ترك برس
اعتبر الإعلامي العربي البارز مدير قناة الجزيرة السابق ومدير منتدى الشرق "وضّاح خنفر"، أن ليلة السبت التي شهدت محاولة الانقلاب الفاشلة ضد الحكومة التركية المنتخبة، سوف تدخل التاريخ التركي وتاريخ المنطقة كلحظة فارقة سياسيًا في الوضع الداخلي التركي وفي السياسة الخارجية التركية.
وأوضح خنفر في بيان صحفي له، أنه في الوضع الداخلي التركي يبدو أن الجيش والقوى الداعمة له لم تكن على مساس حقيقي مع المجتمع التركي يعني أنها قوى قديمة لازالت تعيش في الماضي ولم تدرك بعد أن المجتمع التركي بكل قواه الاجتماعية والاعلامية والثقافية والحزبية قد وصلت إلى لحظة النضج الديمقراطي.
وشدّد خنفر على أن المجتمع التركي اليوم يعرف أن الديمقرطية تأتي له بالازدهار الاقتصادي والاستقرار السياسي وأيضًا بنمط جديد من الحياة يستطيع أن يستمتع فيه بقوة الدولة وأن يستظل بظلها في مقابل الانقلابات السابقة التي كانت فيه الدولة خصم للناس.
وأشار الإعلامي الفلسطيني إلى أن هذه المصالحة التاريخية التي حصلت في السنوات الماضية ما بين العقل المجتمعي الشعبي والدولة حمت المشروع الديمقراطي، لأنه لم يعد مشروعا للحكومة أو لحزب العدالة والتنمية أو للرئيس رجب طيب أردوغان، وأصبح مشروعا حقيقيا لعامة الناس حتى بعض الغاضبين من السياسات الحكومية التركية.
وقال خنفر "إن القديم فشل في مواجهة الجديد، وهذه نقطة أساسية وبالتالي الذي ضمن فشل الانقلاب هو الناس، والملكية الحقيقية لهذا النجاح ينبغي أن تعود للمجتمع، للشعب التركي والوعي الذي تشكّل بفضل عملية التحول التي التي مرّ فيها الأخير خلال السنوات الماضية"، مبينًا أن الحكومة التركية الحالية والرئيس التركي ومؤسسات الدولة، سوف تستثمر هذه اللحظة لترسيخ العملية الديمقراطية حتى تصبح مسألة غير قابلة مستقبلا حتى للنقاش أو للحديث فيها.
وهناك الآن محاولة تطهير الكثير من القوى التي كانت قد شاركت في الانقلاب الفاشل، إلا أن خنفر يرى أن الأهم من ذلك ما سيتلوا بعده، متوقعا أن "تكون هناك حالة من المصالحة، الآن بدا لنا جميعا أن الحكومة والمعارضة وإن كانا على طرف نقيض في كثير من السياسيات قبل الانقلاب اقتربا كثيرا عندما تعلق الأمر بالوجود الديمقراطي فيه".
وفيما يتعلق بالسياسة الخارجية التركية، أوضح خنفر أن الأخيرة مرّت قبيل الانقلاب بحالة من الانتقال، اذ كان هناك انفتاح بانتجاه روسيا وتوقيع اتفاقية مع إسرائيل، وكانت هناك تصريحات في اتجاه التصالح مع كثير من دول المنطقة التي كان فيها إشكالات، معربًا عن اعتقاده أن هذا الانقلاب سيُحدّد آلية وطريقة وفلسفة العلاقة مع دول الجوار والعالم.
وأضاف أن "الاتحاد الأوروبي كان دائمًا يتكلم في الشهور الماضية عن تركيا التي وقّع معها الاتفاق في مسألة اللاجئين وبدأت مسألة الغزل الأوروبي، ولكن لو أخذنا الساعات الاولى من الانقلاب لوجدنا أن التردد بل ربما الارتياح الضمني لبعض التصريحات الأوروبية حيال الانقلاب، هذه سوف تُأخذ بالاعتبار في السياسة الخارجية القادمة".
ومعلّقا على تصريحات بعض السياسيين الأوروبيين على الانقلاب في تركيا وضرورة التزام الحكومة التركية بحقوق الانسان وغيرها، قال خنفر مستهزءا: "كأن الاتحاد الأوروبي يعتقد نفسه مازال ناديًا للمحظوظين مع العلم أنه يعيش حالة بائسة، وأعتقد أن غالبية المجتمع التركي وفي مصادر صناعة القرار التركية بدأوا يبتعدوا كثيرا عن فكرة الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي بسبب الازمات الاقتصادية والسياسية الأخيرة".
وهذا الأمر سيطال العلاقات التركية الأمريكية، حيث أعرب خنفر عن اعتقاده بأن هناك جدلا يتم حاليا في أوساط الحكومة التركية حول النقاط التي كانت تعرفها الولايات المتحدة الامريكية عن الانقلاب وماهو موقفها الاول تجاهه، موضحًا أن "هناك إعادة تقييم للسياسة الخارجية التركية لأن الانقلاب كان ينبغي أن يكون دمويًا، يُقتل فيه الرئيس والكثير من قيادات الدولة قم من بعد ذلك يكون انقلابا على المنهج والطريقة والوزن الاستراتيجي وطريقة تعامل تركيا مع دول الاقليم".
ودعا إلى مراقبة كيفية تأثير الحالة السيكولوجية العميقة جدًا في المجتمع التركي والحكومة التركية، وكيف ستؤثر في بناء تركيا الجديدة وطريقة تعامل تركيا مع دول الجوار وتعميق السياسية التركية بشكل أصبح لديه الآن مرتكزات يبني عليها، مشدّدا أن المسألة لم تعد عبارة عن أماني في إعادة بناء العلاقات، وإنما سيصل صانع القرار السياسي التركي إلى قناعة بأن الأطراف لن تقبلك حتى وإن غازلتها وتتقرب إليها لأن في النهاية معنية بزوالك، وبالتالي يمتلك القوة الشعبية اللازمة لإسقاط أي محاولة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!