رائد الجندي - خاص ترك برس
لقد كان للوعي الشعبي التركي وسعيه لبقاء الديمقراطية أثر كبير في فشل الانقلاب العسكري ضد الحكم الشرعي في البلاد. لكن عندما يستطيع هؤلاء الانقلابيون المجرمون العمل على قطع الجسور بالدبابات وقصف المناطق المدنية والمؤسسات الرسمية بطائرات حربية... فلا بد للقيادة الحاكمة مراجعة فراغها الأمني الكبير الذي حصل، إضافة لمعرفة من سعى إلى هذا الانقلاب.
وبالفعل... نرى اليوم سعي القيادة الشرعية بالعمل السريع للكشف عن مواطن الخلل، ومن كان يقف بشكل مباشر وراء كل ماحدث في يوم الانقلاب الفاشل باتهام فتح الله غولن (الكيان الموازي).
لكن اليوم على رئاسة الجمهورية التركية اتخاذ عدة قرارات جريئة وعاجلة لمواجهة ليس فقط الكيان الموازي، وإنما مواجهة من يدعم هؤلاء ويمدهم بالسلاح والمال وبأفكار خبيثة كنظام بشار الأسد...
إن بقاء الرئيس أردوغان دون خطر انقلاب آخر عليه مرتبط صراحة برحيل الأسد.
فالتردد التركي بالتدخل العسكري في سورية لوقف الدم السوري وللقضاء على الأسد سمح للروسي والإيراني وغيرهم بالتدخل للدفاع عنه، ولجعل كيانات كردية تستمر بالتغلغل تمهيدا لإقامة كيان متصل مع كيانهم المنظور على جزء من الأراضي التركية، وبالنهاية لم يكن المتضرر من ذلك سوى الشعب السوري والدولة التركية... وأنت سيدي الرئيس...
نعم إن اعتقال من تورطو بالانقلاب الفاشل إجراء مهم، والكيان الموازي يجب القضاء عليه نهائيًا، لكن هذا الكيان يستمد قوته يومًا بعد يوم من أعدائك الآخرين، كعصابات حزب العمال الكردستاني المعروف باسم (بي كي كي) والأسد وشبيحته ومن يدعمهم سرًا وعلنا عربيًا وغربيًا.
وإن كل نقطة دماء سالت في تركيا مسؤول عنها الأسد وحلفاؤه قبل الانقلابيين أنفسهم لأنه هو محركهم، وقد كان هو ملاذ من استطاع الفرار منهم.
إن بقاء الأسد في السلطة يعني أن هناك عواقب ومخاطر جديدة تنتظر تركيا، وتنتظرك شخصيًا سيدي الرئيس، فهم لم ولن يكفوا عن سحق وتدمير 14 عامًا من النجاح والازدهار والتطور تحت قيادتك.
نعم لقد كانت قيادتكم سيدي الرئيس للجمهورية التركية قيادة ناحجة ومليئة بالإنجازات العظيمة، لكن من أجل استمرارها يجب أن تتبعها جرأة القرار بالقضاء على الأسد عسكريًا، عندها فقط سيزول خطر الإرهاب الذي يضرب تركيا كغيرها، وسيمنع أي انقلاب جديد قد يهدد سلطتكم الشرعية...
سيدي الرئيس جميعنا رأى إجرام هؤلاء الانقلابيين، فإجرامهم لا يختلف عما يفعله الأسد بشعبه، فهم يمشون ضمن منهج واحد ومشترك، وإن حصل إنقلاب آخر ونجح - لا قدر الله - فهم لن يتوانوا عن ارتكاب المجازر بحق الشعب التركي، ولن يمنعهم أحد من اغتصاب السلطة الشرعية في تركيا، واستهداف أمنكم شخصيًا، عندها لن ينفع الندم بالتأخر عن قرار الحسم بحق هؤلاء وبحق الأسد...
سيدي الرئيس طالما أن هناك حدودًا مشتركة بين بلادكم وبين دولة جارة كسورية فيها حرب دموية مستمرة، فلن تهدأ حال تركيا وستبقى هي أيضًا في حالة توتر وخطر.
فتركيا تقع على شفا حفرة من نار ملتهبة، فالحرب السورية تزداد سخونتها، ولهيب الصيف هذا العام يزيد من حرارتها، والشعب التركي بدأ يشعر فعلًا بحرارة الحرب وهي تقترب منه.
أيضًا يجب التفكير جديًا بإغلاق قاعدة إنجرليك التركية بوجه الأمريكيين الذين تغلغلوا داخل البلاد لتحريض الكيان الموازي على الانقلاب ودعمه.
فكيف لنا أن نفهم أن تركيا تحارب عصابات (بي كي كي) الإرهابية، في حين تستخدم الولايات المتحدة قاعدة إنجرليك لدعم حلفائهم – قوات سورية الديمقراطية - جوًا بحجة قصف داعش، وبذلك نضع نقطة استفهام كبيرة على رئيس الجمهورية التركية، إنكم تسمحون بدعم من يحاربكم، فكيف ذلك!!
إذًا سيدي الرئيس – نظام الأسد وقاعدة إنجرليك التركية يجب حسم أمرهما فورًا ودون تردد ـ فمن يستطيع أن يخون وطنه وشعبه ويدخل شريكا مع الأمريكيين وحلفاء الأسد والكيان الموازي لاغتصاب السلطة الشرعية ولقتل أبناء وطنه، لا بد من الحسم معهم وعدم الرحمة تجاههم، ومواجهتهم ليس فقط داخل البلاد وإنما خارجها، لأنهم يومًا بعد يوم ستزداد قوتهم من جديد خارجيًا، ليكملوا مخططاتهم الإرهابية داخليًا، فإن لم ينجحوا اليوم فقد ينجحون غدًا لا قدر الله.
فلا بد من إنهاء الحرب السورية والقضاء على الأسد عسكريًا، وعندها سَتُكسر شوكة الكيان الموازي والبي كي كي، وسيعلمون مدى قوة وصلابة الجمهورية التركية حكومة وشعبًا، وعندها أيضًا يكون قد قطع الطريق أمام كل من يؤيد أفكار ونهج وإجرام أولئك المجرمين، ليعود الاستقرار لتركيا وسورية وللمنطقة كلها...
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس