انقلاب عام 80، لذلك لن نترك الدولة لهم، ونحن أجبرنا على البقاء في منازلنا عام 80، لكن اليوم لا عودة للمنازل"، هكذا قال أحد كبار السن، وهذا جزء من مشاهد كانت مهيبة، تصعب الكلمات على شرحها.
لماذا نزلنا إلى الشوارع؟ لأننا لو لم نخرج إلى الشوارع "كأمة" واحدة، لما كنا اليوم نتحدث عن وجود دولة لنا. الناس نزلت إلى الشوارع وأحدهم يصرح "هذا الوطن لنا"، وآخر يحفز الناس "لا تهنوا ولا تحزنوا ولا تخافوا، فالله معنا"، ورجال شرطة يقولون "لا تقلقوا، لن يمرّ هؤلاء من هنا إلا على جثثنا".
هل تعلمون ماذا حصل الليلة الماضية؟ حصلت أمور عديدة دفعة واحدة، فالعسكر سيُدرك أنّ مهمته هي العسكرية فقط، وفهمنا أمس أنّ تركيا لن تكون شبيهة لمصر، وأوكرانيا وحتى البرازيل، وفهمنا وأدركنا وحدة الشعب والأمة التركية، وشجاعتها وإرادتها وتصميمها وعزيمتها، هذه واحدة.
ورأينا يوم أمس، أنّ كل منسوب لمنظمة فتح الله غولن الإرهابية، وكل من يحترمه، ويحبه، ويهديه السلام، قد أصبح عدوا للإرادة الشعبية، وللإنسانية. ورأينا أنّ هؤلاء ما يزالون يحاولون العبث بتراب هذا الوطن. وهذه ثانية.
وتابعنا أيضا كيف أنّ الحكومة بقيت صامدة بشجاعة منقطة النظير، وبقيت تقوم بمهامها، لتعطي الثقة للشعب، وهذه ثالثة.
ورأينا أيضا حجم الاحتضان الشعبي الواسع لرجب طيب اردوغان، وكيف أنّ الشعب لبى ندائه بسرعة لم يتوقعها أحد. وهذه رابعة.
ورأينا كيف توحدت كل فئات المجتمع، عندما تعلق الأمر بتركيا، وبمستقبل تركيا، الجميع أصبح كجسد واحد. وهذه خامسة.
كما تابعنا بكل أسف، من سعى إلى دعم هذه المحاولة من أجل الانقلاب على الحكومية الشرعية المنتخبة من قبل الشعب، وهذه سادسة.
حسنا، ماذا سأفعل الآن؟
لهذا فإنّ من يسمح لكل منتسبي فتح الله غولن بعمل أي شيء، حتى لو كان مثقال ذرة، او تصرف معهم بإيجابية، او احتوته أي من مؤسسات الدولة، او غطت الدولة الطرف عنهم، فوالله ثو والله وبكسر الهاء سأحاسبهم في الدنيا وفي الآخرة. ومن أسمع أنه قام بذلك، لن أمنحه صوتي فحسب، وإنما لن أرد عليه السلام.
أنا رأيت بعيني الاثنتين يوم أمس كيف كانت "الأمة التركية"، ولذلك سأعمل جاهدا لأكون جزءا فاعلا وكاملا من هذا الشعب العزيز الأبي، فهذا الشعب هو الذي يضم نساءً قالوا لأولادهم "اليوم يومكم"، وهو الذي يضم رجالا لبسوا أكفانهم وساروا في مواجهة الدبابات، وهو الذي يضم شبابا قالوا "لبيك" عندما وجه زعيمهم نداء حماية الوطن، والقائمة تطول.
وهناك أيضا أسماء "سقطت" من قائمة الوطن والشعب والأمة، وعددهم ليس بقليل، لكنني لن أنسى هؤلاء الخونة أبدا.
يقول غينسبرغ: "لا تقلق يا صغيري، فبناء هذا الشعب قوي ومتين، لا يمكن لحفنة من فئران المجاري أنْ تكسر لبنته، كن مرتاحا".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مواضيع أخرى للكاتب
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس